آه يا قاهرتي
كتب : محمد الحمامصي
تحولت شوارع القاهرة وأنفاقها وميادينها والمسطحات الفارغة تحت كباريها العلوية إلى مولات كبرى، تفترشها كل أنواع الأنشطة والسلع والبضائع من الأغذية إلى الأحذية إلى الملابس والأدوات المنزلية والمأكولات والطيور وألعاب الأطفال والعطور والمقاهي .. إلخ، حيث قبض الباعة الجائلين والعاطلين والبلطجية عليها وقسموها إلى كنتونات وشوادر وأقيمت السرادقات والفترينات ونصبت الألواح والعربات الخشبية وعربات الكارو وافترشت الأقفاص والطاولات دون اعتبار للمحلات والشركات والمولات والمصالح الحكومية والمتاحف والجوامع وغيرها أو احترام لحركة المرور والعابرين.
لقد أصبحت شوارع رئيسية وميادين كبرى كشارع التحرير والكورنيش وقصر النيل وشهاب وجامعة الدول وبور سعيد والأزهر و23 يوليو وميدان طلعت حرب وعماد الدين والعتبة وروكسي والدقي مرتعا ونهيبة لفوضوى الباعة الذين بدأوا بالزحف على أرض الشوارع والميادين نفسها، حتى ميدان التحرير الذي أصبح رمزا لثورة 25 يناير تم احتلال الأرصفة المحيطة به وفرشها بكل أنواع الأنشطة التجارية مضافا إليها ماسحو الأحذية وباعة الجرائد والكتب، كما أن كل الشوارع المؤدية إليه لا يكاد يوجد على أرصفتها مكان لموضع قدم في مشهد فوضوي ينبئ عن خلل كبير.
وعن ميدان العتبة و ميدان الأوبرا وشارعي الأزهر والجيش وعبد العزيز حدث ولا حرج، يمكن القول أنه تم تقسيمها إلى مواقف سيارات ومولات، هي مفروشة بالكامل، أرصفة وشوارع، بعربات الملابس والأحذية والأدوية الكهربائية والعطور وأجهزة المحمول وإكسسوارات، وأجهزة المحمول البيستيشن والأدوات المنزلية والديكورات وألعاب الأطفال والمواد الغذائية وكل ما يخطر على البال.
وعلى مقربة من وزارة الإنتاج الحربي والتعليم والتعليم العالي والمالية ومقبرة الزعيم سعد زغلول ومؤسسات صحفية حيث شارعي المبتديان ومنصور، تفترش عربات اليد الخشبية وعربات الكارو جنبا إلى جنب مع باعة الفاكهة والأحذية واللعب وغيرها في مشهد عشوائي يربك حركة المرور دون أن يلفت ذلك انتباه أحد من المسئولين.
وإذا كان هذا يجري في الشوارع والميادين الرئيسية فإن الشوارع والميادين الخلفية داخل الأحياء صارت مرتعا للفوضى والعشوائية، تحكمها آليات البلطجة، ويقبض العنف على زمام تقسيماتها، فالأقوى له نصيب الأسد من الميدان أو الرصيف أو أرض الشارع، بل إن هناك بعض الأرصفة والشوارع والميادين تحكمها عصابات تؤجرها بالمتر لمن يدفع أكثر، ويأتي ذلك في ظل تراخي وتغاضي أمني واضح وخوف وصل إلى حد الرعب من جانب المواطنين وأصحاب المحال من التعرض لهؤلاء.
إن القاهرة الكبرى تصرخ مستغيثة فأغيثوها، فهي عاصمتكم ومرآة مصر ومرآتكم، فليس من المعقول أن يصل بها الحال إلى أن تكون مولا أو مقهى أو كومة قمامة أو بحرا من مياه الصرف الصحي ولا أحد يتحرك لنجدتها، حيث أن البيانات والخطابات الواعظة والمرشدة غير كافية، لابد من يد القانون محمية بالشرطة، لكن أن نتركها هذا مباحة مستباحة للخراب، فأمر صعب نتائجه خطرة
ساحة النقاش