فتاة مجلس الوزراء
حالة سياسية..أم حادثة عابرة ؟!
كتبت :ايمان عبدالرحمن
فتاة التحرير التي تعرضت للسحل والانتهاك أثار مشهدها موجة متناقضة ما بين مؤيد غاضب من استمرار الاضطراب والاعتصامات، ورافض بدعوي احترام حقوق الإنسان.
فالمجتمع أسقط غضبه من تردي أوضاعه علي هذه الفتاة التي خرجت هي أيضاً غاضبة من أوضاع بلادها، وكان هجوم البعض عليها مبنياً علي خلفية إرث ثقافي ترسخ بداخله، وهي أن المرأة عنوانها البيت، وفي الحقيقة هو يهاجم جرأتها وكسرها لتقاليد تربي البعض عليها، ليري المجتمع في تعريتها تعرية لمحو موروثاته التي غضب من أجلها، ليطرح جانباً الهدف من خروجها أو الوحشية التي عوملت بها.
«حواء» طرحت القضية بعد أن رصدت هذه الآراء المتضاربة حول هذه الواقعة الشهيرة بعيداً عن البحث عن متهم أو ضحية.. فكانت هذه السطور..
رانيا حمدى 26 سنة تستنكر بشدة ما حدث للثائرة أمام مجلس الوزراء وتقول ما يؤلمنى الحديث المتكرر أنها «تستاهل» وما قيل عنها فى العباسية فى رسالة من سيدات مصر «إنت آخرك البيادة»، أنا كفتاة مصرية لم أفوضهن ليقُلن ذلك باسمى.
وتوافقها منة محمد 27 سنة ليسانس آداب قسم إعلام قائلة: كيف يهينونها بهذه الطريقة، أنا ضد ما حدث حتى لو هى أخطأت، فكيف يكون هذا هو رد الفعل.
اختلال موازين القوي
الناشطة الحقوقية بمؤسسة المرأة الجديدة لمياء لطفى تقول: إننا مجتمع موازين القوى فيه مختلة طوال الوقت، لذلك فمن الطبيعى أن يقوم المجتمع بمحاولة رمى تبعات كل المواقف على الطرف الأضعف بدلاً من أن يواجه الطرف الأقوى، ونجد ذلك فى كل الحوادث التى تقع وليست هذه الحادثة بالذات، بل فى أية حادثة تحرش أو اغتصاب، سنجد تعاملنا مع المجنى عليه وهى المرأة على أنها متهمة طوال الوقت، حتى فى العنف الأسرى، نعطى أنفسنا الحق فى أن نمارس العنف ضد الفتاة والمرأة ولا نبحث عن الأسباب بل نقول: «أكيد هى عملت حاجة غلط» ولو لم يكن هناك سبب لهذا العنف.
نعطى الحق لمن فعل ذلك ونعطى له العذر قائلين «معلش ، كان متضايق» ولا ننظر للموضوع على أنه انتهاك للحقوق، وأنه يوجد طرف انتهك حقه بالفعل وهو ما حدث لفتاة التحرير، تركوا الموضوع كله وكثرت الأقاويل عن ملبسها وإن كانت ترتدى شيئا تحت العباءة أم لا، أو لماذا نزلت فى الأصل ولم نتحقق قليلاً فى الفعل نفسه وممارسة العنف ضدها، وهو ما يؤكد أننا نعيش فى مجتمع موازين القوى فيه مختلة.
الآثار النفسية
وتؤكد على كلامها الناشطة والكاتبة عفاف السيد وتضيف: نحن نعيش فى مجتمع به خلل، به رجعية، ثقافته أن جسم المرأة هو الأهم، ولابد من تغطيته فهو عورة وعار فى حد ذاته، وكل المشكلة فى أن يتعرى الجسم أو يُستر، وهو ما حدث من لغط بعد تعرى فتاة التحرير، حصروا كل الموضوع فى تعرية جسمها ولم يسأل أحد عن الآثار النفسية التى لحقت بها، ما حدث لها من إصابات، هل هى على قيد الحياة أم ماتت جراء الإصابات التى لحقت بها، كلنا ركزنا على جسمها الذى تعرى فقط، فمجتمعنا مجتمع به خلل كبير. مضيفة أن حوادث العنف هذه متكررة وليست لهذه الفتاة فقط ،بل لثائرات أخريات مثل عزة هلال وغيرها.
الإعلام و الفيس بوك
وتشرح عفاف السيد أن الإعلام منذ فترة ليست قصيرة يقوم بحملة شرسة ضد الثوار فى التحرير ولحشد الرأى العام ضدهم، ويلصق التهم بهم، وتختم حديثها: يعتقد البعض أن زيادة العنف ضد الفتيات سيجعل الثوار يتراجعون.
- أنشأ شباب الفيس عدة صفحات مثل «إحنا آسفين يا ست البنات»، و«هنجيب حقك» كرد لاعتبار المرأة وتقديم الأسف لها وما لحقها من إهانة، ورد على كل المتهكمين ومن قالوا فى حقها الكثير، فلم يصمت شباب الفيس بل وصل الأمر إلى تسجيل فيديوهات خصيصاً لها وتقديم الاعتذار علنياً بل وطلب يدها للزواج.
- ورداً على المتسائلين: لماذا نزلت التحرير ،كتبت الناشطة نوارة نجم «للى بيسأل هى نزلت التحرير ليه، أقوله: لأنها أرجل منك».
ثقافة متناقضة
بينما تستنكر د.سهير لطفى أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ما قيل عن الفتاة بعد هذه الحادثة، وكثرة الأقاويل التى تداولوها عنها وعن أخلاقها وتشرح: إننا تربينا على «ثقافة الذكورة المسيطرة» وهى معيار التقييم فإن خرجت البنت عن هذه الثقافة توجه إليها الاتهامات بجانب . أننا لا نكتفى بذلك ، بل إن «المرأة حاملة هذا الموروث الثقافى» هى من تغرسه وتؤكد عليه فى كل تعاملاتها، حتى مع أبنائها، فنجدها تفرق فى المعاملة بين الابن والابنة وتختص الابن الذكر بكل الاهتمام والرعاية وتعطى السلطة للذكر على الأنثى، وتطبق المثل القائل «اكسر لها ضلع يطلع أربعة وعشرين» وهذا موروث ثقافى ليس له أى بعد سياسى.
غير مقصودة
وترى د. سامية خضر أستاذة علم الاجتماع.. ترى أن نظرة المجتمع للأنثى على أنها متهمة حتى لو كانت مجنياً عليها ،ليست فى كل الأحوال ،وتقول إن ما حدث للفتاة أمام مجلس الوزراء حادثة سياسية وليست حادثة نسائية ، وترى أنها حادثة تختلف عن أية حادثة أخرى من انتهاك عرض ،أو تحرش أو اغتصاب، وتشرح قائلة: «هذه ليست مقصودة، ليست حادثة فتاة ولا حادثة اجتماعية».
اهتزاز القيم
وعن رأى د. محمد عبدالفتاح أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة المنيا وعميد المعهد العالى للخدمة الاجتماعية ببنها يقول: العنف مرفوض على المستوى العقلى والمستوى الإنسانى، وخاصة ضد المرأة فعاداتنا وقيمنا الدينية تلزمنا،بالمحافظة على الأنثى وعدم التعرض لها بل والدفاع عنها
ساحة النقاش