تحت مظلة الشريعة الإسلامية برلمانية أو رئيسة جمهورية

كتبت :أمل مبروك

 خصوم الإسلام يتهمونه بأنه يهضم حقوق المرأة ويعطل مواهبها وقدراتها ويفضل الرجل عليها .. إلى آخر تلك الاتهامات الجاهزة والاسطوانة المشروخة التى تتنافى مع الواقع التشريعى ومع توافقه لخطاب العقل ومتطلبات الواقع..

فالقاعدة العامة في الشريعة هي المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات.. لقول الله تبارك وتعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ".. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام أحمد في مسنده: "إنما النساء شقائق الرجال". وقال سبحانه : "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ".

وهذا النص يدل بوضوح على أن القرآن الكريم حمل الرجل والمرأة معا مسئولية إصلاح المجتمع وتقويمه في كل نواحي الحياة من خلال ما يعرف في الشرع باصطلاح "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر" .

والخطاب القرآني بالقرار في البيت الموجه لأمهات المؤمنين لم يمنع السيدة عائشة من الخروج لمباشرة حقوقها السياسية وحقها في التعبير عن رأيها وموقفها من قضايا الأمة وأحداث الساعة.. وإذا أكملنا الآية لفهمنا ما فهمته أم المؤمنين بأن القرار ليس معناه المكوث في البيت والحرمان من مباشرة الحقوق.. إنما الخروج للمشاركة في الحياة العامة ودعم جهود الرجل في إصلاح المجتمع بشرط الالتزام بالحشمة والسلوك القويم.. فقال سبحانه: "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى"، والنهى عن التبرج في الآية الكريمة لا يكون خارج البيت.. فالتبرج بطبيعة الحال مباح للمرأة داخل البيت.. فكيف نفهم الجمع في آية واحدة بين الأمر بالبقاء في البيت وبين عدم التبرج ووضع الزينة؟

بلقيس وملكة كسري

أما قول الرسول صلى الله عليه وسلم : "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، فهذا الأمر متعلق برئاسة الدولة.. فالقاعدة العامة هي المساواة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة إلا ما استثنى بنص.. وقصر الرئاسة على الرجل دون المرأة يعد استثناءً من القاعدة العامة.. والاستثناء لا يجوز القياس عليه كما قرر علماء الأصول.

 

إذن فللمرأة كامل الحقوق السياسية من التصويت والترشح للمناصب العامة في السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية.. ما عدا منصب رئاسة الدولة ، ورغم ذلك فهذه المسألة أيضا محل خلاف ونظر من الناحية الشرعية.. لأن هناك من يقول بأن هذا الحديث مجرد إخبار من الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه عن عدم فلاح الفرس بعدما وصله نبأ توليتهم لابنة كسرى ملكة عليهم ، وهذا الإخبار لا ينبني عليه حكم أو إلزام للمسلمين بعدم تولية المرأة.. خاصة وأن هناك إخبارا في القرآن الكريم عن امرأة أخرى قد تولت الحكم في قومها ولم يكن حالها كحال ابنة كسرى.. بل إنها قادت قومها بحكمة وحنكة ورشد كأفضل ما تكون القيادة.

وتلك المرأة هي بلقيس ملكة سبأ التي ذكر ربنا قصتها مع نبي الله سليمان عليه السلام في سورة النمل.. والتي قادت قومها إلى خير الدنيا والآخرة بعد أن أعلنت إسلامها مع سليمان لرب العالمين: "رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". وقد استدل أصحاب هذا الرأي بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الذي ذكرناه.. والذى رواه الإمام البخاري عن أبى بكرة: "ولوا أمرهم"..على أن الحديث هنا متعلق بالولاية الكبرى أو الإمامة العظمى التي ليس لها وجود الآن بعد سقوط الخلافة.

بمعنى أن المسألة محل خلاف من الناحية الشرعية في جواز تولى منصب رئاسة الدولة.. وهو بالطبع دون الولاية الكبرى أو إمامة المسلمين.

وإذا كان البعض يرى أن رئاسة دولة بحجم مصر من الناحية العملية الواقعية.. مع تحديات اللحظة الراهنة وعظم المسئولية وحجم المشاكل والتحولات والأعباء والمطالب.. ومع تربص الأعداء والخصوم ومساعيهم الحميمة في إفشال مسيرة النهضة ومحاولاتهم المستميتة لإجهاض انجازات الثورة المصرية.. كل ذلك يفوق قدرات المرأة وطاقتها .. فهناك أيضا من يرى أنه ما دام الأمر محل خلاف شرعي بين العلماء فاتركوا الواقع هو الذي يحكم على قدرات الرجل والمرأة.. ومن منهما باستطاعته النهوض بمصر في هذه المرحلة وهزيمة أعدائها المتربصين بها .

المصدر: مجلة حواء- أمل مبروك
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 498 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,773,712

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز