ليس كله إيجابياً..العلاج بالتأمل ..
كتبت :سمر عيد
يخلصك من الحزن ..منذ نعومة أظافري والجهل الاجتماعي يلازمني لذلك لم أتخيل أن طبيعة عملي سوف تفرض علي التحدث في الميكروفون أمام الناس خاصة أنني اخترت الأبحاث العلمية مجالاً لعملي لكن لسوء حظي أو حسنه كما يراه البعض تفوقت فتم اختيارى لأحاضر في المنتديات الدولية .. وهنا أصبت بالتلعثم والخجل حتي فقدت القدرة علي النطق والتعبير .. وقد نصحني أحد الزملاء الأجانب بالعلاج التأملي .. فقالت .. ماذا يعني العلاج بالتأمل ؟! . وأي الأمراض يصلح له؟؟؟l
بالتأمل فى أمراض كثيرة كالأنفلونزا وضغط الدم والقولون العصبى وأغلبية الأمراض النفسية ، قد توصل علماء أمريكيون فى كلية (ماهارينسى) بولاية (إيوا) الأمريكية إلى أن التأمل والأسترخاء قد لايعطيان الإنسان الإحساس بالأمان النفسى بل قد يبعدان خطر انسداد الشرايين وبالتالى خطر الإصابة بنوبات قلبية أو سكتات دماغية ، وتوصل العلماء إلى أن التأمل يقلل من النوبات القلبية بحوالى 11% والسكتات بحوالى 15% ، واستند الباحثون فى ذلك على دراسة على عينة تبلغ 138 شخصا حيث يتم فحص سمك شرايين الرقبة لديهم وضغط الدم أيضا بواسطة الموجات الفوق صوتية وذلك بعد إخضاع مجموعة منهم لجلسات تأمل مرة كل منها 20 دقيقة مرتين يومياً ، كما استخدم بعض العلماء البريطانيين التأمل لعلاج المدمنين على الكحول والمخدرات ، كما أثبتت الأبحاث الفرنسية أن التأمل يخفف من آلام الدورة الشهرية عند النساء وأنه يستخدم كعلاج مساعد لحالات العقم .
التأمل في مصر
ولقد بحثنا عمن يستخدمون العلاج بالتأمل فى مصر ومن قاموا بأبحاث فى هذا المجال وهم قلة فى الحقيقة حتى التقينا بالدكتور ضياء الدين عادل محمد حسنى أستاذ علم النفس الإكلينيكى بالجامعة الأمريكية وعضو منظمة الإرشاد النفسى البريطانية والذى حدثنا قائلاً :
بالنسبة للعلاج بالتأمل فهو لم يستخدم فى مصر إلا كعلاج مساعد فى بعض الأمراض النفسية ، ولقد استخدمت العلاج بالتأمل مع بعض الحالات التى كانت تعانى من صدمات أو توترات معينة ولكن قبل الحديث عن الحالات التى شفيت باستخدام العلاج بالتأمل علينا أن نعرف أولاً ماهو التأمل :
التأمل هو أحد أنواع العلاجات النفسية القديمة التى ظهرت فى العصر الرومانى وتتابعت علي مر العصور حتى وصلت إلى (فرويد) عام 1900 حيث كتب فصلاً فى كتابه (الأحلام) ذكر فيه جزئية التأمل من خلال مايسمى (بالتداعى الحر أو الطليق) وهنا يستلقى المريض على ظهره ويسترخى ويغلق عينيه ويستدعى أية خبرة مرت عليه سواء كانت سلبية أو ايجابية ، ولقد استخدمنا هذا العلاج لدى شخص تعرض لحادثة إعتداء جنسى حيث توقف هذا الشخص عند هذه الحادثة وهو فى الثالثة عشرة من عمره وبدأ فى التداعى الحر أو الطليق ثم بدأ يلقى اللوم على والديه اللذين لم يؤمنا له الحماية الكافية واعتبرهما مسئولين عما حدث له وبدأنا بعلاج حالته النفسية وعلاقته بأبويه وأقرانه حتى شفى تماما من تلك الصدمة .
ولقد بدأ العلاج بالتأمل يمارس بالفعل كأحد أنواع العلاجات النفسية السلوكية على يد باحث اسمه (موينو) وباحث أخر اسمه (جاكو بسون) فى الفترة مابين 1950 وحتى الستينيات وبدأ يتطور حتى وصلنا إلى عام 1985 حيث تم استخدامه بالفعل فى علاج الهستيريا التى هى عبارة عن ظهور بعض الاختلافات فى الصوت وحركة الجسم ، والتلفظ ببعض الألفاظ غير اللائقة ، واستخدام التأمل فى علاج مايسمى بالشلل الهستيرى الذى يحدث معه شد فى مجموعة من المجموعات العضلية نتيجة صراع بين عاملين العامل الأول :
هو المعايير والأعراف والمعتقدات والعامل الثانى : هو الفروق الاجتماعية ، ولقد أخذنا مثالاً على ذلك مايحدث للجندى فى المعركة مثلاً حيث يصاب بعض الجنود بالشلل الهستيرى فيقفون فى أماكنهم ولايستطيعون الحركة ولا مقاتلة الأعداء ، وأنا أؤكد على أمر هام هو أن العلاج بالتأمل لايستخدم كعلاج منفرد وإذا كان الباحثون الأمريكيون قد استخدموه فى علاج بعض الأمراض فهذا لايجوز طبياً لأن العلاج بالتأمل هو علاج تكميلى فقط وليس علاجاً أساسياًً فهو لايستخدم لعلاج السرطان ولكنه يستخدم لتقليل الآلام الناتجة عنه ، ولا الأنفلونزا ولا القرحة ، ولكنه يستخدم كعلاج مصاحب للأدوية والعقاقير مع مرضى الاكتئاب والهوس وفقدان الترابط ،ولقد استخدم العلاج بالتأمل فى علاج مرضى القلق والمرضى الذين يعانون من فوبيا الأماكن الضيقة والمغلقة والمرتفعات عن طريق استخدام استراتيجية التأمل التخيلى .
خطورة العلاج بالتأمل
ورغم قناعة البعض بالعلاج التأملى إلا أن هناك أطباء يرفضونه بشدة وهو ما تؤكده الدكتورة إيمان سرور أستاذة علم النفس من جامعة الإسكندرية وزميلة الكلية البريطانية للطب النفسى أن العلاج بالتأمل أمر خطير للغاية لأنه من الممكن جداً أن يدخل المريض فى حالة اكتئاب حاد ومزمن فلو كان لدى الشخص تجربة سيئة وركز تفكيره فيها لأصيب بالإكتئاب ولو تعرض مثلاً لحادث اعتداء جنسى وركز تفكيره فيه قد يصاب بانهيار عصبى ولكى نطبق هذا الاسلوب فى مصر لابد من وجود تقنيات كبيرة جداً ، وأنا أؤكد أن احتمال أن يؤدى هذا العلاج إلى نتيجة عكسية قد تكون نسبته 50% .
لابد من التدريب الجيد للطبيب
بينما يرى الدكتور هاشم بحرى أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر أن العلاج بالتأمل علاج عظيم ولكنه خطير خاصة مع المرضى النفسيين وأنه ينبغى أن يتم تدريب الطبيب المعالج على هذه التقنية جيداً قبل أن يعالج بها ويقول : لدينا 3 مدارس فى الطب النفسى ، المدرسة الأولى تعالج بالعقاقير الدوائية فقط وترى أن المرض النفسى هو عبارة عن إفرازات كيميائية فى الجسم فقط لابد من علاجها بالأدوية ، أما المدرسة الثانية : فهى التى تؤكد على التحدث مع المريض والاقتراب من مشاكله ومحاولة حلها ، أما المدرسة الثالثة فتجمع بين الاثنين معاً ، والتأمل هو أحد أشكال العلاج التى يغوص فيها المريض داخل أعماقه ليفرغ شحنته النفسية من الضغوط ولقد استخدم الهنود هذه الطريقة وهى ماتعرف بالنيرفانا ، أما الصوفية فقد أطلقوا عليها مرحلة الوجد أى أن الإنسان يجعل نفسه متصالحة مع الكون كله ومن المهم أن يركز الطبيب أثناء العلاج بالتأمل على النقاط السلبية كى يعرف أين تكمن العقدة ولكن من المهم أيضاً أن يشير إلى النقاط الإيجابية فى حياة المريض كى لايصاب بالاكتئاب أو الانهيار .
الإيمان بالله
ويرى الأستاذ الدكتور طارق عكاشة أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس أن العلاج بالتأمل هو قدرة الإنسان على الهدوء والسكينة ، يعنى أن يضع الإنسان نفسه بعيداً عن مشاكله قليلاً ثم يعود ليركز فى المشكلة للوصول إلى حل لها ، هذا إذا مارس التأمل دون طبيب أما العلاج بالتأمل فى الطب النفسى فهو يزيد من الأفيونات المخية التى تهدئ من روع الإنسان فلدينا فى أجسامنا كم محدود من المخدرات والأفيونات التى تساعد الإنسان على التخلص من التوتر والحزن وتدمر هذه الأفيونات إذا ما تم تعاطى مخدرات خارجية (خارج جسم الإنسان) أما عن التأمل فهو يحافظ على نسبة الأفيونات المخلوق بها الإنسان ، والإيمان بالله والتفكر فيه وقراءة القرآن أحد أنواع العلاج بالتأمل ولكن مع الأسف لانستطيع الاعتماد على العلاج بالتأمل وحده لأن الطبيب النفسى لابد أن يستخدم التأمل مع العلاج الدوائى والنفسى والكهربائى والجراحى ، على أية حال فالطب النفسى يطالعنا بجديد كل يوم ومن يعرف قد نستغنى عن كل هذه الطرق فى يوم من الأيام ونستخدم طرقاً جديدة أخرى.
ساحة النقاش