حقوق المرأة المصرية من أجل قوة المجتمع

كتبت : ايمان حمزة

لأنه لا يبنى مجتمع إلا على وجود المرأة والرجل معا .. كثروة بشرية تستغل موارده الطبيعية من خلال عقولهم وسواعدهم وقدراتهم من أجل البناء والتعمير والأمان والسلام ، والرخاء فهل يصح بعد ذلك أننا نحتاج إلى جبهة لمساندة المرأة لتأخذ حقوقها التى تتراجع إلى الوراء بشكل خطير نتيجة قناعة البعض تارة بالفهم غير الصحيح للدين .. فالله كرم المرأة وأعطاها من الحقوق مالم تصل إليه المرأة عند أكثر الشعوب تقدما فى عصرنا الحديث .. والله سبحانه وتعالى عندما خلق آدم عليه السلام ورآه مستوحشا وحدته رغم نعيم الجنة خلق له ومن نفسه ومن ضلعه القريب من القلب زوجته حواء .. ليؤكد على حقيقة أنهما معا يكونان ويكملان الإنسان كواحد صحيح .. لا غنى لهما عن بعضهما وليكون الرجل بالنسبة لها الإحتواء وهى منه الحبيبة إلى قلبه .. وعندما أضلهما الشيطان .. أمرهما الخالق أن يهبطا إلى الأرض بعد أن تاب عليهما وكلفهما بالأمر الإلهى أن يعمرا الأرض معا بالعمل وبالبشرية .. وللأسف يحاول البعض أن يسئ للمرأة ويدعى أن حواء سبب حرمان آدم من الجنة وهى التى وسوست إليه ليأكل من الشجرة المحرمة .. ويعصى ربه ويحاولون معاقبتها وحرمانها من حقوقها ورغم أن الآيات القرآنية جاءت صريحة تدل على أن الشيطان وسوس لها هما الاثنان وأنها بريئة مما يدعون.

لماذا وبعد أن وصلت المرأة إلى مكانة أفضل إلى حد ما فى مجتمعنا بفضل كفاءتها وجهدها وعملها وكفاحها الطويل عبر التاريخ.. الذى كانت قد بدأته قوية كملكة متوجة فى عصر الفراعنة وعالمة وقاضية وجراحة إلى جانب عملها أيضا بالزراعة والصناعة .. والأهم إنجاب وتربية وتنشئة الأجيال .. كل ذلك معا وفى تنسيق بديع بين عملها ومسئولياتها كزوجة وأم وربة منزل .. ووزيرة مالية ناجحة فى بيتها تدبر وتدخر من هذا الدخل المحدود لتكفى كل احتياجات أسرتها وهو أمر يعجز عنه كثير من الرجال .. ولا أحد ينكر ذلك .

سفيرة ووزيرة

لماذا بعد هذا النجاح الذى وصلت إليه المرأة على كل المستويات يقولون انها خلقت ضعيفة من أجل العاطفة والأمومة وأعمال البيت .. إننا نعتز بذلك ولكن هى أيضا تستطيع أن تستمر فى نجاحها فى أعمالها خارج البيت فى إدارة عجلة الإنتاج على أعلى المستويات .. ففى مجال الصناعة وفى المجالات المالية البنوك وغيرها وفى مجال الكمبيوتر وتكنولوجيات الاتصالات الحديثة نجد أن الفتيات والسيدات حققن أعلى النجاحات .. وفى مجال التدريس والطب والهندسة وسفيرة ووزيرة ورئيس جامعة وحتى من تقلدن منهن العمل فى سلك القضاء أثبتن جدارتهن فى المحكمة الاقتصادية والجنائية والأسرة والأحوال الشخصية وعلى مستوى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا والنيابة الإدارية وغيرها بالعلم والعمل والخبرة وكان الرجال والمجتمع ككل يقف دون هذا عقود طويلة رغم أن الدين والشرع والقوانين ساوت بين الرجل والمرأة ولكن وقف العرف الاجتماعى والثقافات والموروثات ضدها طويلا.. لماذا بعد كل هذا التاريخ الطويل من حقوق المرأة يريد البعض أن يسلبها منها بدون وجه حق ليعيدها إلى الوراء ويحرم المجتمع من نصف قدراته فى زمن نحن أحوج ما نكون فيه إلى تضافر وتوجه كل الطاقات والقدرات.. لنخرج مما أصبحنا فيه من فوضى وتراجع اقتصادى وتخاذل وتكاسل البعض عن العمل والإنتاج.. ومستغلا الأوضاع معتقدا أن الثورة هى التحرر من كل التزام وجدية وأن يفعل كل إنسان ما بدا له وإلا يرفع سيف التشهير والأكاذيب أو البلطجة بكل أساليبها.. مستغلا هذه المرحلة الانتقالية .. رغم أنها تحتاج من كل منا أن يرد الجميل لهذه الثورة التى حررت البلاد من الظلم والفساد والاستيلاء على ثروات البلد.. من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية وحياة كريمة لكل المواطنين ثورة راح ضحيتها زينة الشباب.. وأرواح ودماء كثير من الآباء والأبناء البنات من أجل مصرنا جميعا فلماذا.. يحاول البعض أن يضيع كل ذلك هباء ويأخذنا جميعا إلى الهاوية..

مكانة المرأة والأم

الشعب المصرى الذى طالما أعلى شأن المرأة والأم التى كرمها المولى وأعلى شأنها بكل تضحياتها وجعلها أولا فى الرعاية والتكريم فالأم السيدة «مريم» العذراء كانت معجزة الخالق فى إنجاب السيد المسيح رسول الله عيسى عليه السلام لتحمل وحدها هذه المسئوليات الجسام لتربيه وتحميه من بطش ملك اليهود الذى كان يقتل كل طفل رضيع خوفا على عرشه من النبوءة.. ولتأتى به إلى مصر هربا وحماية لتجد بها كل الأمان فتدعو لشعبها ولأرضها طوبى أرض مصر مبارك شعب مصر..

وتعود من جديد تبقى معه فى دعوته إلى عبادة الله الخالق ودين المسيحية.. هذا التكليف الإلهى خصه بالسيدة مريم العذراء التى كرمها واختصها وحدها بسورة باسمها بالقرآن الكريم يبين فيها قيمة المرأة وقدرها عند الله وقدراتها التى تستطيع أن تتحملها ولا يقدر عليها الكثير من خلق الله.

والسيدة هاجر أم الأنبياء العرب وكيف ساندت نبينا إبراهيم عليه السلام ووقفت تسانده وتعبد ربها وتتقبل أوامره مهما كانت مشقتها علي أى بشر .. كيف امتثلت لتكليف الله وأن تبقى وحدها فى صحراء قاحلة هى ووليدها نبينا إسماعيل عليه السلام وقالت له اذهب فلن يضيعنا الله.. وكيف أنها امتلثت له أيضا حتى فى أصعب أمر على أم عندما كانت رؤيا نبينا إبراهيم فامتثلت هى وابنها.. لولا أن فداه الله بذبح عظيم..

والسيدة خديجة رضى الله عنها وكيف وقفت قوية فى وجه أعداء الله والرسول الكريم تؤمن به فهى أول من آمنت به من النساء وبالله الخالق الأحد.. تسانده بكل ما لديها وكانت أم أبنائه وبناته .. والسيدة عائشة التى قال عنها رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام «خذوا عن هذه الحميراء نصف دينكم» أى كلفها بمسئولية الافتاء فى أمور الدين لما كانت تلم به من خلال قربها منه وذكائها وقد وصفها بالحميراء وهى تصغير لصفتها فكانت ذات بشرة وردية وشعر أحمر اللون..

ذات النطاقين

.. وكيف كانت النساء سواسية مع الرجال فى الإيمان بالله والدعوة لوحدانية الخالق يجتمعون معا لتلقى كل أمور الدين والدنيا من رسولنا المصطفى وكيف تحملوا سويا لا فرق بين امرأة ورجل كل عذابات الكفار التى لا يستطيع أن يتحملها رجال هذا الزمن.. وكيف هاجروا جميعا لا فرق بينهما بل ان السيدة أسماء بنت أبى بكر وأخت السيدة عائشة هى من كانت تأتى بالماء والطعام لرسول الله ورفيقه فى الهجرة أبو بكر الصديق فى الغار رغم قسوة الكفار معها حتى تبوح بمكان وجوده.. حتى أنهم شجوا رأسها ولم تنطق فسميت ذات النطاقين وبشر الرسول الكريم بمكانتها فى الجنة.. أمور كثيرة تحملت المرأة فيها مسئوليتها بكل شجاعة وقوة وذكاء لا تقل عن الرجال على مر التاريخ.. فلا يليق لأحد باسم الدين أن يسئ إلى المرأة وقدراتها وينتقص من حقوقها رغم ما تقوم به على أكمل وجه من واجباتها.. فالصفحات لا تكفى لذكر كل ما قامت وتقوم به المرأة من أجل أسرتها ومجتمعها والعالم ككل.. وفى ظل الثورة المصرية الحديثة التى قامت على أكتاف الفتاة المصرية الشابة مع باقى الشباب المصرى والتى قال عنها العالم إنها أعظم ثورة سلمية وكيف أنها يجب أن تدرس للأجيال.. فشبابها أسقط النظام ونظف الميدان بعد الثورة وخرج إلى كل ميادين مصر ينظفها ويحميها المرأة والرجل معا لا فرق مع باقى أطياف الشعب المصرى.. عندما توحد بكل قيمه لا فرق بين أحد الكل سواسية من أجل كرامة بلاده وحريته .. فلماذا نحاول أن نضعف بلادنا الآن وندعو لأن نتفرق وننتقص الحقوق من المرأة.. أين العدالة الاجتماعية التى لا تكتمل إلا بتمثيل كل أطياف الشعب بشكل طبيعى .. لتكتمل مرحلة البناء والتعمير لكل مجالات الحياة ليتحقق الأمان والسلام ولتتحقق الديمقراطية الحقيقية والحياة الكريمة.. لكل المصريين ولن يكون ذلك إلا بقوة المرأة الانتاجية فى العمل وبمساندة الرجال الشرفاء المستنيرين.. فحرية الأوطان لا تكون ولا تكتمل إلا بتحرر الفكر من استعباد الإنسان لأخيه الإنسان..

فالوقت لا يسمح إلا بتكاتفنا معا نساء ورجالاً لنواجه كل التحديات من أجل استعادة قوة ومكانة مصر بلادنا التى تليق بها والتى أحنى العالم رأسه لعظمة ثورتها.. ولنكن معا بالعمل وبتحقيق الحرية والديمقراطية فى كل مجالات الحياة وبمشاركتها فى صنع ديمقراطية بلادها قوة لا يستهان بها.

 

المصدر: مجلة حواء -ايمان حمزة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,695,410

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز