كتبت : سكينة السادات

صعب جداً على الإنسان صافى القلب والضمير، الذى لا يضمر شراً لأحد والذى يتفانى ويبذل كل الجهد والمال والصحة والعمر من أجل الأسرة والمحبة والاستقرار، صعب جداً أن يتبين فجأة أنه كان مخدوعاً وأنه قد تم استغلاله بكل اقتدار حتى تحقق المطلوب، ثم فجأة يجد نفسه مجرداً من كل شئ، من الشباب والمال والعواطف والبيت والصحة بلا ذنب أو جريرة، سوى أن دوره قد انتهى عند هذا الحدّ ولا لزوم لوجوده بعدئذ، ولا وجود لأى وفاء ولا أى تقدير ولا كلمة شكر .. ياللا .. مع السلامة والقلب داعيلك !!

 

بحر من الدموع الساخنة، الآتية من صميم قلب موجوع ومتألم أشد الألم وحكاية تدل على أن الدنيا لم يصبح فيها أى خير فكيف تقدم كل ما يمكنك من حب وبذل وعطاء ويقابل كل هذا بالجحود والنكران؟

قارئتى المهندسة أنهار «56 سنة» كانت مهندسة مرموقة فى إحدى شركات البناء الكبرى، ثم رأت أن تتقاعد بعد الزواج لظروف سوف نشرحها فى سياق حكايتها، التى أرجو ألا تصيبك قارئتى العزيزة بالحزن والاكتئاب كما حدث لى!!

 

قالت لى المهندسة أنهار وهى سيدة سمراء، جميلة التقاسيم، حجابها رقيق، وصوتها حنون هادئ، ودموعها مزقت قلبى!!

قالت: أنا من أسرة متوسطة الحال، فوالدى موظف حكومة كبير ووالدتى ربة بيت تمت إليه بصلة القربى، وحياتنا الأسرية كانت هادئة مستقرة أنجبا ثلاث بنات يعتز بنا والدنا ووالدتنا ولم نسمع منه يوماً أنه حزين من «خلفة» البنات وأنه كان يتمنى أن يكون له ولد، بل كان يقول دائماً .. إنه راضِ بما قسمه الله وأن بناته عنده بالدنيا!

وقرر والدى أن نأخذ أكبر الشهادات الدراسية، ولما كنت كبيرة البنات والأكثر قرباً من والدى، فقد أقنعته بأن أنقل لكلية الهندسة وساعدنى مجموعى فى الثانوية العامة على ذلك، والتحقت بالهندسة، وتخرجت فيها بامتياز مع مرتبة الشرف.

واستطردت أنهار .. أما أختاى فقد التحقت واحدة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والصغرى بالحقوق وتحققت لوالدى أمنيته بأن تحوز بناته على أعلى الشهادات الجامعية!

ولا أدرى لماذا؟ كان الخطَّاب يأتون فى طلب يد شقيقتى ولم يتقدم لخطبتى أحد سوى أحد أقربائنا، ولم يكن يصلح للزواج أصلاً لا شكلاً ولا موضوعاً.

وتستطرد أنهار .. نعم أختاى ربما تكونان أجمل منى لكننى لست قبيحة بل كثيراً ما يقولون أننى جذابة و«دمى خفيف» ! ألا ترين ذلك؟ المهم .. أننى ضغطت على والدى حتى لا يؤجل زواج أختىّ من أجلى، فكان رافضاً لزواج الصغيرتين قبل الكبيرة، لكننى أصررت واضطر إلى تنفيذ رغبتى، فتزوجت أختاى اللتان تصغرانى من شابين محترمين وأنجبتا صبياناً وبناتاً.

واستطردت أنهار .. كل هذا حدث فى حياتى وبصراحة كانت لدى غصة فى قلبى، لماذا لا يقبل عليَّ الخطاب؟ وبما أننى مؤمنة بالله متدينة، فقد رضيت بالمقسوم وتفانيت فى عملى، حيث كنت أعمل فى شركة بناء مصرية كبيرة وكنت قد وصلت إلى سن الثالثة والثلاثين من عمرى دون زواج، وأصبحت «شبه» يائسة من الزواج أو كما يقول الممثل «خلاص رميت طوبة الجواز والرجال» حتى ظهر عونى فى حياتى، ولم يكن غريباً عنا، فقد كان مهندساً نائباً فى نفس الشركة التى أعمل فيها، وفوجئت ذات يوم بنبأ وفاة زوجته أم أولاده الثلاثة فجأة، وكان نبأ مفزعاً للجميع فقد كان عونى مثالاً للزوج والأب السعيد

ومرت عدة شهور بعد وفاة زوجة المهندس عونى وكان أطفاله الثلاثة فى سن 8سنوات و 6 سنوات و 4سنوات ولدان وبنت، وفوجئت به يتقرب إلى أكثر من ذى قبل، وكنت دائماً أعزه مثل الأخ وكان لطيفاً معى منذ البداية، لكننى لاحظت أنه يسأل عن ظروفى ويتكلم معى أكثر ويسألنى عن ظروفى، ثم كان أن طلب منى بعد فترة أن يقابل والدى ويطلبنى للزواج .. ماذا جرى بعد ذلك .. الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية

المصدر: مجلة حواء- سكينة السادات

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,815,235

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز