أغنية «جواب»

كتب : محمد نصر

أحب حسنى البقال ابنة عبدالبديع - صاحب البيت الذى يقع فيه دكانه، ذهب لسداد الإيجار فى بيتهم بشارع الكعبة، فتحت له الباب فسعد لرؤيتها، وظل شاردا طوال الوقت وهو يحدث والدها، حكى لوالده وأمه عنها، فرحبا بخطبتها، ورحب والدها بذلك فحسنى ولد طيب ومصلى ويعرف ربنا.

لكن ابن عمها الذى يسكن البيت المقابل للدكان لم يعجبه الحال، فهو يحب الفتاة ويريدها منذ سنوات طويلة، لكن والدها وباقى الأسرة لا يريدونه لها، فصب جام غضبه على حسنى كان يرميه بالطوب من بلكونته العالية، فيكسر زجاج الفاترينة، ويسلط الأولاد لكي يضعوا الشحم والقاذورات على أقفال الدكان الكثيرة. وأرسل إليه رجال الصحة ليسألوا ويفتشوا عن الشهادة الصحية، وأرسل إليه رجال التموين ليسألوه عن التسعيرة. آخر ما فعله معه، أن أرسل إليه طفلا صغيرا ليرمى قطعة قماش مشتعلة فى قزان الجاز فأشعل الدكان، ولولا تدخل أهل الحارة لتفحم حسنى داخل دكانه. يومها حملوه مغميا عليه إلى بيته القريب بعدها قرر حسنى بموافقة أمه وأبيه على ترك مسألة زواجه من هذه الفتاة.

كانت حنان التى تسكن البيت المجاور لبيت حسنى تراقب ما يحدث باهتمام شديد، فهى تحب حسنى وتريده زوجا لها، لكنه كان مشغولا عنها بابنة صاحب البيت أحست حنان بالسعادة للنهاية التى انتهت بها قصتهما معا. وبدأت فى التدخل، كانت تراقب الدكان من شرفة بيتهم. عندما تتأكد أن حسنى وحده فى الدكان، تسرع وتذهب إليه. تشترى منه أى شئ، وتحدثه، تسأله عن صحته، ويحكى لها ما حدث له من هذا الشاب المفترى.

لاحظ أهل الحارة أنها تهتم بحسنى، فكانوا يراقبونها، أحيانا كانت تذهب إليه فتجد أبوه موجودا فى الدكان، فتشترى أى شئ وتعود إلى بيتها، فيحس أهل الحارة بما حدث، يقولون.

- أكيد لم تجده فى الدكان وحده.

وكان شباب الحارة الذين يكثرون من الوقوف بجوار الدكان يتابعون هذا بدهشة أحدهم يسرع خلف حنان، ويتظاهر بشراء شئ من الدكان، وعندما يلف له حسنى ما طلب، يقول له:

- أرجو أن تبيع للآنسة، فهى تقف أمامك منذ وقت طويل.

فيعطيها حسنى طلبها مسرعا وهو يخفى غيظه وخجله.

أم حنان متوفاه منذ أن كانت صغيرة، ووالدها مشغول بعمله لا يعود منه إلا متأخرا، وزوجة أبيها تعرف ما يحدث ولا تعلق بشئ، فهى تريدها أن تتزوج مسرعا لتذهب بعيدا عنها. كانت تفكر أحيانا فى التحدث معها فى هذا الشأن، لتشجعها على الاستمرار فيما تفعل حتى تضطر حسنى إلى المجيئ إلى البيت لخطبتها، لكن المرأة فضلت الصمت متابعة الموضوع من بعيد.

أقيم حفل فى بيت قريب من بيت حنان، صديقة لها ستتزوج، فذهبت إلى هناك قبل بدء الحفل، التفت الفتيات حول العروس، وغنين لها كعادتهن فى كل حفل. يومها أمسكت حنان الميكرفون وغنت أغنية عبدالحليم حافظ المشهورة وقتها «جواب»

حبيبى الغالى، من بعد الأشواق أهديك كل سلامى

وحنينى وغرامى

روح قلبى، حبيبى حياتى

مشتاق لعينيك، مشتاق لك

مشتاق وأنا لسة مقابلك

غنتها حنان، وقالت إنها تهديها لحسنى البقال، قالت هذا فى الميكرفون أمام الجميع، وقتها كان والدها فى عمله، وأختها التى تصغرها بعامين فى حجرتها، وقفت مندهشة وصرخت وقالت:

 

- الله يكسفك يا حنان.

وضربت زوجة أبيها على صدرها قائلة:

- فضحتنا البنت.

أخوها الوحيد الصغير كان بعيدا عن الحى فى هذا الوقت، فلم يسمع ما قالته، لكن زملاءه الذين سمعوا هذاحكوا له، فدخل البيت باكيا:

- هل جننت؟!

أحست هى بهول ما فعلت، فظلت شاردة وخائفة من عقاب والدها عندما تحكى له زوجته .

لكن المرأة لم تحكى فقد يعجل هذا بزواجها، وترتاح منها.

 

المصدر: مجلة حواء- محمد نصر

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,056,605

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز