اعلامنا شاشات مهجورة ورسائل مفقودة
كتبت :منار السيد
لايقل إعلامنا عشوائية عن الشارع المصرى، فقد تاهت رسالته وسط أحداث متلاحقة كان يخشى أحياناً من التصدي لها مما خلق مساحة من عدم المصداقية بينه وبين المشاهد، دفعته إلي متابعة قنوات خاصة تعمل وفق أجندات لا تخضع إلا لأهواء مالكيها.
وبات الإعلام ساحة حرب خلفية يصفي البعض علي أرضها حساباتهم مع خصومهم، ليدخل الإعلام المصري في نفق مظلم وغامض يتلقي الصدمات والاتهامات بعدم المهنية والتأثير.
فما السبيل للخروج من عشوائية الإعلام التي قد تصيب العقول بالضبابية والارتباك؟! هذا ما نعرضه في السطور التالية
فى البداية يؤكد الصحفى والمذيع جابر القرموطى : إن ما نعانيه الآن من عشوائية علي الساحة العامة أمر طبيعى نتيجة لما نمر به من مرحلة «إنتقامية» وليست «انتقالية» بسبب الصراع السياسى الذى استحوذ على المشهد فى مصر، وكان من الطبيعى أن تمس العشوائية الإعلام بشكل خاص .
ويضيف: هذه العشوائية متبادلة أى أن الإعلام ليس وحده المتهم بالعشوائية وإنما أيضا المشاهد المصرى لديه عشوائية فى انتقاء ما يشاهده، والدليل على ذلك وجود قنوات إباحية أو قنوات للأغانى الهابطة .
وقد غاب عن الإعلام الضوابط والمعايير التى تحكمه فهم البعض معنى الديمقراطية بطريقة خاطئة أثرت بشكل سلبى على حياتنا ومجتمعنا .
ولذا لا أفرق كثيرا بين مسمى «الصراعات السياسية والإعلامية لأن هدفهما واحد وهو «الكرسى والمنصب والنفوذ» بتنوع أشكاله وأغراضه.
ويؤكد القرموطى : إن الحل ليس فى مبادرات لتطوير الإعلام أو إعادة هيكلة النظام الإعلامى، وإنما يكمن الحل فى إعادة هيكلة المجتمع من جديد.
المصداقية
وتشير سناء السعيد الكاتبة الصحفية إلى أن وسائل الإعلام فى مصر حاليا تخضع للعشوائية، وهذا ينعكس على ضعف الاتصال بين الراسل والمتلقى، وأرى أن الإعلام تخلى عن هدفه الرئيسى بفقدانه المصداقية فى عرض ومعالجة الأحداث بموضوعية ومنطق، وهذا واضح من البرامج الحوارية «التوك شو» الذى يفتقد أغلب مقدميها للالتزام بمعايير الشرف الإعلامى، وبأهم ما يميز الإعلامى وهو «المصداقية».
وترجع سناء ما حدث إلي إلغاء الضوابط والمعايير والقيود على إطلاق الفضائيات الخاصة، وتقديم التيسيرات والتسهيلات لرجال الأعمال بهدف الاستثمار فى مجال الإعلام واعتباره سلعة، وهذا أمر خطير بل وعدم وعي بمدى تأثير وسائل الإعلام فى توجيه الآراء والأفكار وتكوين الرؤى لدى المشاهدين.
التبعية
أما أسامة سلامة رئيس تحرير مجلة روزاليوسف فيحّمل المسئولية لنظام التبعية الذى عاشه الإعلام فترة طويلة ليعمل فى صالح النظام الفردى الدكتاتورى الذى كانت فيه حرية الإعلام معدومة أو موجهة، وبالتالى ومع عصر الحرية التى نعيشها الآن أصيب الإعلام بحالة من «الفوضى والعشوائية».
هذا بجانب الإعلام الخاص المقروء أو المسموع والتابع لرجال الأعمال، والذي يتم استخدامه كشكل من أشكال الابتزاز من أجل الحصول على مكاسب.
ليصيب كل ذلك المواطن المصرى الذى أصابته حالة من الاهتزاز الفكرى نتيجة تشتت الآراء فى بعض الأحيان ومحاولة توجيه المشاهد فى اتجاه محدد.
ويؤكد سلامة على ضرورة طرح تشريعات إعلامية جديدة من خلال الدستور القادم لوضع معايير وضوابط ملزمة للعمل الإعلامى وجميع العاملين تحت إطار هذه المنظومة .
فوضي الإعلام
ويفسر سعد هجرس الكاتب الصحفى - ما يحدث من فوضى إعلامية بغياب منظومة إعلامية مما جعل مسئولية الإعلام موزعة بين جهات عديدة يقول: ولذا أري أنه لا مفر من حل وزارة الإعلام ليحل محلها مجلس وطنى مستقل يضم كوادر المهنة الحريصين على تطوير الإعلام، والمؤمنين بأهميته كذلك ضرورة «التنظيم الذاتى للمهنة» بوضع مواثيق التعامل الإعلامى، والتأكيد على المصداقية والموضوعية والالتزام بالمعايير المتفق عليها، ويضيف: ومن ظواهر الفوضي الإعلامية أيضاً القنوات الدينية والتي يعد تدعيم الهوية الإسلامية هدفها الاساسي، ولكنها تحولت إلى أداة للتأثير على عقل المشاهد وإصابته بالتشويش الدينى، وهو نوع من العشوائية الإعلامية التى يجب ألا نغفل عنها وعن خطورتها .
إعلام الطفل
ويطالب د. سمير محمد واصف -سكرتير عام الجمعية المصرية لإعلام الطفل- بحماية الأطفال من مشاهدة الإعلام غير المنضبط والذى يخلق جيلا مشوش الذهن، لا يشعر بالانتماء للبلد وكما يقول : لابد من إنشاء قناة إعلامية تثقيفية للطفل المصرى، حيث أفادت إحصائية عن العالم العربى أن هناك مائتى محطة ترفيهية عبر العالم العربى أجمع، كما أن هناك غياب واضح للقنوات الموجهة للتربية وبث الأخلاق الحميدة، والحث على احترام الرأى والرأى الآخر، علي الرغم من أن الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، لذلك نريد البعد عن فكرة التعصب الإعلامى لأن الطفل يستمد خبرته من مشاهدة تلك الفضائيات .
ساحة النقاش