المحامي والمفكر الإسلامي رجائي عطية:
المبادئ الدستورية لا تعطى للذكـورة سلـطة على الأنوثــة

 

كتبت : ماجدة محمود

يبدو مشهد المرأة المصرية ومستقبلها غامضا وملتبسا في ظل تصريحات ووقائع وأحداث وحملات تهدد حقوقها
وتشوه مكتسباتها من جماعات الإسلام السياسي أو المحسوبين عليه، وقد خرجت العديد من البيانات مناشدة الرئيس محمد مرسي التدخل لإنقاذها من هؤلاء الذين ينالون
منها ويحرضون عليها وعلى حريتها الشخصية والعامة على منابر جوامع ومساجد وزوايا تنتمى للأسف للدولة، وكذا على الفضائيات الدينية المتخصصة.
الواقع يشير ويؤكد إلى أن هناك مساعيا حثيثة تجري في الخفاء لدفع المرأة مكرهة للعودة إلى "الحرملك" والأمثلة كثيرة يتقدمها البنود العشرة التي يحملها السلفيون كأمانة
لابد من تنفيذها، ومن بينها تقليص فرص عمل المرأة واحتشامها والحد من فرص تعليمها، وهناك أيضا بعض المطالبات بتهميش دور المرأة في جميع المجالات وقد ظهر هذا
واضحا في تمثيلها في لجنة وضع الدستور ونسبتها في البرلمان.
كل هذه الأمور وغيرها مما تطرحه المرأة المصرية من تساؤلات حول وجودها ودورها ومصيرها في ظل حكم إسلامي تسعي إلى بنائه جماعات الإسلام السياسي، كان محور
الحوار مع المفكر الإسلامي والمحامي الشهير رجائي عطيه .. فماذا قال؟ 
 ماذا ينتظر المرأة في ظل الحكم الإسلامي الذي أصبح حقيقة واقعة ؟

- لا أعتقد أننا مع كل المظاهر المعتمة والمؤشرات المقلقة أننا قد سرنا بالفعل إلى حكم دينى، فلا تزال القوى المدنية والليبرالية موجودة بدورها على الساحة التي لم تخل تماما
للإخوان المسلمين والسلفيين لكي يفرضوا شوكتهم، وبالتالي أجندتهم التي تتمني أن تصبغ الحكم بصبغة دينية، دعيني أقول أنها رجعية لا تتفق مع صحيح الإسلام، آية ذلك
أجندة السلفيين التي يسعون إلى فرضها، والتي وصلت إلى حد الاعتداء على حيوات الناس بمزاعم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، بواقعتين قتل حدثتا أحداهما بأبوكبير،
قتل فيها شقيقان عقابا على عملهما بالموسيقى، وأخرى قتل فيها طالب بكلية الهندسة بالسويس بزعم أنه يسير مع خطيبته المتبرجة، يضاف إلى ذلك ما حدث من قطع الأذن
بمحاكمة عرفية بقنا، وهدم الأضرحة العامة والخاصة مثلما جرى في القليوبية والفيوم، إضافة إلى الاعتراض على تعيين نائب قبطي لرئيس الجمهورية، والمصادرة على حقوق
الإناث إلى حد المرور على محلات الكوافيرات مرورا مشفوعا بالتهديد والوعيد، ويكون مؤدى ذلك إلى أمارات وشوائب أخرى أن هناك رغبة ملحة للتيار الدينى في فرض هذه
الرؤية الظلامية تحت شعار أنه حكم إسلامي وذلك نذير سيء.
 يلاحظ للمتابع أن القوى الليبرالية التي أشرت إليها ـ لا تعمل بالقوة المطلوبة لمواجهة هذا التحدي ـ بالإضافة إلى أن شباب ائتلاف الثورة قد قاموا مؤخرا بحل ائتلافهم
وهذا يدل على تفكك هذه القوى . ما رأيك؟
- ملاحظتك صحيحة، والقوى المدنية عموما لا تباشر دورها بالقدر الكافي، وهى إما مستقطبة أو موزعة أو محبطة أو متفتتة، وهذا الذي أقلقني ودعاني سلافا إلى سياستي
التي إلتزمت بها طوال حياتي إلى تحويل الحركة الوطنية التي دعوت إليها من أجل مصر إلى حزب " المصريون " وذلك كفالة لوجود قوى حقيقية آمل أن تنشأ على غرار الوفد
عام 1919 م لتنهض بواجبها في القضايا الوطنية ومواجهة المخاطر والمحاذير التي تتعرض لها. 
 كيف ترى موقف شباب الثورة من ثورتهم ؟

- كان لحركة الشباب في يناير 2011 م سمة أعطتهم مزية وسحبت منهم أخرى، ذلك أنهم تلاقوا في معظمهم على صفحات الفيس بوك، وهذا فوت على الأجهزة الأمنية
تعقبهم وإجهاض حركتهم . وهذه مزية، وفى المقابل قد حرمهم ذلك من أن يكون لهم كيان واحد ومتماسك وأن تكون لهم قيادة، وقد أدى ذلك إلى تعدد الحركات التي ولدت من
الثورة والثوار مما أدى إلى المشهد الذي نراه من تبعثر قوى الثورة ونكوص بعضها وانسحاب وإحباط بعضها.
معنى هذا أن شباب الثورة تلاشى ؟

- لا أستطيع أن أقول ذلك، لأني أرى روحهم وحماسهم في أن يتقدموا للانضمام للعمل الوطني تحت رعاية " المصريون..

ما رأيك في البنود العشر للشيخ ياسر برهامى ـ وخاصة ما يخص المرأة والتي تعمل على تهميشها وعودتها إلى الوراء ؟

- من المؤسف أنه بعد النهضة النسائية التي تبنتها هدى شعراوى وسيزا نبراوى من نحو قرن من الزمان، أن ترتد هذه الردة المؤسفة في التعامل مع المرأة وحقوق المرأة تحت
وصاية من الذكور لا يقبلها المنطق، ولا القانون، فالمسميات المطروحة تنطوي على وصاية، فاحتشام المرأة أولا هو واقع موجود في المجتمع المصري، وثانيا فهو موكول إليها وثالثا
أن الذي يكفل الخروج أو التعامل مع الخروج على النظام العام في أي شكل من الأشكال سواء في الملبس أو السلوك مرده إلى السلطات المختصة وليس إلى من يطلقون على
أنفسهم أنهم غيورون على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وأسوق لهم دليلا أرجو أن يردوا عليه: إن ذات هذه الشبهة وليس مدعى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ـ هي التي
ضبطت، أي الشرطة، الشيخ السلفي عضو مجلس الشعب الذي ضبط في واقعة فعل فاضح علني في الطريق العام في بنها، وهى أيضا ـ أي الشرطة- التي ضبطت وكشفت
أكاذيب نائب سلفي آخر أجرى عملية تجميل وادعى كذبا أنه تعرض لاعتداء وأنه سرقت منه مائة ألف جنيه . أسوق هذا تدليلا أن تنحية سلطات الدولة في القرن الواحد
والعشرين مطلب غير رشيد، بل هو يصادر على النظام العام . وباقي البنود المقترحة التي يطالب بها الشيخ برهامى هي مصادرة غير جائزة على كافة حقوق المرأة في العمل
والحركة واستعمال حقوقها وحقوق المواطنة كمواطنة مصرية لها ما للرجل من حقوق وعليها ما على الرجل من واجبات في ظل مبادئ دستورية لا تعطى للذكورة سلطة على
الأنوثة ولا تبيح لفضيلة الشيخ البرهامى أو سواه أن يفرض هذه الرؤية الظلامية التي لا يقرها الشرع ولا الدستور ولا القانون.
كيف ترى وضعية المرأة في دستور سيغلب عليه الطابع الإسلامي المتشدد؟

- يحمى المرأة في الدستور المتوازن الذي نأمل فيه مبدأ المساواة، ولكن الخطر الشديد أن يفسح أو يترك المجال للسلفيين أو الإخوان أو سواهم بصبغ الدستور بصبغة لا تتفق
أو تتسق مع القيم العامة التي ارتضاها المجتمع، وظني أن المعركة دائرة ولن تهدأ وأن هناك مطاعن جدية على تشكيل الجمعية التأسيسية منظورة أمام القضاء وقد يصدر
الحكم ببطلان تشكيلها.
 كيف ترى موقف وأداء الجمعيات النسائية من المرأة في الشارع مقارنة بما قامت به الجدات " هدى شعراوى وقريناتها " ؟

- أداء هذه الجمعيات والمرأة عموما دون المستوى المطلوب في التعبير عن حقوق المرأة والدفاع عنها ورد موجات التجني عليها، والمطلوب من المرأة سواء كفرد أو كعضو في
جمعية، أو من هذه الجمعيات، وكذا جمعيات حقوق الإنسان أن تتصدى تصديا واضحا فاعلا في الدفاع عن حقوق المرأة .
 عندما سئل الرئيس محمد مرسى عن ختان الإناث أجاب بأن هذه مسألة تخص الأسرة وهى الوحيدة صاحبة القرار فيها.. ما ردك؟ - اعتقد أنه ما كان يجوز لرئيس
الجمهورية أن يتحدث في هذا الأمر لأنه خارج عن اختصاصه ولا يملك أدوات الحديث فيه، ذلك أن للمسألة بُعداً شرعياً وآخر قانونياً، البعد الشرعي بت فيه الأزهر ومجمع
البحوث الإسلامية الذي أشرف بعضويته بالنهى عن الختان لما فيه من مضار أجمع عليها أهل العلم، في الوقت الذي لا توجد فيه قاعدة شرعية يقينية توجب الختان . أما
البعد القانوني فهو أن الختان عبارة عن بتر جزء حي من عضو الأنثى، وهذا يشكل في القانون جنحة جرح عمدي وقد يشكل إذا ما توغل الختان جناية عاهة مستديمة إذا فقد
البظر دوره، وأفقد الأنثى إحساسها الذي لا يجوز لأحد أن يتجاهله أو يتغول عليه، وعلى ذلك فإن الأسرة أو الأب أو الأم والقائم بالختان يرتكبون أمام القانون إما جنحة جرح
عمدي وإما جناية جرح أدى إلى عاهة مستديمة، وعلى ذلك فإن الختان ليس مباحا للأسرة أو لأي من الأبوين .
 إلى أين يسير الشارع المصري ؟

- الشارع المصري يفقد معالمه ولكن إطلاق اللحى كشأن الحجاب اختيار شخصي، ولا يملك أن يصادر على إطلاق اللحى أو على الحجاب وهو واجب إسلامي، ولكن ظني أن
التغير سوف ينسحب على أوجه كثيرة سواء في الغناء أو الموسيقى أو المسرح أو السينما أو الإذاعة أو التلفاز أو الإعلانات التي صارت تصدر أيضا إلى الشواطئ ويدار بها في
الطرقات . نحن مقبلون على صورة غير حميدة أرجو أن نقدر على تجاوزها.
 وماذا عن النقاب ؟

- انتهت دار الإفتاء وانتهينا في جميع البحوث الإسلامية أنه عادة وليس فريضة ولا عبادة، وأنه وإن كان وضع النقاب حرية شخصية إلا إن ذلك يجب أن يلتزم بحق المجتمع في
الإفصاح عن هوية المتخفي أو المتخفية وراء النقاب في الأماكن التي يحظر فيها دخول الرجال، أو يجب فيها الإفصاح عن الهوية في دور وحجرات الطالبات بالجامعات
والمعاهد، أقسام النساء في المستشفيات، وحمامات السباحة في التوقيت المخصص للنساء، وقيادة السيارات والمرور عبر الحدود أو الخطوط الجمركية أو أداء الامتحانات وغير
ذلك من الميادين التي يتوجب فيها الإفصاح عن الهوية، وقد كتبت في ذلك ثلاث مقالات كبيرة، أعدت نشرها في كتاب سيصدر قريبا " من فيوض الإسلام " .
> ما تقديركم لمطالبة السلفيين بخمس حقائب من بينهم التعليم . وكان هناك موقف سلبي لهم في البرلمان. عندما طالبوا بإلغاء تعليم اللغات الأجنبية؟

 

- ليس رشيدا أن يتولى سلفى حقيبة التعليم أو حقيبة الإعلام في وقت يجب فيه إعلاء الاستنارة في زمن لم يعد فيه مكانا للرجعية، ومشكلة الإخوان والسلفيين أنه ليس
لديهم كوادر، لإنعزال السلفيين عن المجتمع على مدى حقب ولكون الإخوان المسلمين كانوا في حالة صراع واشتباك مع النظام في عهد الملكية، وعهد عبد الناصر، ثم عهد
السادات، ثم عهد مبارك، وقد نجم عن هذه الاشتباكات ملاحقات واعتقالات، ومحاكمات وسجون حالت بين الإخوان وبين أن يكون لهم كوادر صالحة للقيام بأعباء الحكم فيما
عدا قلة أفلتت من أساتذة الجامعات، وهذا يضع الإخوان المسلمين والسلفيين تماما في إشكالية سوف تنعكس بالضرورة بكل سلبياتها على مصر وعلى شعبها. 
 حزبك " المصريون " . هل هو بالتوافق مع الفريق شفيق أم منفصلا عنه ؟

- للأسف لم يجر أي اتصال أو حديث مع الفريق «أحمد شفيق» بشأن هذا الحزب بسبب وجوده خارج البلاد وحتى الآن، ولكنني أعلنت في المؤتمر يوم 30 يونيه أن الحزب
يرحب بانضمامه إذا أراد، كما يرحب أيضا بكل مصري يجد أن غاياته وأهدافه تتفق مع أهداف وغايات الحزب. وهذه بعض الغايات والمبادئ التي ينطلق منها:
- يقوم على المصداقية كأساس شامل تتلاقى فيه الأفعال مع الكلمات ـ يقوم الحزب على استلهام قيم وغايات وأهداف مصر الثورة التي تفجرت في يناير 2011، ولتندمج في
كيان وغايات وأهداف وسياسة وبرامج مصر الدولة ـ يتبنى قيام الدولة ونظامها الديمقراطي على أساس المواطنة، وينهض على تكريس وإعلاء قيم المواطنة ـ يتبنى مدنية الدولة
واحترام الأديان والقيم الروحية ـ احترام وكفالة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان وكفالة حرية الفكر والرأي والتعبير ـ ضمان حرية الصحافة،
وعدم جواز مصادرة الصحف، وتحرير الصحافة من كل أشكال ملكية وسلطان الدولة.
- الحفاظ على المقومات الأساسية للمجتمع المصري ـ كفالة الحرية والعدالة الاجتماعية ـ رعاية وحماية الطفولة، ورعاية النشء والشباب، تكريس دور الشباب في الحياة
الديمقراطية والسياسية ـ كفالة وتكريس دور المرأة ومساهمتها في الحياة السياسية، وكفالة حقوقها على مبدأ المساواة ـ رعاية العجزة والمعوقين والمهمشين ـ كفالة حق العمل فى
إطار فرص متكافئة، وكذا الوظائف العامة كحق للمواطنين بلا تمييز ـ النهوض بالتعليم، ورعاية الثقافة والفنون والآداب، وكفالة حرية الإبداع ـ حماية ورعاية التراث المصري،
والآثار الممتدة من العصر الفرعوني حتى الآن، مع حماية حرمة القبور والأضرحة التاريخية والخاصة ـ إعلاء قيم دولة الدستور والقانون ـ تكريس قيم الإخاء في ظل المبدأ الذي
عاشت عليه مصر : الدين لله والوطن للجميع . 
- إقامة علاقات متوازنة مع العالم تراعى سيادة مصر وعدم جواز التدخل في شئونها أو فرض أي وصاية عليها ـ حماية ثروات مصر القومية، كقناة السويس ،وكفالة أن تكون
أي مشروعات بشأنها ـ مصرية صرفة ـ رعاية الأمن القومي لمصر، واعتبار تعمير سيناء وحمايتها من أهم قضايا الأمن الوطني ـ كفالة الحرية والديمقراطية الحقيقية،
بمصداقية صافية تحترم هذه الحقوق احترام مقدسا ـ رعاية تكوين وإثراء الثقافة السياسية، وإعداد كوادر مؤهلة من الشباب، مزودة فضلاً عن الحس الوطني، بالمعلومات
والمعارف وأبعاد القضايا الوطنية، وملمّة بكل روافد الثقافة السياسية لتسهم من الآن إسهاماً فعالاً في الحياة الوطنية والسياسية وليكون هذا الشباب عدة مصر في الحاضر
والمستقبل .
 هل سيخوض حزبك الانتخابات البرلمانية القادمة ؟

- هذا سؤال سابق لأوانه، لأن موعد الانتخابات متوقف على إتمام الدستور ولا يزال ذلك غير معروف ومتوقف أيضا على مدى استكمال الحزب لبنائه وكوادره، وعلى ذلك
فإن النظر في هذا مرجئ إلى أوانه . وأرجو في النهاية أن أشير إلى أن حزب " المصريون " يفتح أبوابه على مصراعيها للمرأة عامة ولكافة الأدباء والفنانين والمبدعين.
> انتهى حوار المفكر الإسلامى «رجائى عطية» ولم ينته الجدال حول مصير المرأة فى ظل التوترات والمشاحنات التى تجتاح المجتمع المصرى 

 

المصدر: مجلة حواء- ماجدة محمود

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,812,073

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز