كتبت :أسماء صقر
تشكو الكثير من الأمهات من عدم تنظيم أطفالهن للوقت حيث يتم التعامل مع بعض الأمور بشكل عشوائي، وغير منظم كوقت عمل الواجب المدرسي وبعض الأنشطة، والرغبة في لقاء الأصدقاء، واللعب معهم أغلب الوقت مما يدخل الأم في معاناة بشكل دائم من فوضي وعدم تركيز طفلها سواء في المدرسة أو التعامل مع الأقارب والأصدقاء والحياة الاجتماعية لذلك هنا تقع المسئولية علي الأم بتعويد طفلها منذ الصغر علي تنظيم وقته، ولمعرفة كيفية اكتساب الطفل لمهارة تنظيم الوقت اقـرئي معنا السطور التالية
فى البداية تحدثنا مع ريم نجدى موظفة تقول : يبلغ ابنى من العمر 8 سنوات وعندما يعود من المدرسة أجده يهمل أداء الواجب المدرسى ولا يهتم بتنظيم أوقاته ويتعامل مع الأمور بشكل فوضوى حيث لاينفذ ما أطلبه منه ولا يسمع كلامى مما يجعلنى اضطر لضربه حتى يستجيب لما أقوله ويقضى أغلب أوقاته مع أبناء خالته ليلعب معهم ألعاب الفيديو جيم (كالأتارى) وتؤيدها نعمة مصطفى ربة منزل قائلة : رغم تفرغى لقضاء احتياجات المنزل ورعاية الأولاد إلا أننى أشعر بعدم السيطرة على سلوك ابنتى الوحيدة التى تبلغ من العمر 12 سنة لا تضع ترتيبا لأهم أولوياتها فكل ما يهمها الذهاب لابنة الجيران للجلوس أمام الكمبيوتر معا والتحدث عبر الشات والفيس بوك مع الأصدقاء .
ولأنها الوحيدة أخشى أن تغضب منى لكن فى ذات الوقت أشعر بالقلق عليها فالحياة الآن أصبحت صعبة ومن يعيش فيها بشكل عشوائى وبدون نظام لا يستطيع أن يحصل على ما يريده من نجاح، وتكوين علاقات وروابط اجتماعية مع الآخرين، وذلك لفقدان قيمة أهمية الوقت واحترامه ومع ذلك لا أدرى كيف أتعامل معها؟ وأجعلها تدرك أهمية الوقت فى حياتنا .
الخوف على المستقبل
ويقول أمير عبدالحكيم موظف : ابنى يبلغ من العمر 10 سنوات ولا أجده منظما فى وقته، حيث يهتم بالخروج مع أصدقائه للتمشية والترويح عن النفس أولا ثم يهتم بالمدرسة والمذاكرة بعد ذلك وعندما يعود للبيت أجده متعبا ولا يستطيع المذاكرة ويخلد للنوم مما يشعرنى بالخوف على مستقبله
أما فاطمة رجب ربة منزل فتقول : كثيرا ما يتشاجر زوجى معى ويتهمنى بأننى السبب فى تشتت ابنتى وعدم قدرتها على التركيز فى شىء معين حيث لاتدرك أهم الأشياء والاحتياجات الخاصة بها فهى تبلغ من العمر 13 سنة والمدرسون فى المدرسة يشكون من عدم مشاركتها فى الأنشطة المدرسية وعدم إدراكها لأهمية الوقت، وتنظيم وقت لعمل الواجب المدرسى وآخر للاهتمام بشعرها واختيار ملابسها حيث تحب الوقوف أمام المرآة لفترة طويلة وبعد ذلك تذهب للدرس وعندما تعود للبيت تهتم بعمل واجب الدرس وتنسى واجب المدرسة.
وعندما يتم عقابها تبرر موقفها بأنها ليس لديها وقت، وأحاول جاهدة أن أجعلها تنظم وقتها وذلك بالحديث معها ولكننى أشعر بأنها لا تهتم بما أقوله لها.
التليفزيون
ويقول سعيد البنا موظف : ابنى يدرس فى الصف الثانى الابتدائى وعندما يعود من المدرسة فكل ما يهتم به مشاهدة التليفزيون خصوصا قنوات الكارتون ولا يهتم بعمل الواجب والمذاكرة إلا فى حالة قيامى بغلق التليفزيون، وحاولت أن أضع جدولا يوميا له محددا بالساعة ليسير عليه كأوقات اللعب، وتناول الطعام، والمذاكرة ، والنوم ومشاهدة برامج الكارتون لكنه غالبا لايسير عليه
أما عايدة السيد موظفة فتقول : ابنتى تقضى أغلب وقتها أمام الكمبيوتر رغم نفاذ صبرى معها وكثيرا ما أطلب منها التركيز أولا فى دراستها ثم التفكير فى اللعب بصفة عامة سواء مع أصدقائها أو على الكمبيوتر ومع ذلك لا تستطيع تنظيم وقتها خصوصا وأنا خارج المنزل فى العمل وأبذل كل جهدى كى أعلمها كيف تستغل وقتها وترتب اهتماماتها .
التنشئة الأولي
وتقول الدكتورة سامية قدرى أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس : قيام الطفل بسلوك معين يتم اكتسابه عن طريق التنشئة الاجتماعية كاتباع سلوك تنظيم الوقت فإذا كان الوالدان معتادين على تنظيم وقتهما سوف يكتسب الطفل ذلك بالتأكيد منذ الصغر وبالتحديد من سن 5 سنوات ويمكن اتباع أسلوب التلقين مع الطفل من خلال المحاكاة معه وغرس فيه أهمية تقسيم الوقت.
وتشير قدرى إلى قدرة استيعاب الطفل لأهمية تنظيم الوقت عندما يجد جميع مؤسسات التنشئة كالأسرة والحضانة والمدرسة وجميع المحيطين به يتبعون نظام تقسيم الوقت واحترامه والتركيز على أهمية دور الأسرة فى التنشئة الاجتماعية باعتبارها المجتمع الصغير بالنسبة للطفل والمؤسسة الأساسية فى تنشئته.
النظام عادة
وتدعو أستاذة علم الاجتماع الأسرة إلى تعويد طفلها على نظام يومى ففى الصباح يذهب للحضانة أو المدرسة وعندما يعود يمكن أن ينام لمدة ساعة أو أكثر وعندما يصحو عليه أن يقوم بأداء واجب المدرسة أو ممارسة الأنشطة وفى المساء عليه مشاهدة التليفزيون، وعلى الأم أن تراقب ما يشاهده طفلها وتوضح له أنه من الضرورى تخصيص وقت لكل شىء يقوم به .
وتحذر د. سامية من الشجار وحدوث خلافات بين الزوجين أمام الأولاد فهذا يسبب التشتت وعدم التركيز فى الدراسة وفى حياتهم الشخصية والعاطفية فالأسرة عليها أن توفر للأولاد كل سبل الراحة والنظام.
وتؤكد هنا على أهمية الوعى بالنسبة للآباء والأمهات وتدريبهم وتعليمهم الأخلاقيات والسلوكيات الإيجابية.. منها قيمة احترام الوقت، وعلى المدرسة دور فى مساعدة الطفل على تنظيم وقته وذلك من خلال الرقابة على التلميذ ومتابعته ورصد مستواه الدراسى، ويمكن استخدام العقاب من قبل الوالدين والمدرسين فى المدرسة بشرط أن يكون العقاب معنويا بحرمانه من ممارسة نشاط معين معتاد عليه فى المدرسة لفترة معينة وحرمانه من مشاهدة التليفزيون وذلك من أجل تقويم سلوكه .
المرأة العاملة
وبالنسبة للمرأة العاملة فغالبا ما تقضى المرأة أوقات عملها والأولاد فى ذات الوقت فى المدرسة ولكن أحيانا يتطلب عمل المرأة مزاولة عملها فى أوقات مختلفة كمهنة الطبيبة وغيرها من المهن على حسب طبيعة العمل وفى هذه الحالة على المرأة أن توفر بديلا يقوم بتنفيذ دورها كالأب والأخ الأكبر حتى تعود الأم لمنزلها وهذا يتوقف أيضا على عمر الطفل وقدرته على الاعتماد على نفسه.. ومن الضرورى أن تعود الأم طفلها على ذلك فى مرحلة مبكرة كى تؤهله على تنظيم وقته وذلك من خلال ترك الطفل يتناول الطعام وحده ويختار ملابسه ومعرفة تصوره وقدرته على تقسيم وقته فهذا يساعده أيضا دراسيا فيستطيع تحقيق النجاح والتفوق ويصبح إنسانا منظما وناجحا مستقبلا.
الشخصية الناجحة
ويوضح الدكتور عبدالفتاح درويش أستاذ علم النفس بجامعة المنوفية قائلا :
إن الطفل إذا تعلم منذ الصغر كيف يستغل وقته بشكل فعال وسليم فإنه بالتأكيد سيكون شخصية ناجحة بشكل عام سواء دراسيا أو اجتماعيا ومفهوم تنظيم الوقت قد لايدركه الطفل فى البداية .. لذلك على الأسرة التحلى بالصبر فى التعامل مع الطفل ولا تهمل احتياجاته ورغباته لكن بشرط أن يكون تعليم الطفل لتنظيم وقته منذ الصغر فى سن ما قبل دخول المدرسة من خلال إحضار نتيجة كبيرة يتم تعليقها فى المكتب أو في غرفة المعيشة وتجلس الأم مع الطفل وتتحدث معه وتشرح له مفهوم تنظيم الوقت والنتيجة بجانبهما .
ويمكن أيضا أن تقوم بإحضار ساعة لتوضح له أهمية الوقت فى حياة الإنسان ويجب أن يفكر فى المدة التى تستغرقها الأشياء التى يفعلها، وتشرح له ومعها الساعة على سبيل المثال موعد نومه فى الثامنة مساء والطفل يريد منها أن تحكى له قصة قبل النوم فتوجهه بأن يستعد للنوم فى موعد مبكر عن المعتاد ويمكن أن تقرأ الأم للطفل القصة وفى ذات الوقت تقوم بمعرفة المدة الزمنية التى استغرقتها فى قراءة القصة ليتمكن من تحديد الوقت .
غرس الالتزام
وعلى الأسرة تعليم طفلها بألا يقوم بتأجيل أى مهام خاصة بالدراسة سواء الواجب المدرسى أو الأنشطة أو الاستعداد للامتحان وغرس فيه أهمية وضرورة الالتزام بالمواعيد التى سينجز فيها مهامه المدرسية .
ويجب أن يدرك الطفل بأنه عندما يبدأ مبكرا فى أى أمر يجب عليه إنجازه وأن ذلك سيخفف من حدة الضغوط عليه والنتيجة تكون أفضل .
ساحة النقاش