ما يقدر على القدرة إلا الله!
ما يقدر على القدرة إلا الله! «1»كثر الكلام هذه الأيام عن استشراء حوادث الطلاق بعد زيجات استمرت لمدة عشرين وثلاثين سنة !! وطبعاً أصبح أمر الطلاق بين الشباب خاصة فى السنة الأولى للزواج عاديا جداً بعد أن أثبتت الاحصائيات أن حوالى 32% من الزيجات تفشل فى السنة الأولى من الزواج! سلمنا أمرنا لله وقلنا ربما عدم التوافق أو عدم التفاهم أو اختلاف الطباع أو لأسباب اقتصادية أو نفسية وعندما سألت الدكتور عبدالرحمن المغازى هو خبير اجتماعى بجهاز الإحصاء المصرى عما إذا كان هناك من يعودون للحياة الزوجية بعد الطلاق من هؤلاء الشباب قال إن نسبة العائدين لا تزيد على عشرة فى المائة فقط كثيرا ما تفشل المصالحة بعد فترة قصيرة!
طيب .. ماشى ... هذا هو أمر الشباب وأول سنة زواج ولكن السؤال.. لماذا زادت نسبة الطلاق بين أزواج وزوجات عاشروا بعضهم البعض أكثر من عشرين سنة ومنهم من أنجبوا وتخرج أولادهم وتزوجوا؟
وجاءت الإجابات مختلفة ومتباينة مثلا قالت إحدى المطلقات بعد عشرة عشرين سنة أنها صبرت وتحملت المكاره والظلم حتى تخرج أولادها وتزوجوا ثم وجدت أنه لاشىء يدفعها للتحمل والمعاناة بعد أن استقل أولادهما بحياتهما وقررت الرحيل والبعد عن الزوج الذى عانت منه كثيراً وتقول أنه من العجب أنه لم يعارض بل يبدو أنه رحب بالموضوع وتم الطلاق وأخذ كل واحد حقه!!
أقول أننى لا أحب فكرة الطلاق مطلقاً لأنه أبغض الحلال عند الله، لكن أحيانا يكون هو الحلّ الوحيد، لكنى أعود وأقول أن العشرة الطويلة لها أحكام؟ والبيت المتماسك الذى فيه الأب والأم يعتبر «عزوة» ومكانا آمن وملجأ للأولاد الذين تزوجوا إذا رغبوا فى العودة لبعض الوقت أو التغيير ولكن.. هل يكون ذلك على حساب صحة وأعصاب الأم التى عانت وضّحت كثيراً من أجل أولادها؟
أحب أن أسمع رأى قرائى وقارئاتى فى هذا الموضوع بالذات فالحقيقة أننى احترت كثيراً وفى النهاية ما يقدر على القدرة إلا الله سبحانه وتعالى وكل إنسان له قدرة على التحمل وأحياناً تنتهى تلك القدرة ويصبح فى موقف من لا يستطيع أن يتحمل كلمة أو حركة أو حتى إشارة!
حكاية اليوم هى إحدى حكايات البحث عن الطلاق بعد عِشرة ستة وعشرين عاماً بالتمام والكمال وصاحبة المشكلة سيدة فاضلة فى العقد الخامس من عمرها لها حكاية فريدة فى نوعها وسوف أدعها تحكى لك حكايتها بنفسها!
قالت السيدة زاهية .. فى حكاية غريبة بعض الشىء فأنا ابنة لأب عربى الجنسية وأم مصرية والحكاية أن والدى كان يرتبط بصلة صداقة وتجارة مع أسرة مصرية من أكبر الأسر بمحافظة الشرقية وكان هناك عمل تجارى مستمر بين أسرة والدى وأسرة والدتى ثم حدث النصيب وتقدم والدى لخطبة أمى وتم زواجهما وأقاما فى بيت محترم وهناك ولدت أنا وإخوتى الستة وعشنا فى بحبة ويُسر ودخلنا الجامعات وتعلمنا وتخرجنا جميعاً وبدأ العرسان يترددون على بيت أبى يطلبون يدى وأيدى إخوتى البنات اللائى يكبرننى بسنة وسنتين فقط.
وكان النصيب مع همام شاب مبتدئ ميزته أن والده كان صديقاً لوالدى وبل يعتبر شريكا له فى تجارته وكنت أصغره بثلاث سنوات فقط ولم أكن قد أكملت دراستى الجامعية بعد لكننى أكملتها بعد الزواج!
وتستطرد السيدة زاهية.. تعرفين أن طبيعة البيت العربى الذى جاء منه والدى - ومازال أهله هناك ولهم أملاك شاسعة فى بلدهم - طبيعة والدى وتربيته كانت تحكمنا ولم يكن هناك صوت يعلو على صوت أبى ولا خروج للبنات ولا دخول إلا بإذن ومن هنا كنت «قطة مغمضة» عندما تزوجت وقام والدى وصديقه بعمل كل ما يلزم وانتقلت إلى بيت زوجى ولم أكن أعرف إلا الطاعة والامتثال لأمر الأب والزوج بعده وخلاص! كان زوجى شيخاً فى عواطفه وإنفاقه وأمرنى بأن اكتفى بولد وبنت فقط وكان يحاسبنى بالمليم والقرش ثم طلب منى أن أعطيه كل مجوهراتى لكى يبدأ مكتبا كبيرا باسمه هو للمحاماة بالمدينة التى نعيش فيها وبالفعل أعطيته الشبكة والمجوهرات التى اشتراها والدى أيام الخطبة والزواج ولم أتردد ولم أقل لوالدتى أى شىء عن هذا الموضوع حتى سألتنى عن ذهبى وكردانى الكبير ولماذا لا أتحلى بأى خواتم فى أصابعى ولما كنت لا أعرف الكذب فقد أخبرتها بالحقيقة وكان سرورى شديدا عندما وجدتها تقول إن ذلك هو واجب الزوجة وعما قريب عندما يفتح مكتبه الجديد ويعرف الناس طريقهم إليه فسوف يعوضني كثيرا!
ساحة النقاش