«جدو حبيبى» كوميديا رومانسية من الزمن الجميل

كتبت :تهاني الصوابي

الحب الحقيقى أبداً لا يموت، قد يتوارى قليلاً، بعيداً عن الأعين، لكنه يظل قابعاً فى مناطق الشعور والإحساس بالقلب، ينبض بين الحين والآخر، يتحين الفرصة للبحث عن الحبيب الذى قد نتصور أنه ذهب، ولن يعود، وعندما نجده لا نقبل غير التحدى حتى لا نفقده من جديد، وفيلم «جدو حبيبى» يحمل هذه المعانى الجميلة، ويعود بنا إلى أفلام الزمن الجميل، حيث يعتمد على المشاعر النبيلة، والأحاسيس المرهفة فى كوميديا شبابية، تتمثل فى بشرى وأحمد فهمى، تحت رعاية جيل من الفنانين برائحة العطر «المعتق» لبنى عبدالعزيز ومحمود ياسين، صاغتها برقة وعذوبة واقتدار الكاتبة زينب عزيز، ونسجها فى مشاهد رومانسية حالمة المخرج على إدريس.

يعتبر فيلم «جدو حبيبى» من الأفلام المصرية ذات الفكرة البسيطة التى من الممكن أن يشاهدها جميع أفراد الأسرة، دون التقيد بسن معينة، حيث يقدم الفيلم وجبة من المشاهد المجتمعة، والمواقف الكوميدية بين الجد والحفيدة لتقريب وجهات النظر بينهما، مع كامل التقدير والاحترام للآخر بما يحمله من أفكار وخبرات بعيداً عن الصدام التقليدى بين الأجيال بعضها وبعض، حيث كانت العلاقة بين الجد «محمود ياسين» والحفيدة «بشرى» علاقة حميمية رقيقة، قدمت فى شكل مجموعة من المواقف الكوميدية التى اعتمدت على المفارقات التى وقعت بينهما، وهو نفس الشىء على الجانب الآخر مع الحبيبة القديمة للجد، الذى لم يوفق فى الزواج منها، ولم ينسها يوماً حيث الجدة «لبنى عبدالعزيز» وحفيدها «أحمد فهمى» تلك العلاقة البسيطة الرقيقة القائمة على الاحترام المتبادل والحب الممتد من جيل إلى جيل، حيث نجحت الكاتبة فى تقديم فيلم رومانسي بسيط حاولت من خلاله توريث فكرة الحب بين الأجيال، فعلى الرغم من صعوبة ارتباط «محمود ياسين» و«لبنى عبدالعزيز» قديماً، فقد نجحا فى التقريب بين حفيديهما وتوريثهما الحب، وترسيخ فكرة تزويجهما، لتؤكد الكاتبة رغبة وأمنية الجد والجدة إدخال البهجة والسرور على حفيديهما، وتحقيق السعادة لهما، وكأنهما يعيدان قصة حبهما التى أبداً لم تمت.

الفيلم يحمل معنى بسيطاً وجميلاً يجىء على لسان «الجدة» الحبيبة القديمة للجد عندما تخبر حفيدها، الذى فى طريقه للزواج من فتاة لا تربطه بها قصة حب، لكنه مجرد زواج صالونات، ولا يجد ما يحفزه على الاستمرار فى تلك الزيجة، خاصة بعد أن التقى بـ«فيكى» بشرى، ويعجب بها ويبدأ فى الانجذاب نحوها، حيث تجىء كلمات جدته «بأن الحياة قد تستمر بين الزوجين دون الحب، لكن الحب بالتأكيد يجعل الحياة أكثر جمالاً» مخرجاً من مأزق الزواج من فتاة بطريقة الصالونات، فينطلق للارتباط بمن يحب ويحقق حلمه وحلم جدته الذى لم يتحقق بالزواج من حبيبها القديم، فى أن يجمع الحب بين الحفيدين عوضاً عما فاتهما وامتداداً لقصة حبهما.

يحسب للمخرج على إدريس براعته فى التحليق بنا إلى عالم من الرومانسية والخيال على شاطئ بحيرة قارون، التى شهدت مولد قصة الحب بين الحفيدين «بشرى» و«أحمد فهمى»، حيث قدم مشاهد رومانسية ناعمة مليئة بالدفء فى نهاية الفيلم، على النقيض من تلك المشاهد الباردة فى لندن، التى داست برودتها على حياة بشرى ومشاعرها وشخصيتها فى الجزء الأول من الفيلم، عندما كانت تعيش بعيداً عن الجد المقيم بمصر، الذى يمرض ويتواصل معها عبر الفيس بوك، حيث تعود سريعاً بحثاً عن الميراث، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى الحفيدة، حيث يشفى الجد بمجرد أن يراها وتعود له الرغبة فى الحياة وتبدأ الأحداث لتتصاعد، وتشاهد التناقض الجميل بين البداية والنهاية من حيث الأداء الجميل للمشاعر والأحاسيس، التى أجادت «بشرى» التعبير عنها باقتدار، لتعلن عن مولد نجمة سنيمائية جديدة تجيد الرقص والغناء والتمثيل، وتمتلك موهبة حقيقية ما زالت فى طور الاكتشاف، حيث أجادت فى تقديم الدور الكوميدى المرسوم لها بدقة وخفة دم ممتزجة بلحظات من الشجن، كما يبدو أحمد فهمى الذى يتمتع بخفة دم وتلقائية فى الأداء وقبول لدى المشاهد، مكانة أكثر نضجاً تؤهله ليحتل مكانة متميزة قريباً على الشاشة، وما زالت لبنى عبدالعزيز تحتفظ بلياقتها لدى الجمهور، وقدرتها على ملء الشاشة بالدفء والحنان، ويثبت لنا الفنان القدير محمود ياسين أن الموهبة الحقيقية تستمر وتستمر مع الأيام، وتتوهج وتشع فناً وعذوبة ونضجاً، لا يصدأ ولايتآكل أو يندثر لكنها مثل العطر «المعتق» يزداد جمالاً وسحراً كلما مر عليه الزمان.

استطاع المخرج على إدريس والمؤلفة زينب عزيز المزج بين نجوم من الزمن الجميل، ومن لا يطلق عليهم نجوم الشباب من الشباب، وان كانوا فى الطريق إليه، فخرج علينا فيلم «جدو حبيبى» يحمل مذاقاً ونكهة خاصة افتقدناها منذ سنوات

المصدر: مجلة حواء -تهاني الصوابي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 485 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,454,224

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز