عزيزى المواطن المصرى

كتب :محمد الحمامصي

عزيزي المواطن المصري لن تغفر لنفسك ولن تغفر لك الأجيال القادمة من أبنائك ولن يغفر لك شهداء ثورة 25 يناير وشهداء محمد محمود وماسبيرو والمسحولين والمسحولات والمصابين بعاهات مستديمة وغيرهم، ولن يغفر لك تاريخ مصر إذا تهاونت في أمر الانتخابات الرئاسية واختيار الرئيس الأقدر لحكم مصر في هذه اللحظة التاريخية، الرئيس الذي تسترد معه حقوقك ومقدراتك المسلوبة، لذا فإنني أنصحك بإخلاص أن تعمل عقلك وفكرك ولا تحكّم عاطفتك لا الدينية ولا الأيديولوجية خاصة، ولا تسمح لتيار أو حزب أو شخص مهما علا قدره أن يسوقك كقطيع من الأغنام وراء هذا المرشح أو ذاك، ولا تنخدع بالكلام المعسول الذي يتردد ليل نهار على ألسنة المرشحين ومناصريهم، وحذار من الوقوع تحت طائلة الغوغائية والنفاق والكذب الذي يستشري في الحملات الانتخابية ترفع من قدر هذا وتنتقص من ذاك.

أعرف أنك مثلي لازلت في حيرة من أمرك، خاصة أن مواعظ وقضايا تيارات وأحزاب الإسلام السياسي مديحا أو ذما يطاردك في المساجد والتليفزيونات والإذاعات والجرائد، ولا تتيح لك ضوضاؤه فرصة التفكّر والتأمل والتمييز، وعلى نفس النهج تسير خطب وطعون التيارات الليبرالية واليسارية، فضلاً عن السجالات القضائية التي لم تنته بعد، الأمر الذي أصابك بالصداع والاضطراب والتردد.

أعرف أنك أمام مرشحين إسلاميين تؤيدهم تيارات وأحزاب وجماعات إسلامية تشكل تواريخها وأفكارها وأقوالها وسلوكياتها فزعاً حقيقياً لك ولحقوقك، وأمام مرشحين ليبراليين ويساريين تؤيدهم أحزاب وتيارات ليبرالية ويسارية يحمل تاريخها الكثير من المواقف المخزية بوجه خاص أثناء حكم النظام السابق، فقد عاشت في كنف النظام السابق على فتات موائده وانتمت له فكرياً وكثيراً ما أعلنت ولاءها الكامل له، وآخرين عملوا مع النظام السابق ويدينون له ولرئيسه بالولاء.

ماذا أنت فاعل إذن؟ هل تعلن العصيان وتمتنع عن الإدلاء بصوتك؟ أرجوك لا تفعل هذا، وأثبت أنك على قدر المسئولية واقرأ تاريخك القريب ولافتات ثورتك التي خرجت لتحقيق العدالة والحرية والديمقراطية، وارفع لافتتك التي رفعتها على مدار عام ونصف "مدنية لا عسكرية ولا دينية"، فإذا لم ينل أحدهم رضاك، ادل بصوتك قائلا إن هذا ما وصلت إليه بعد قراءة وتفكير وتأمل وإمعان نظر في الـ 13 مرشحا، وطبق مقولتك "أحسن الوحشين"، لكن لا تتخلى عن الإدلاء بصوتك مهما حدث.

فليس معنى أن المشهد الانتخابي بائس وتتناوش المشاركين فيه الاتهامات، مع كامل احترامنا لما يردده المرشحون من أمجاد تاريخ وقيمة وعطاء وكفاح ونضال وهلم جرا، أن نصمت أو نعتزل أو نتفرج، أو أن نضحي بأصواتنا تواطؤاً أو تعاطفا أو من أجل حفنة أرز أو سكر أو عدس أو قطعة من اللحم، أو من أجل شيخ أو إمام نعجب بخطبه ودروسه الدينية، أو تحت ضغط الفوضى الأمنية والاقتصادية والسياسية، لابد أن نكون فاعلين ونخرج خروجا واعيا ومدركا يؤكد أننا نملك عقلا وفكرا ولسنا قطيعا من الأغنام يسوقه هذا أو ذاك لتعبأ بها التكاتك وعربات الربع والنصف نقل "التويوتا" كما حدث في انتخابات واستفتاء سابقين.

مطلوب منك يا عزيزي أن تحذر الكذب والكذابين والنفاق والمنافين والمرائي والمرائين، هؤلاء الذين يتلونون كالحرباء ويتربصون كالأفاعي، ويقولون ثم يخونون ما قالوا، الذي كما يقول المثال "من بره هالله هالله ومن جوه يعلم الله" أو الذين يقول عنهم المولى عز وجل "وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ".

ينبغي أن تصفي ذهنك وتتروى وتقرأ المشهد قراءة محايدة وموضوعية لا هوى فيها، قد يكون هذا صعباً ومرهقاً، لكن مستقبلك ومستقبل مصر يستحق منك أن تبذل من أجله أكثر من مجرد الفرجة أو الانسياق أو أن تبيعه بحفنة من المال أو المصالح الزائفة، لابد أن تطرح على عقلك تساؤلات المستقبل وتحاول أن تجد لها إجابة عبر البرامج الرسمية للمرشحين وما أدلوا به من أحاديث والمواقف التي اتخذوها من أحداث الثورة وأزماتك ومشكلاتك بوجه خاص، وأن تضع الجميع على سيف التحليل والرصد والمقارنة وتقلبهم على جميع الأوجه، وتدلي بصوتك لمن يفوز، للأنظف والأشرف والأقدر والأقل ضررا أو سوءاً بغض النظر عن اختلافك أو اتفاقك معه فكرياً، إذ لا مفر من ذلك لتخرج مصر من هذه الفترة الصعبة التي أريقت فيها الكثير من الدماء بحثاً عن الحرية والديمقراطية والكرامة .

المصدر: مجلة حواء- محمد الحمامصي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 459 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,840,796

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز