يا أى رجل فى العالم

.. أكرهك "2"

كتبت :سكينة السادات

اسمحوا لى أن أواصل تهنئتى لقراء مجلة «حواء» الغراء ولكل أهل مصر والعالم أجمع بحلول العام الجديد وتهنئة خاصة إلى كل أهلنا وأحبابنا من المسيحيين بحلول عيد الميلاد المجيد أعاده الله علينا جميعا بالخير واليمن والبركات.

 

أكمل لك حكاية قارئتى الشابة رنا (30 سنة) خريجة كلية الألسن أسبانى وابنة المهندس الاستشارى المشهور الذى تتصدر اللافتات باسمه معظم المبانى الضخمة فى القاهرة وخارج مصر، وحكت رنا الجميلة أن ذلك الرجل (الحُجَّة) فى الاستشارات الهندسية العالى السمعة المحترم كان فى البيت إنسانا آخر، يدخل من الباب فيسود الهلع والخوف أهل المنزل ويكشر عن أنيابه بدون سبب فيسب ويشتم أهل البيت جميعا، وقد شاهدته رنا عدة مرات يصفع أمها ويبصق عليها بمنتهى القسوة بدون سبب ظاهر وعندما يختلى بنفسه فى حجرة مكتبه ويهاتف من هاتفه يستمعون إلى الضحكات والقهقهات والمجاملات وعندما يخرج من الغرفة يعاود السباب والإهانة لكل البيت.

وقالت رنا إن أحدا لا يمكن أن يسأل لماذا تفعل ذلك، أما الأم فكانت تبكى فى صمت وتقول إنها تتحمل من أجل (الأربعة) هكذا كانت تسمينا.. أخوىّ الكبيرين وأنا وأختى الصغيرة وقالت لنا إنه كريم جدا معها فى الفلوس وإنها لن تشكو لأحد من أهلها حتى لا يتدخلوا ويطلقها وتترك أولادها لمن لا يعطف عليهم!

وتستطرد رنا قائلة: إنه كان يأمر فيطاع لذا أمر بأن يدرس أخواى الهندسة لكى يعاوناه فى المكتب وقد كان، أما أنا فقد حصلت على مجموع لا يسمح بدخول الهندسة فضلا عن أننى لا أحب الهندسة ولا أطيق الرياضة والأرقام فدرست اللغة الإسبانية والتحقت بالمعهد الثقافى الإسبانى وعن طريق والدى وفيما يشبه الصفقة تم زواج أخوى من أختين ابنتين لشريك له أكثر منه ثراء، وجاء الدور علىَّ إذ تقدم للزواج منى ابن خالتى الطبيب الشاب!

وتستطرد رنا.. تصورى ياسيدتى أننى - وحتى الآن - لم يخفق قلبى بحب أى شاب، لا فى الجامعة ولا فى العمل، وكما ترين فإنهم يقولون عنى أننى جميلة وأنيقة ومتدينة ولا أخفى عليك أن الكثير من زملائى فى الجامعة حاولوا التقرب منى وكنت أسايرهم فى الزمالة والصداقة السطحية فعندما ألاحظ أن أحدهم يحاول أن يفهمنى أنه يحبنى ويريد الزواج منى كنت أقاطعه بل يمكن أن أجرحه بالكلام حتى لا يعود إلى مثل هذا الكلام!

نعود إلى العائلة... والدى كبر فى السن وأصابه العديد من الأمراض لكنه ظل على حاله فى إهانة أمى بدون مبرر (والشخط والنطر) فى البيت وحتى الآن، فهو يسهر كل ليلة مع شلة الأصدقاء والأجانب الذين له معهم (بيزنس) ولا أذكر أنه خرج مع أمى مرة إلا فى المناسبات العائلية أما أخواى فهما (عبد المأمور) تزوجا من بنات صديقه فى غاية الكمال والجمال وقد أنجب الكبير، أما الصغير فلم ينجب وأعود إلى حكايتى أنا!!

وتستطرد رنا.. طبعا ولأننى ابنة فلان الفلانى الغنى بل المليونير العالمى فى مهنته ونعيش فى فيلا فاخرة فى مدينة أكتوبر ولنا فيلا أخرى فى القطامية يعيش أخواى فى دورين منها ولى أنا وأختى دوران كاملان فيها ودورى أنا مغلق لحين زواجى، من أجل ذلك فقد تقدم لى ما يقرب من مائة عريس وذلك منذ أن كنت فى الثامنة عشرة من عمرى وحتى الآن ولم أوافق على أحد منهم بحجة الدراسة وغيرها حتى تقدم لى ابن خالتى وهو طبيب ووسيم وطيب وممتاز، وخالتى نفسها سيدة محترمة جدا وثرية جدا ولا شىء يعيب الزيجة ياسيدتى سواى أنا!! كيف؟ كل رجل عندى عبارة عن غول قاتل أراه ينقض علىّ لكى يقتلنى وينهش أعضائى ويسيل دمائى! حتى ابن خالتى الطبيب الهادئ ابن الناس الطيبين أكرهه!.. أكرهه! تسألينى لماذا؟ أقول لك إننى أعرف السبب! إنها صورة والدى الذى كان يضرب أمى ويهينها أمام أولادها ولا يجرؤ أحد منا أن يقترب منها أو يواسيها وهو موجود وإلا فقد كان يناله من الحب جانب، كأن يشتم أو يضرب أو يهان هو الآخر لا أستطيع أن أنسى تلك الصورة فلماذا تضغطون علىّ لكى أتزوج؟ أمى تكاد تموت حزنا علىّ لأننى أرفض كل العرسان الذين يتقدمون لى، خالتى حزينة لأن ابنها الطبيب لا عيب فيه، أنا أكره كل رجال العالم.. أكرههم لا تجبرونى على الانتحار فلن يدخل حياتى أى رجل أكرهه رغم إرادتى وإلا فالموت أفضل لى!!

الحمد لله رب العالمين وبعد أن هدأت رنا الجميلة وكفكفت دموعها اتفقت معها اتفاقا لطيفا وهو أننى أنا وهى سويا سوف نذهب معا إلى ابن من أبنائى وهو طبيب نفسى متخرج من جامعة لندن كان زميلا لابنى الدكتور محمد نويرة فى جامعة لندن، وأن نتحدث معه ونأخذ رأيه فى الموضوع ووافقت رنا على ذلك بارتياح شديد.. قلت لها إن والدها ليس كل رجال العالم إنه إنسان عبقرى فى عمله لكنه غير سوى فى حياته، وأن أمها تحملت كثيرا من أجلهم ولا يجب أن نخذلها ونحبطها وأنه من اللازم إرجاء خطبتها لابن خالتها لحين تلقى العلاج الذى سوف يعينها بإذن الله تعالى على تقبل الزوج الصالح.

 

المصدر: مجلة حواء -سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 818 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,813,767

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز