أعمال التخريب والتكفير والإفساد .. من المحرمات
كتبت :أمل مبروك
إن القيام بالتخريب والإفساد هو عمل اجرامى خطير وعدوان على الأنفس المعصومة وإتلاف للممتلكات العامة .. ويقول عنه النبى صلى الله عليه وسلم : .. ومن خرج على أمتى يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفى لذى عهد عهده فليس منى ولست منه ، أخرجه مسلم . ومن زعم أن هذه التخريبات من الجهاد فذلك جاهل ضال فليست من الجهاد فى سبيل الله فى شيء. وإنما هى من تلبيس الجاهلين والمغرضين
- فى ظل مانراه هذه الأيام من أعمال الفوضى والتخريب وآخرها ما حدث من شغب فى مباراة الزمالك وتخريب لمحتويات ستاد القاهرة وما يحدث من هدم الأضرحة واتهام زائريها والمصلين فيها بالكفر .. ما هو رأى الشريعة أصحاب هذه الأفكار ومنفذيها ؟
سارة عبد المنعم - مهندسة اتصالات
- يؤكد فضيلة د. أحمد عمر هاشم _ عضو مجمع البحوث الإسلامية - أنه من المقرر والثابت في شريعة الإسلام أن السرقة حرام، وأن فاعلها تجب معاقبته، قال تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، وأن أعمال القتل والترويع للآمنين، والتدمير والإتلاف للممتلكات العامة أو الخاصة، التي تقوم بها بعض العصابات المسلحة وبعض البلطجية المأجورين، هي من الإفساد في الأرض، لا تقره مبادئ الإسلام، وتحرمه شريعته الغراء، وقد نهى الله تعالى عنه في قوله: وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ، وقوله تعالى: وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ. وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ)، وقوله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. وأن مرتكبي هذه الأفعال هم مجرمون مفسدون في الأرض، مستحقون لعقاب الله في الدنيا والآخرة، وقال تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ.
ومن المؤسف حقا ما نراه من بعض الشباب المتعجل قليل العلم من إثارة للفتن وعدم اتباع لأقوال وفتاوى العلماء الكبار ومن اتباع لأهل الأهواء والآراء والأفكار المنحرفة دون أهل الدليل والاستنباط الذين أمر الله تعالى بسؤالهم فقال : وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول والى أولي الأمر منهم ، وقال: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون .
فقد وجد في بعض شباب المسلمين من يميل إلى إخلال الأمن و التخريب وهؤلاء أشد ضرراً من الخوارج. قال تعالى : إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ، لقد اتخذوا مرشديهم من شياطين الإنس أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون كما قال تعالى : إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله يحسبون أنهم مهتدون، وأكثرهم من الحزبيين أو المغرر بهم. قال تعالى : فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ، وقال: الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، فقد اتبعوا سبيل الغاوين ولم يتبعوا سبيل المؤمنين قال سبحانه: إن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ، وقال: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراًُ .
أشباه الخوارج
وضرر هؤلاء كبير على البلاد والعباد، يرعبون الآمنين ويثيرون الفتن والقلاقل ويعتدون، قال تعالى: ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، ويشابهون الخوارج في أفعالهم واتباعهم للأهواء، وأول من ظهر من هؤلاء أشباه الخوارج الذى عرف باسم الخويصر .. وكان قد قدم رأيه على قول وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبع فكره دون دليل شرعي واتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم العدل وقال له: اتق الله لم تعدل في قسمة ما وصل من اليمن. قال ابن الجوزي رحمه الله : وهذا أول خارجي خرج في الإسلام رضي برأى نفسه ولو وقف لعلم أنه لا رأي فوق رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفي الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيكون من جنس هذا الرجل قوم يمرقون من الدين علامتهم رجل أسود مخدج اليد ، وفي رواية: يخرجون من الناس سيماهم التحليق ، إن الذي لا يلتف على العلماء ينحرف عن طريق الحق. مر عليّ رضي الله عنه على الخوارج بعد قتالهم وهم صرعى فقال: لقد صرعكم من غرَّكم قيل من غرَّهم قال الشيطان وأنفس السوء فقال أصحابه قد قطع الله دابرهم إلى آخر الدهر فقال: كلا والذي نفسي بيده إنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء ولا تخرج خارجه إلا خرجت بعدها مثلها وإن منهم لمن يكون مع الدجال ، فمنشأ كل ضلال وفساد تقديم العقل على النقل والهوى على الهدى ورحم الله الإمام البخاري عندما رتب صحيحه فبدأ بكتاب الوحي وقد قسم الله تعالى الناس في كتابه إلى قسمين: متبع الهدى ومتبع الهوى، فقال: فإن لم يستجيبوا لك فاعلم إنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه . وهؤلاء في الغالب أحداث أسنان سفهاء أحلام. قال صلى الله عليه وسلم: سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة ، رواه البخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد غَرَّهم من تصدر للفتيا من حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام ممن يفتون بالنوازل بدون علم، ولا استنباط فضلُّوا وأضلُّوا وتكلموا بدون رجوع إلى العلماء الكبار ولا تجربة ولا خبرة ولا رأي سديد ولا معرفة بالمصالح والمفاسد ولا موازنة بين الأمور سَفهُوا العلماء الكبار المستنبطين للأحكام وتعالوا عليهم وتطاولوا وفرحوا بما عندهم من العلم وهم من أجهل الناس متشددين متنطعين. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدين يسر ولن يشادّ الدين أحد إلا غلبه، رواه البخاري.
شروط التكفير
وهؤلاء يكفّرون الناس ويفسقونهم. عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من دعا رجلاً بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا جار عليه« رواه مسلم .. إن من كان بالامكان حمل كلامه أو فعله على محمل حسن أو قال في مسألة خلافية بين العلماء أو ظنية فلا يجوز تكفيره ولا تفسيقه كما لا يجوز تكفير من يوجد شُك في كفره لأن الثابت لا يزول إلا باليقين ولا يجوز تكفير أهل القبلة إلا بشروط التكفير المعتبرة عند أهل العلم قال صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما لنا وعليه ما علينا ، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه ، رواه البخاري ومسلم .
وهؤلاء لا ينظرون إلى المصالح العامة وأنها مقدمة على غيرها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إذا كان الشخص أو الطائفة جامعين بين معروف ومنكر بحيث لا يفرقون بينهما بل إما أن يفعلوهما جميعاً أو يتركوهما جميعاً لم يجز أن يؤمروا بمعروف ولا ينهوا عن منكر بل ينظر فإن كان المعروف أكثر أمر به وإن استلزم ما دونه ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف أعظم بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله وزوال فعل الحسنات.
وقال رحمه الله: ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر وإنما العاقل من يعلم خير الخيرين وشر الشرين .
نسأل الله تعالى أن يعيذنا من الفتن وأن يحمي هذه البلاد وحكامها وشعبها وعلماءها من كيد الأشرار.
ساحة النقاش