لاتقبلى أن تكونى مجرد قطعة

 فى لعبة شطرنج

كتبت :أمل مبروك


 إذا كنا اليوم في واقعنا المعاصر نجد مظاهر ما قبل الإسلام تتكرر مع المرأة من دعوات لتجاهلها واعتبارها عورة وفتنة والتحريض على سحب كل حقوقها فى التعليم والعمل والمشاركة فى كافة مجالات الحياة، فلابد وأن ندرك أن المرأة قد تصبر على المشاكل والعراقيل لكنها لاتصبر على التهميش والإقصاء عن مسرح الحياة ، وتصبر على الظلم والإهانة ، ولكنها لا تصبر على استغلالها والمتاجرة بعقلها وقلبها ، ويجرحها أن تكون لعبة متداولة >>

 بعض الناس يسيئون الظن بالمرأة، ويعتبرونها مصدر كل بلاء وفتنة ، وللأسف يستدلون على ما يدّعون ببعض النصوص الدينية، مثل ما ورد في قوله عليه الصلاة والسلام: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء". فما المراد بهذا الحديث وأمثاله مما يذكره البعض هذه الأيام للإساءة إلى المرأة، ويستغله آخرون في الإساءة إلى الإسلام الذي يتهمونه زورًا بأنه قسى على المرأة وربما جار عليها.

 راندة حسين عبده

 مهندسة معمارية.

 - يقول فضيلة د. محمد الشحات الجندى ? عضو مجمع البحوث الإسلامية ? إنه لا توجد قضية التبس فيها الحق بالباطل، واختلط فيها الصواب بالخطأ مثل قضية المرأة في مجتمعاتنا الإسلامية، والحق أنه لا توجد ديانة سماوية أو أرضية، ولا فلسفة مثالية أو واقعية، كرمت المرأة وأنصفتها وحمتها مثل الإسلام، فقد كرمها إنسانًا حين اعتبرها مكلفة مسئولة كاملة المسئولية والأهلية كالرجل، مَجْزِيَّة بالثواب والعقاب مثله، ولكن بعض المسلمين، للأسف الشديد، ظلموا المرأة ظلمًا كبيرًا، وجاروا على حقوقها، وحرموها مما قرره الشرع لها، والعجيب أن كثيرًا مما وقع عليها من ظلم وافتئات وقع باسم الدين وهو منه براء. لقد نسبوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال في شأن النساء "شاوروهن وخالفوهن"، وهو حديث موضوع لا قيمة له ولا وزن من الناحية العلمية.. بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم- شاور زوجته أم سلمة في أمر من أهم أمور المسلمين، وأشارت عليه، فأخذ برأيها راضيًا مختارًا، وكان فيه الخير والبركة.. والقرآن الكريم يقرن المسلمات بالمسلمين، والمؤمنات بالمؤمنين والقانتات بالقانتين، إلى آخر ما هو معلوم من كتاب الله تعالى.

 وقالوا فيما قالوا: إن صوت المرأة عورة، فلا يجوز لها أن تتكلم مع الرجل، غير زوج ولا محرم ، فهل جهل هؤلاء أن القرآن أجاز سؤال أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- من وراء حجاب، رغم التغليظ في أمرهن، حتى حرم عليهن ما لم يحرم على غيرهن؟ ومع هذا قال الله تعالى فى سورة الأحزاب : "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ" . والسؤال يقتضي جوابًا، وهو ما كانت تفعله أمهات المؤمنين، حيث كن يفتين من استفتاهن، ويروين الأحاديث لمن يريد أن يتحملها عنهن.

 وقد كانت المرأة تسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- في حضرة الرجال ولم تجد في ذلك حرجًا ولا منعها النبي صلى الله عليه وسلم ، كما ردت المرأة على عمر رأيه، وهو يخطب على المنبر، فلم ينكر عليها، بل اعترف بصوابها وخطأه، وقال: "كل الناس أفقه من عمر".

 كل ما يُمنع هنا هو الدلال والتميع في الكلام، الذي يراد به إثارة الرجل وإغرائه، وهو ما عبر عنه القرآن باسم "الخضوع بالقول" وذلك في قوله تعالى: "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً" ، فالمنهي عنه هو هذا "الخضوع" الذي يطمع الذين أمرضت قلوبهم الشهوات، وهذا ليس منعًا للكلام كله مع الرجال كلهم، بدليل قوله تعالى تتمة للآية: "وقلن قولاً معروفًا".

 ومن الأحاديث التي أساءوا فهمها ما رواه البخاري عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما تركت بعدي فتنه أضر على الرجال من النساء ".. فقد توهموا وأوهموا أن الفتنة هنا تعني أن النساء شر ونقمة، أو مصيبة يبتلى بها الإنسان كما يبتلى بالفقر والمرض والجوع والخوف، وغفلوا عن شيء مهم، وهو: أن الإنسان إنما يفتن بالنعم أكثر مما يفتن بالمصائب. وقد قال تعالى فى سورة الأنبياء : "وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً" ، وليس أدل على ذلك من اعتبار القرآن الأموال والأولاد، وهما من أعظم نعم الحياة الدنيا وزينتها، فتنة يحذر منها، كما قال تعالى في كتابه العزيز: "إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ" . وفتنتها أنها قد تلهي الإنسان عن واجبه نحو ربه، وإذا لم تفعل ذلك فهى بريئة من هذه التهمة .

 لقد كانت المرأة في الجاهلية ، بلا هوية ولا اعتراف ، فجاء الإسلام ليشرق نوره على أرجاء الأرض ، ولينشر الحق والعدل ، جاء ليرفع للمرأة قدرها ، فسمع صوتها وأنزل قرآناً في شأنها : " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها " . . وبالرجل ساوى أمرها " النساء شقائق الرجال " ، رد لها حقها المسلوب ، ومالها المغصوب ، ففرض لها إرثاً : " للنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون " ، وقدّر لها مهراً : " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " ، أكرمها أماً ، فجعل الجنة تحت أقدامها . وأعزها زوجة ، فجعل السعادة على أبوابها . وأحسن إليها بنتاً ، فبشر بالجنة من رزق بها وأحسن تربيتها، وبالتالى يجب على كل فتاة وسيدة ألا تنصت لكل الأقوال المغلوطة عنها لأن من يقولونها يريدون للمرأة أن تكون مجرد قطعة فى لعبة الشطرنج يحركونها وفق أهوائهم ومصالحهم .. فلا تقبلى ذلك

المصدر: مجلة حواء -امل مبروك
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 387 مشاهدة
نشرت فى 1 مارس 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,695,902

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز