بين مدعى الكبر ورافضى النصيحة
ضاع الكبــير!
كتبت :اميرة اسماعيل
شيخ
فى البداية تقول فاطمة .ع -32 سنة- طبيبة: على الرغم من وجود الأسرة والعائلة إلا أننا نفتقر إلى القدوة والصدر الحنون الذى يجمع شمل العائلة، ويحتوى أى موقف أو مشكلة ويعمل على حلها، كان ذلك سبباً فى توبيخ زوجى له ومعيرتى بأننا «مالناش كبير» ونلجأ إليه عندما تواجهنا مشكلة ولا يمكننا التصرف من دونه.
وتعلل أميمة إبراهيم -40 سنة- رفضها لزواج ابنها الأكبر من إحدى الفتيات بسبب أنها ملهاش كبير - على حد قولها - لأن والديها منفصلان وكل طرف مستقل بحياته، وخالتها هى الآمرة والناهية، وهذا وضع لا نقبله بسبب العادات والتقاليد التى نشأت عليها الأسرة.
لو كان فى حياتنا.. قدوة وكبير لانعدمت المشاكل الموجودة الآن.. هذا ما بدأ به هانى محمود -38 سنة- طبيب حديثه قائلاً: كثيراً من مشاكل المتزوجين حديثاً أو المشاكل العائلية تحتاج وبشدة لوجود شخص حكيم ويعتمد عليه يستمع لجميع الأطراف، وللأسف تتفاقم المشكلات نتيجة لغياب هذا الشخص.
ويرى الحاج محمود على - 65 سنة - أن مفهوم الكبير لم يكن مثل الماضي.. قائلاً: أعد كبير أسرتى بل العائلة بأكملها، وتعودت أن أستمع إلى الآخرين ومشاكلهم وأطرح الحلول ولا أفرض رأيي، وأعرف ببلدتى «بشيخ البلد» وغالباً ما يأتينى صاحب المشكلة ليعرضها على نظراً للخبرة التى اكتسبتها على مدى سنوات كثيرة.
توصيف علمي
وعن مفهوم الكبير فى علم النفس ودوره فى احتواء المواقف والأزمات تقول د. سميحة نصر -أستاذة علم النفس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية-: إن مفهوم الكبير فى الماضى كان القدوة الحسنة التي يحتذى بها الجميع، ويكنون له الاحترام والتقدير، وكان يتميز بهيبة بين أفراد العائلة فهو يكون الأب أو المعلم أو الجد، وهناك من اقتدى بالرسول صلى الله عليه وسلم وجعله القدوة، ولكن مع مرور السنوات ونظراً لتغير النسق القيمى وضعف الأخلاق ضاع ذلك المفهوم للكبير. وترى د. سميحة نصر أن كل فرد يريد السيطرة على الموقف وبالتالى صار مجرد «مفهوم غير مفعل».
ورغم تدهور مفهوم «الكبير» فى معظم المناطق الحضرية ووجه بحرى تحديداً، إلا أن الصعيد بل كل المناطق القبلية يوجد بها صفوة الكبار المسئولين عن حل المشاكل على المستوى الأسرى والقبلى بعيداً عن اللجوء للمحاكم، فهو مفهوم مقدس وإن لم يكن «للكبير» إعجاب وحب فله كل التقدير والاحترام المفروض على الجميع.
عفا عليه الزمن
«موضة قديمة» هكذا ينظر إليها البعض.. هذا ما أشار إليه د. شحاتة محروس- أستاذ التربية بجامعة حلوان قائلاً: فكثيراً من الناس لم يعد يعبأ بوجود «الكبير» رغم أن الاستعانة به فى بداية أى مشكلة قد يوفر علينا عبء مشاكل أكبر وأصعب، ولكن لابد أن نكون حريصون على اختيار الكبير فهو دائماً العاقل، صاحب الخبرة، الحريص على الاستماع لكافة الأطراف ويملك القدرة على حل المشكلة بهدوء وعقلانية.. وهو ما يضعنا أمام اختيار الكبير الذى لا يتوقف عن كونه ذكراً أو امرأة، فالأهم هو العقل الذى يفكر ومدى حضور الشخصية فى الحوار.
المرأة .. الجندى المجهول
«الكبير.. يعنى الحماية والخبرة» بهذه الكلمات بدأت د. سوسن فايد -أستاذة علم النفس الاجتماعى- حديثها مؤكدة أن الشخصية القوية والمسئولة تستطيع أن تفرض نفسها فى أى موقف سواء كانت امرأة أو رجل، ورغم أن المجتمعات الحضرية الشرقية تحتم أن يكون متخذ القرار هو الرجل إلا أن المرأة مشاركة له، ولكنها لا تظهر غالباً فى الصورة .
ساحة النقاش