فيلم «أمن دولت»قتباس أم تشويه؟

كتبت :منال عثمان

أكثر ما يثير غضب وحفيظة عاشق سينما حقيقي.. له فى هذا المجال جولات عشق كثيرة أن يرى نسخة مشوهة لفيلم عالمى عالى القدرة والمقام.. ومبهر الفحوى والأداء فى كل فروعه ليشعر أن شيئاً خدش عينيه وشعوره الذى لا ينقص بهذا الفيلم الجميل، فهو خط فى تكوين حبه وثقافته الفنية.. فمثلا لا يوجد مصرى ولا أقول مثقف مصري.. لا يعشق ثلاثية نجيب محفوظ، أو أدب إحسان ولا هبة السماء لنا «أم كلثوم» ولا فيضها الرائع «حليم» ولا عباقرة الأداء ولا جواهر الأفلام سواء هنا أو فى الخارج.. مثل «ذهب مع الريح» أو «سبارتاكوس» أو «صوت الموسيقي» للمبدعة «چولى أندروز» الذى يعد أحد الأفلام الخالدة فى ذاكرة كل من يراه. 

ولعله هنا مربط الفرس فهذا الموسم أطل علينا المطرب «حمادة هلال» بفيلم «أمن دولت» لا أريد التجاوز والخروج عن الأعراف لكن حقيقى نسخة شديدة التشويه لفيلم «صوت الموسيقى» فالنتيجة الرئيسية مربية تأتى لمنزل رجل لديه خمسة أولاد فى أعمار مختلفة.. ولعلها ليست المعالجة الأولى.. فالنجمة نجلاء فتحى سبق وقدمتها فى السبعينيات فى فيلم «حب أحلى من حب» وكان فيلماً رقيقاً لكن لا يعد علامة وبشكل كوميدى قُدمت على المسرح الكوميدى فى مسرحية «موسيقى فى الحى الشرقي» وقدمت الدور صفاء أبو السعود أمام سمير غانم وچورج سيدهم . أكثر من معالجة كان صانعوها فى أبدع الحالات فالقماشة أو الفكرة الحقيقية ممتعة وتساعد أى صاحب قدرة على أن يفجر الإفيهات والفن المتوازن الجيد، والحقيقة معظم الأعمال التى اقتبست عن «صوت الموسيقى» كانت أعمال بها جهد هام.. لذا نجحت لكن فيلم «أمن دولت» الذى كتب له السيناريو نادر صلاح الدين، لا أعرف بالضبط أكان اقتباسا أم تشوياً للفكرة الجميلة؟ وقدم فيه حمادة هلال دور ضابط أمن دولة اسمه «حسام الفرشوطي» والده نائب فى مجلس الشعب المنحل رجل شديد الجدية والصرامة هو الذى يجبر ابنه على الالتحاق بالشرطة رغم أنه كان لا يريد وحاول الهروب، لكن فى النهاية يرضخ وبعد تخرجه تجبره الظروف على رعاية خمسة أطفال أولاد عالم له اختراع يضع سره فى خزينة أحد البنوك فتسافر والدتهم لسويسرا لتجلب هذا السر.. وتركه معهم، يعنى حدوتة هكذا بلا مبررات أو حتى توليفة جاهزة للتصديق والاقتناع، والحقيقة أن المخرج أكرم فريد لا أعتقد أنه أجرى اختبارات للأولاد الخمس قبل وقوفهم أمم الكاميرا ماعدا الطفل الرضيع طبعاً ليختبر حتى مدى القبول وخفة الدم من ثقله، فنحن إلى الآن لا ننسى مثلاً «نفيسة» ابنة القبطان فى مسرحية سمير غانم.. فالبنت كانت هايلة لكن الخمسة «عتاولة» فى هذا الفيلم افتقدوا الكثير.. فالكلام المسف وتحريك الحواجب وما إلى ذلك من أمور تخرجهم عن الطفولة وتصيبنا نحن بالصدمة.. أما الصدمة الكبرى كانت فى إقحام ثورة 25 يناير هكذا بدون مناسبة ففى بداية الفيلم مشاهد للتعذيب فى العصر البائد.. وفى النهاية قيام الثورة.. أريد أن أعرف ما الصلة؟

ما هذا!!! هل الثورة حدثٌ عارض مثلاً.. قفزوا كل الحواجز ولووا كل الأعناق لاستثماره على الشاشة قبل غياب مناسبته!!! لم نقتنع يا جماعة.. لم نصدق..

خاصة أن الأداء أيضاً عذبنا بخفوت وهجه.. حمادة هلال اختار منطقة أداء أشبه بالمنطقة التى كان يؤدى منها الكوميدى الراحل محمد عوض.. توليفة - مع احترامنا - السذاجة على الهبل على العبط، وشيرى عادل كانت إضافة غريبة.. لا نفهم الضرورة الدرامية لوجودها.. وبصراحة لم نفهم الضرورة النفسية لوجودنا نحن فى هذه الدار ومشاهدة هذا الفيلم!!! لكن للضرورة أحكام وللفن أيضاً.. والغريب أن الفيلم كان اسمه فى البداية «صابرمان»، يجوز كانت دعوة مسبقة لمن يشاهده .. أن يصبر ويمتثل .. لكن تم تغييره من صابر لدولت .. يا قلبى لا تحزن 

المصدر: مجلة حواء -منال عثمان
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 640 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,818,661

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز