المستشارة تهانى الجبالى

نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا:

اعملوا بالنصحية

كتبت :ماجدة محمود

اكسبوا النساء أولاً والبقية تأتى..>> «أطالب المرأة أن تكون حاضرة فى كل قضايا الدستور، ولا تكتفى بالبحث عن حقوقها الشخصية المباشرة، عليها أن تعى جيداً، أن كل حق دستورى فى صيغته العامة مؤثر بالضرورة فى حالتها إن لم تكن حاضرة فى كل قضايا الدستور وتدلى بدلوها، وإن لم تفعل ذلك تكون قد قصرت فى حقها».

من هذه النقطة ننطلق فى حوارنا مع المستشارة «تهانى الجبالى» نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وأول سيدة منتخبة فى عضوية المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب الذى أسس عام 1944، والخبيرة القانونىة بمنظمة الأمم المتحدة سابقا، هذه القيمة القانونية نتلمس معها الطريق، ونحن على أعتاب وضع دستور جديد لمصر. عن الوضعية التى يجب أن تكون عليها القوانين الخاصة بالمرأة تحدثنا.. >>

قبل التحدث عن القوانين الخاصة بوضعية المرأة، نريد أن نعرف أولاً لماذا إرتبطب قوانين المرأة بكل من السيدتين «جيهان، وسوزان»، فما العوار الذى يصيب هذه القوانين إن كان هناك عوار؟ وهل هذه القوانين أقرت لمصلحة فرد دون الجماعة؟

- لابد أن نرفض رفضا قاطعاً شخصنة القضايا، فأى ربط بين شخص وقضية تهم المجتمع عوار فى حد ذاته، فالشخصيات العامة التى تتصدر المشهد بدأ مع السيدة جيهان ثم سوزان، ولم يكن عندنا هذه الصدفة من قبل ، وكان خارج سياسة مصر، لأن نضال المرأة المصرية من أجل المطالبة بحقوقها بدأ منذ عصر التنوير الأول قبل «120» عاماً، وبالتالى كل القضايا المتعلقة بالنهوض بحالة المرأة كى تصبح شريكاً فاعلاً فى أداء الدور السياسى، والاجتماعى والثقافى هى قضية مجتمع بأكمله عبر مراحل التاريخ، وإن لم يكن العنوان الأول أن ننسف محاولات الشخصنة، فإننا نقع فى الفخ الذى ينصبه لنا من لا يفهم طبيعة التطور الاجتماعى، ثم إن ما يرتبط بالتشريع عنوانه المؤسسة التشريعية لتحقيق مصلحة اجتماعية لما يسمى «مقاصد التشريع»، وعند وضع نص قانونى أو قانون بأكمله، يخضع للرقابة فى ادخار ما يحقق المصلحة الاجتماعية، والاتساق مع القيم الدينية، ومبادىء التشريع التى هى المصدر الرئيسى لنا. دائما القانون يحقق مصلحة عامة، وهو ما قد يصطدم بمصلحة بعض الأفراد، فلن نجد قانوناً رضى عنه كل الأفراد، أما ما يتعلق بعدم دستوريته فقد حدث وتم الطعن على بعض القوانين التى أثير حولها الجدل، وقالت المحكمة الدستورية كلمتها فى صحة دستورية هذه القوانين.

> وهل حدث هذا عندما تم إقرار قوانين الخلع ، والرؤية؟

- لا يمكن تقييم قانون بآثاره الاجتماعية، والاقتصادية والثقافية فقط بدون أن يخضع لمعيار أسس البحث العلمى ، ومن خلال مؤسسات محايدة تتبنى فكرة تحقيق مصلحة وطنية ، وبالتأكيد هذا حدث مع هذه القوانين، ولكن المصيبة الآن ، أننا فى مرحلة صعبة واستثنائية، وبعد الثورات تكون هناك مرحلة سيولة جزء منها سيولة قانونية. الناس تتخيل أننا سنتخلص من القوانين مرة واحدة، وإن كان لابد من حدوث ذلك ينبغى أن يخضع لمعيار موضوعى ومن خلال دراسة حقيقية.

خارطة طريق دستورية

> نريد خارطة طريق دستورية خاصة بقوانين المرأة لتكون نبراساً أمام لجنة إعداد الدستور القادم؟

- أطالب المرأة أن تكون حاضرة فى كل قضايا الدستور، ولاتكتفى بالبحث عن حقوقها فقط الشخصية المباشرة، ولكن لابد أن تعى جيداً، أن كل حق دستورى فى صغيته العامة مؤثر بالضرورة على حالتها إن لم تكن حاضرة وبقوة فى كل القضايا وتدلى بدلوها.

ثانيا: أن تطالب بحقوقها فى الدستور ومجموعة المبادئ والحقوق الأساسية وفى مقدمتها حق المواطنة، حق المساواة أمام القانون دون تمييز ، تكافؤ الفرص وإدراجه لحقه مع ضماناته ترتهن بمشاركتها فى المجتمع، ليس فقط المشاركة السياسية وحقها فى الترشح، ولكن المشاركة بمفهومها الشامل، فلابد أن تصبح جزءاً من صناعة القرار ثم تنفيذه، ثم الرقابة عليه، وإن لم يكن هناك ضمان لوجود المرأة فى هذه المراحل الثلاث، فهناك جزء غائب وإن لم تضمن الحقوق العادلة فى الثروة والسلطة فهو مؤثر عليها، وضمان عدم التمييز لايعنى أن نقر مساواة فقط، ولكن ارتكاب التمييز على أى أساس يجب أن يخضع للقانون ويجرم، وحماية حقوق المرأة لابد أن تتمسك به فى إطار الدستور، ولهذا نحن بحاجة إلى حوار مجتمعى واسع تمارس المرأة فيه دوراً ضاغطاً منظماً من أجل أن يوضع فى الاعتبار موقعها فى إنشاء الدستور.

> وكيف يتحقق ذلك؟

- بتنظم الصفوف، فحتى الآن الأليات الوطنية كالمجلس القومى للمرأة معطل وطالبنا بإعادة هيكلته مرة أخرى، لنعيد الأداء دون نسبه لأشخاص، على أن ينتخب رئيسه من داخله، فالمجالس القومية المتخصصة هى عنوان العلم، ثم المجتمع المدنى، ثم حركة المرأة فى المجتمع وقدرتها على الإحتشاد فى اللحظة الحرجة من أجل عدم المساس بدورها فى المجتمع، أو إزاحتها عن المشهد الوطنى، أو انتهاك حقوقها فيما هو قادم.

> ولماذا الصمت الرهيب الذى أصاب التيارات النسائية؟

- عندك حق، وأنا عاتبة كثيرا على الحركة النسائية المصرية، وأنها لم تحتشد بالشكل الكافى بعد الثورة بما يليق بدور المرأة، حيث اكتفت بالحديث داخل الغرف المغلقة ولو استمر العمل النخبوي فى إطار بعيدا عن الواقع الاجتماعى، وغير حاشد لـ 30% من النساء التى تعول أسرها، ستضيع حقوق المرأة كاملة، خاصة وأن صناع القرار فى هذه المرحلة ، والقوى الوطنية، الثقافية والسياسية أساسا أقصت المرأة، ولم تحترم كفاءتها، حتى التيارات الأخرى التى لديها مسئولية وطنية فى حماية التطور والتقدم، وليس فقط التيارات المتخلفة الرجعية، فعلت نفس الفعل، لذا إن لم تناضل المرأة من أجل مواجهة كل ذلك ، فلا تبتئس ولاتصرخ ولاتشكو، لأنها لم تتحرك، ولهذا عليها أن تشارك فى وضع مشروع ثقافى نهضوى وخاصة الصفوة النسائية وتدافع عنه وتنفذه لتنال حقوقها.

ثقافة التخلف

مازالت قائمة

> بعدما شهدته الأروقة النسائية السياسية مؤخرا، خاصة ماحدث فى الانتخابات البرلمانية ونتائجها الصادمة، هل ترىن أن الكوته كانت عيباً؟ ولماذا توارت منظمات المرأة واختفت ولم تطالب بالحفاظ على هذا الحق لحين وضع دستور جديد؟

- الكوته هى أحد العناوين التى نأسف عليها، واقصاؤها بسهولة وبمنتهى البساطة دون أى نضال، هو دليل مادى على عدم قدرة المرأة فى هذه المرحلة على الإحتشاد للضغط على صناع القرار، لماذا العجالة فى التوجه ضد الكوتة؟! لأنهم لا زالوا ينظرون للمرأة على أنها الأضعف، نحن لم نكن قادرين على الدفاع عن حقوقنا، وشخصياً دهشت من صمت النساء فى مصر، ومن الاهانة من أحزاب ليبرالية، وسأسمى «الوفد» فى مقدمتها، عندما لم تطالب بإلزام الأحزاب بوضع المرأة فى موقع متقدم على القوائم، وفى ظل صمت المرأة، فما بالنا بالباقين، هناك حالة من العنف غيرالمبرر ضد المرأة وحقوقها، وهذا معناه أن ثقافة التخلف مازالت قائمة فى المجتمع.

> وكيف ترين المشهد القادم؟

- أربط ما بين حقوق المرأة، ومشروع مصر النهضوى الشامل، فإن لم نؤمن فى هذه اللحظة الحرجة فى حياة الوطن بالإحتشاد الوطنى رجالاً، ونساءً، وأطفالاً، بعد ثورة أذهلت العالم، لن نتقدم خطوة واحدة.

> وهل هذا يكفى لإيقاظ المرأة من غفوتها؟

- لدى إيمان قوى بما قاله فيلسوف الاستعمار القديم الجنرال الفرنسى «سوسنيه» إكسبوا النساء أولاً، والبقية تأتى.. وهى جملة صحيحة، فنحن بحاجة لتقوية المناعة الذاتية لجموع النساء، كى يتصدين للمشاريع المعادية، فالحقيقة المرة أن أصحاب هذه المشاريع لم يقرأوا مجتمعاتهم جيداً، ولم يعرفوا حقيقة دينهم..

  انتهى حوارى مع المستشارة «تهانى الجبالى»، ولن ينتهى اصرارى على ضم صوتى لصوتها فى المطالبة بعدم اقصاء المرأة وليتقوا ثورتها، فهى حارقة

المصدر: مجلة حواء -ماجدة محمود
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 549 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,816,861

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز