الشائعات .. والإعلام الكاذب !

كتبت : نبيلة حافظ

لا تسلم أمة من الأمم - منذ خلق الله الأرض ومن عليها - من مرض الشائعات .. ولكن قدرنا بعد ثورة 25 يناير أن هذا المرض أصبح وباء وانتشر فى أواصل الوطن وبات يهدد مستقبله بعواقب وخيمة . والغريب فى الأمر أن مرض الشائعات الذى نعانى منه الآن غير قاصر على فئة معينة بل أصاب الجميع .. شيوخاً وشباباً .. نساء ورجال أغنياء وفقراء .. مثقفين وأميين . كل هؤلاء سمحوا لهذا المرض أن ينتشر بينهم .. ولم يفطنوا إلى خطورته وآثارة المدمرة على المجتمع .. تناسوا أن كثيراً من الدماء أريقت وأرواح أزهقت وأطفال شردوا بسبب الشائعات .. نسوا أيضاً أن هناك بيوتاً خربت وقلوباً جرحت وعاش أصحابها فى ظلمات ومرارة العيش بسبب الشائعات .

كل هذا يحدث بسبب كلمة تنطلق دون وعى أو إدراك .. ودون تقدير لعواقب الأمور .. كلمة سيئة مغرضة تنطلق على الألسن وتسرى كالنار فى الهشيم .. ولم يحاول مروجوها أن يتيقنوا .. أو يستوضحوا .. أو يتبينوا صدقها أو مدى عقلانيتها أغفلوا قول الله عز وجل «يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجاهلة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» (سورة الحجرات) .. ولم يستوقفهم أيضا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم والذى ينهى فيها عن إطلاق الشائعات أو الترويج لها .. فهو القائل : «كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ماسمع» .

والمؤسف حقاً ونحن نتناول هذه القضية الخطيرة أن نجد الإعلام بكل وسائله المقرءة والمرئية والمسموعة من أكثر الجهات المروجة للشائعات .. فبعض هذه الوسائل أضلت طريقها وجانبها الصواب وأثارت البلبلة وأطلقت الشائعات والأخبار الكاذبة لتبث الخوف والفزع بين الناس وتثير الشكوك حول الشخصيات المؤثرة فى المجتمع .. كل هذا تفعله تحت مسمى حرية الرأى .. والشفافية فى تناول الأحداث .. والمؤسف حقاً أنها تترك العنان لأصحاب النفوس المريضة والمفسدون .. والمغرمون بحب الظهور على وسائل الإعلام لكى يمارسوا أفعالهم الدنيئة ويطلقوا الشائعات من أجل تحقيق أغراضهم وإطماعهم وزعزعة أمن واستقرار الوطن .. وكان من الأولى لمثل هذه الوسائل أن تلتفت إلى الرسالة السامية للإعلام الحر النزيه .. وأن تؤدى دورها الوطنى فى هذه المرحلة الهامة والخطيرة التى تمر بها البلاد .

أعتقد أنه آن الأوان أن يتم الوقوف بقوة وبحسم أمام وسائل الإعلام هذه .. وأن يتم فرض عقوبات عليها بما يتناسب مع حجم الجرم الذى تفعله ببثها أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بمصالح الوطن .. نحن نريد قانوناً حاسماً يجرم هذه الأفعال .. حتى لايتم أخذ «العاطل بالباطل» .. وتظلم جميع وسائل الإعلام وتكون فى نظر الناس والمجتمع كله وسائل مغرضـة تساعـد عـلى نشر الأكاذيب وتـرويـج للشائعات !!