الصوم والجزاء

كتب : محمد الشريف

فرض الله الصيام علي الأمة الإسلامية كما فرضه علي الأمم السابقة، إلا أنه سبحانه وتعالي حبي أمة حبيبه محمد صلي الله عليه وسلم بشهر رمضان وأعطاهم الكثير من المزايا التي لم تعط لأمة قبلها، من بين هذه الخصال أن

الله تعالي جعل الأعمال كلها للعبد واستأثر بالصيام لنفسه، فقال في الحديث القدسي «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» 

الصوم والجزاء بغير حساب فلماذا اختص الله الصوم بهذا الفضل دون غيره من العبادات؟

سؤال طرحته قارئة «حواء» سها سعيد يقول أ.د. عبد الغفار هلال - عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية -: ساق لنا الرسول «صلى الله عليه وسلم » جملة من الأحاديث التى تحث المسلم على اغتنام رمضان لما فيه من ثواب عظيم، فهو الشهر الذى يتجلى الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، من بين هذه الأحاديث الحديث المذكور بين الله فيه قرب تلك العبادة له سبحانه وذلك من وجهين أولهما: أن الله تعالى اختص الصوم ونسبه لنفسه لشرفه ومحبته له، وظهور وبذل الإخلاص له سبحانه فيه، فهو بين العبد وربه لايطلع عليه سواه سبحانه. يقول «صلى الله عليه وسلم» يدع شهوته وطعامه من أجلى»، وتظهر فائدة الاختصاص يوم القيامة كما قال سعيان بن عيينه «إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عبده ويؤدى ما عليه من المظالم من سائر أعماله حتى لا يبقى إلا الصوم، يتحمل الله عنه مابقى من المظالم ويدخله الجنه بالصوم».

ويشير د. هلال إلى الثواب الأوفى والمضاعف للصيام فيقول: أما الوجه الثانى فى قوله «وأنا أجزى به» هو أن الأعمال الصالحة يضاعف أجرها بالعدد، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائه. ضعف إلى أضعاف كثيرة، أما الصوم فإن الله أضاف الجزاء عليه إلى نفسه من غير اعتبار لعدد، وهو سبحانه أكرم الأكرمين، والعطية، بقدر معطيها، فيكون جزاء الصائم عظيماً بلا حساب والصيام صبر على طاعة الله وعن محارمه وأقداره المؤلمة من الجوع والعطش، وبذلك يجتمع فيه أنواع الصبر الثلاثة وتحقق أن يكون الصائم من الصابرين، وقد قال تعالى «إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب».

الصوم والحيض

فرض الله الصيام على المسلم والمسلمة، وأجاز للمرأة الفطر فى أمور خاصة بها مثل الدورة الشهرية، فهل يجوز لها أن تتناول دواء من شأنه منع نزول دم الحيض عليها فى رمضان أم تأتى برخصة الصوم؟

«حواء» طرحت السؤال على أ .د. لطفى عفيفى عبد ربه - أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر - للإجابة على رسالة قارئتها سميرة السيد.

يقول د. عبد ربه: من المسلم به شرعاً أن الله سبحانه خلق المرأة على أمور خاصة بها كأمر الدورة الشهرية، ومعروف أن الحائض يحرم عليها أمور أثناء فترة الحيض كالصيام والصلاة، لكنها تقضى بعضها كصيام رمضان ويسقط عنها بعضها كالصلاة، وفى ذلك بيان لرحمة الله بإمائه، «أي العابدات الله من خلقه من النساء» ويثبت ذلك الحديث الذى رواه البخارى عن عائشة قالت «كنا نأمر بقضاء الصوم ولانأمر بقضاء الصلاة»، ومع مسايرة مظاهر العصر والتقدم العلمى أباح بعض العلماء المعاصرين تناول الحبوب التى تؤخر الدورة الشهرية إذا كان لايترتب على ذلك ضرر ما يلحق بالحائض لعدم ورود دليل يجرم ذلك، وقد ثبت عن السلف أنهم كانوا يخبرون النساء فى موسم الحج أن يتعاطين ما يمنع نزول دم الحيض حتى يتمكن من أداء كافة الشعائر التى يشترط فيها الطهارة، وكان منقوع شجر الآراك الذى يؤخذ منه السواك مفيداً فى ذلك فوصفوه للنساء، ومع ذلك فإننا نرى أن السير على الفطرة للأنثى أولى، وخير نساء العالمين كن يفطرن فى رمضان ويقضين فى غيره ما فطرنه فيه، ولاينقص ذلك من أجورهن شيئاًَ.

وبناء عليه فإن قياس تعاطى الحبوب فى رمضان لتتمكن المرأة من استكمال رمضان دون إفطار هو قياس على الحج، وذلك مع الفارق لأن تعاطى مثل تلك الحبوب فى الحج تدفع إليه الضرورة والحاجة وهى أن الحج مرة واحدة فى العام ولن تتكرر، وحرص المرأة على ألاّ تفوِّت شعيرة من شعائر الحج أمر مقبول بخلاف الصوم الذى قال الله عنه» فعدة من أيام أخر».

وعموماً فتناول الحبوب إذا لم يترتب عليه إلحاق ضرر بالمسلمة فهو جائز

 

المصدر: مجلة حواء- محمد الشريف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 711 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,692,234

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز