قلبى يقول.. وأمى تقول! «2»

كتبت : سكينة السادات

حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئتى الملازم أول سهام - خريجة المعهد العالى للتمريض التابع للقوات المسلحة - وروت لى كيف أنها الابنة الوحيدة لموظف كبير سابق فى الحكومة وأن أمها «وهى ابنة عم أبيها» لم ترزق بأى أطفال سواها، فظلت طوال عمرها موضع اهتمام ورعاية من الأسرة، وقالت إنها حصلت على الثانوية العامة بتقدير 88% وكان من الممكن أن تدخل كلية الطب، لكنها آثرت الحياة العسكرية وكلية التمريض لحبها الشديد للعلوم العسكرية ورعاية المحتاجين، وظلت أمها تبكى وتلطم خديها وتردد.

- بقى الناس تقول لك يا حضرة الدكتورة أحسن ولك يا حضرة الممرضة أحسن؟ وكنت أقول لها إن الممرضة حاملة البكالوريوس المؤهلة لا تقل أهمية عن الطبيب، لكنها ظلت تبكى وتحكم نفسها وتعتبر إصرارى على دخول كلية عسكرية مجرد حجة للهروب منها وتركها وحيدة.

وقالت سهام.. إنها فرحت بها وهى ترتدى ملابس الضباط، وكانت فى حالة ذهول من تحول البنت الوحيدة المدللة إلى إنسانة منضبطة تسهر الليالى إلى جوار المرضى وتحوز رضاء كل العاملين معها، ولم يكن يؤرق الأم سوى أن ترضى الابنة وتختار أى عريش من المتقدمين لها، وكلهم لا عيب لهم، لكن سهام كانت تقول: «إنه النصيب الذى لم يأت بعد»!

وقالت سهام إنها قد أنهت عملها وخلعت البالطو الأبيض وبدأت ترتدى ملابس الخروج عندما دخلت نقالة يرقد عليها ضابط شاب أصيب فى إحدى المناورات، وطبعاً لم تتركه، وقدمت له كل الإسعافات الممكنة، وجاء الطبيب على عجل ومعه مجموعة أطباء فى كل التخصصات فالمصاب ضابط شاب مشهود له بالامتياز وأقاربه قلقون عليه أشد القلق.

 

وتستطرد سهام .. أدخلت المصاب بسرعة إلى حجرة العمليات، وأجرى له الأطباء عدة عمليات سريعة كان أهمها إيقاف النزيف ومحاولة جبر الكسور فى مختلف أنحاء جسده، وكانت القيادة العسكرية تسأل عن حالته كل ساعة تقريباً وما كان منى إلا أن جلست جواره ليلة كاملة حتى عاد إلى الوعى بعد محاولات ناجحة من كل أطباء المستشفى الذين كانوا قد فقدوا الأمل فى نجاته.

 

وتستطرد د. سهام.. لن أطيل عليك أصبح النقيب بلال مريضى وشغلى الشاغل وبدأ ينطق بكلمات بسيطة بدأها بأن وجه إلى الشكر لرعايتى له، وللأسف علمنا بعد إجراء الفحوص الطبية المكثفة أن هناك إصابة طفيفة فقرات الرقبة سببت إعاقة فى الذراع والساق اليمني، لكن الأطباء أكدوا أنه مع الوقت والاستمرار على العلاج الطبى والطبيعى سوف يمكنه أن يعود «شبه طبيعي» أى ليس سليماً مائة فى المائة بعد وقت قليل. وتستطرد سهام..كنت أقرأ نظرات الحب فى عينيه، وبدأ قلبى يميل إليه وأنا التى لم تعرف الحب من قبل وصار لا يأكل إلا من يدى ولا يتحمل أن آخذ أجازة أو أتأخر عليه لشأن من شئونى وذات مرة دخلت عليه فوجدته يبكي، انفطر قلبى لبكائه وسألته فقال: أبكى على نفسى عندما أجد الإنسانة التى أتمناها أصبحت معاقاً لا أصلح لها!!

ارتجف قلبى ولم أجد الكلمات التى أرد بها لكن دموعى سبقتنى ولم أجد ما أقوله سوي

- بعد الشر عليك.. ألف سلامة!

 

وتستطرد ..أحبه يا سيدتى حتى ولو ظل «يعرج» ولا يستعمل يده اليمنى إلا بقدر محدود، ولا أرى فى الدنيا سواه وهو يقول أنه ليس مجنونا لكى يتقدم لخطبتى من الأهل وهو مريض وفرصة شفائه غير مؤكدة، وأمى تلطم خديها كالمعتاد وتقول..لأ المرة دى بقى ده جنان رسمي!! قدامنا الدكتور والمهندس اللى زى الفل والتاجر المليونير وإنت عاوزة الضابط العيان الغلبان!

قلبى يقول أننى أحبه ليس عطفا بل حبا حقيقيا فقد أقتربت منه وأحسست أنه نصفى الثانى وأمى تقول سوف تندمين ولن تكونى ابنتى إذا نفذت ما فى رأسك هذه المرة!!

 

حضرة الضابط سهام انت قمر وشاطرة وممتازة وتعظيم سلام لك واتبعى نداء قلبك فسوف يشفى بلال ويصبح زى الفل وشوية ضغط ودلع على أمك سترضي، ولا تتركى حبك الأول وتضيعي على نفسك فرصة لحياة الحب الأول

المصدر: مجلة حواء -سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 595 مشاهدة
نشرت فى 13 سبتمبر 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,866,334

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز