ضرب أو قتل المتظاهرين

بين الوظيفة والواجب الدينى

كتبت :أمل مبروك

قال رسول الله صلى عليه وسلم: إنما الطاعة بالمعروف ، وقال : لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، وهذا يعنى أن الشخص إذا أمره إنسان قريب له أو بعيد، صديق أو بغيض لا يجوز أن يطيعه فى معصية الله، ولذا قال تعالى فى سورة المدثر : كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ، وفى سورة الزلزلة: وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ .

هل يحق أو يجوز للشرطة ضرب أو قتل المتظاهرين حيث أنه كثيرا ما يقع أفراد الشرطة فى صراع بين واجب الوظيفة والواجب الديني؟

أمنية محمود

مهندسة ديكور

 

- يوضح فضيلة د. على جمعة - مفتى الجمهورية - أن المظاهرات تعد من وسائل الضغط على المسئولين وإظهار الرفض أو الولاء والتعبير عما يكمن فى الصدور، ومن ناحية أخرى فإن المظاهرات وغيرها من طرق التعبير عن الرأى ، وقنوات التأثير على الآخر هى وسائل يتوصل بها إلى غايات ، وليست غاية فى ذاتها . وما كان على هذا النحو فإنه ينظر إليه من جهتين :

الأولى: من جهة الوسيلة المستخدمة فى التعبير عن الغرض المرغوب تحقيقه.. هل هى مأمور بها شرعا، أم مباحة، أم ممنوعة. فإن كان مأمورا بها فلا شك فى جواز استخدامها، وذلك مثل السعى فى طلب الرزق أو زيارة الأقارب والأرحام أو فى الدعوة إلى الله .. ونحو ذلك . وإن كانت الوسيلة ممنوعة فإنه يحرم اتخاذها أو التوصل بها إلى أى غاية، حتى وإن كانت الغاية مطلوبة شرعا ، وذلك كمن يسرق ليتصدق، أو ينشىء مشروعا سياحيا تمارس فيه الرذيلة.. بغرض التجارة .. ونحو ذلك، فهذا ونحوه لا يلتفت فيه إلى الغاية ، لأن الطريق الموصل إليها ممنوع فى ذاته. . وإن كانت ممنوعة منع كراهة فإنه يكره اتخاذها تبعا لذلك .

أما إذا كانت الوسيلة مباحة ، فهذه مسألة اختلفت فيها أنظار أهل العلم بين مجيز ومانع . والصواب أن الوسائل تأخذ حكم مقاصدها، وأن النظر فى الوسائل يكون من جهة : هل هى ممنوعة أولا وليس: هل هى مأمور بها أولا.. أى أننا فى باب الوسائل ننظر : هل نهى الشارع عن هذه الوسيلة أولا، ولا نحتاج إلى البحث فى : هل أمر بها الشارع أو لا. بل يكفى فى الوسائل أن يكون الشارع قد أباحها أو سكت عنها .

الثانية : من جهة المقاصد، وذلك أننا لا نحكم للوسائل ـ على التفصيل السابق ـ بحكم منفصل عن الغاية المقصودة من ورائها ، لأنه قد تقرر أن الوسائل لها أحكام المقاصد. فإذا كان القصد مطلوبا شرعا، والغاية مأمورا بها من حيث هى ، فإنه يشرع التوصل والتوسل إليها بكل وسيلة غير ممنوعة شرعا .. فنصرة المسلم المظلوم مطلوبة شرعا. قال تعالى: (وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر) وقال عليه الصلاة والسلام : (مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) متفق عليه. فكل وسيلة قديمة أو مستحدثة غير ممنوعة شرعا، يغلب على الظن أنها تحقق المقصود، وهو النصرة ورفع الظلم أو تخفيفه ، فإنها جائزة، بل مأمور بها، بحسب ما لها من أثر .

ومعلوم أن الشعوب لها طرق مختلفة فى التعبير عن آرائها، والشرع لا يمنع استخدام تلك الطرق ومن بينها المظاهرات، وبالتالى فإنه لا يجوز قمع هذه المظاهرات ولا إيذاء أصحابها ولا ضربهم، وهذا ما لم يكن فيها تجاوز أو تعد لحدود المظاهرات السلمية كالاعتداء على الممتلكات ونحو ذلك، أما قتل المتظاهرين فهو من عظائم الذنوب والعياذ بالله، فإن قتل النفس المسلمة بغير حق من الموبقات .

وعليه، فلا يجوز طاعة من يأمر بذلك لأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، وإذا تعارض واجب الوظيفة مع الواجب الشرعى فإنه لا التفات إلى ما يعارض الواجب الشرعي.. وما ترك عبدٌ شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه فى دينه ودنياه، أى أنت حينما ترى مصلحتك فى هذا العمل، وهذا العمل نهى الله عنه، فحينما تركل بقدمك هذا العمل مع ما ينتظرك منه من خير مادى فى الدنيا، أنت بهذا أكدّت أنك مؤمن، ولو بحثت فى القرآن الكريم عن الآيات التى تبدأ وما كان الله، لوجدت العجب العجاب، أشد أنواع النفى بهذه الصيغة، كقوله تعالى : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ، فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، ولا تخف، من ابتغى أمراً بمعصية كان أبعد مما رجا، وأقرب مما اتقى، من ابتغى أمراً بمعصية سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن أطاع ربه وأغضب خلقه جعل الله عز وجل له من بين ذلك مخرجاً.

ابنتى والحب

 اكتشفت أن ابنتى وقعت فى حب أحد الأشخاص، وتقوم بمكالمته عن طريق المحمول فى أمور مخزية ، فحاولت أن أقنعها بأن الذى تفعله محرم وغير صحيح. المشكلة أنها تعرف ذلك، ومتجاوبة معي، ولكن أعود وأكتشف أنها ترجع وتكلمه، فإذا واجهتها بذلك تنكر، حتى أثبت عليها الأمر بالأدلة، وهى غامضة معى إلى أبعد حد، وتثق فى صديقاتها ثقة عمياء. فكيف أحل مشكلتى معها، وأنا لم أخبر أباها بذلك؟ وهل تصرفاتى معها صحيحة ؟

ولاء سعيد

ربة بيت

- تقول د. عبلة الكحلاوى - أستاذة الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف - للسائلة : إن ما قمت به فعلاً هو نوع من العلاج الموفّق، حيث إن المشكلة الآن مازالت منحصرة بينك وبينها، ومن الممكن عن طريق الإقناع المستمر والمتابعة الدقيقة أن يتوقف هذا الأمر - بإذن الله تعالى - ولكن أتمنى مزيدًا من التواصل والحديث معها بصفة شبه يومية، حتى وإن كانت غامضة معك، فإنك تستطيعين الآن انتشالها من هذا المنزلق أو المنعطف الخطير الذى قد يؤدى إلى فساد دينها وقيمها وأخلاقها.. ولذلك أتمنى مواصلة النصيحة والتوجيه، والحديث فى هذا الموضوع كلما أتيحت الفرصة، والتهديد أيضًا بأنك ستخبرين أباها .. حاولى بالترغيب والترهيب والرفق، مواصلة الحديث معها، وتعاهدى معها على أن تكون صادقة معك ، وذكريها بالآثار المترتبة على هذه العلاقة، وأنه إذا تقدم لها أحد للارتباط والزواج منها وعلم أن لها علاقة بشخص آخر فهل سيقبلها زوجة له؟! ثم بينى لها أن مواصلة الحديث مع الشباب بهذه الكيفية سيؤدى إلى رقة الدين وإلى سهولة الوقوع فى المعاصى التى لا تُحمد عقباها.

ثم بعد ذلك أيضًا حاولى التعرف على صديقاتها والتواصل معهن، وأيضًا نصحهن ، فإذا كانت ابنتك لا تقبل النصيحة وتحاول أن تُخفى عنك هذه العلاقة، فقد تجدين فى صديقاتها من تقبلها ومن تتبناها بل ومن تكون سببًا فى إنقاذ ابنتك إن استطاعت إلى ذلك سبيلا{

 

المصدر: مجلة حواء -أمل مبروك
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 451 مشاهدة
نشرت فى 11 ديسمبر 2011 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,692,032

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز