بروا أبناءكم يرحمكم ربكم

الداعية و الباحثة الإسلامية هدى الكاشف

 

  من تمام مسئولية الآباء نحو الأبناء الحرص على غرس الألفة والمحبة والتراحم فيما بينهم ، وذلك لا يكون إلا بالدعاء إليه تعالى وطلب الحكمة ، ومساواة العطاء لهم ، حتى و لو في القبلات ، فلا تزرع الشحناء فى نفوسهم ، فنيسر لهم السبل السوية لصلة أرحامهم ، و يكمن تحقيق هذا بحسن اختيار أمهم التى تقوم بتربيتهم و تقويمهم وتقديمهم للمجتمع كأفراد صالحين أو طالحينll لهذا قال المولى عز وجل « ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم » حتى كان حسن اختيار اسم الابن أو الابنه أيضاً من الأدب النبوى فقال عليه الصلاة والسلام « إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم » ، كما نتدبر ما فعله المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما جاءه ـ النعمان بن بشير ـ يشهده على عطية أعطاها لأحد أبنائه فقال عليه الصلاة والسلام « أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ فقال : لا ، قال « لا أشهد على جور ، فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم » وبذلك إذا فضل أحد الوالدين أحد أبنائه على الآخرين لميله العاطفى نحوه ، أو لأنه يشبهه أو يشبه أحد أحبائه أو غير ذلك ، فليراجع نفسه حتى لا يخرج عن إطار تلك التقوى ، خاصة أن هناك من الآباء من يقع فى هذا عن غفلة ودون قصد أحياناً ، فتكمن مشاعر الحقد من الأخ على أخوه ، فتكون بداية المشاكل ،خاصة التى تنبت بذور العقوق والكراهية لذلك الأب أو الأم ، وبذور قطيعة لصلة الرحم بين الأبناء ، كما أن هناك حالات أخرى من عقوق الآباء للأبناء حينما لا يحسنون تربيتهم ورعايتهم للإنشغال بالعمل أو السفر بعيداً عنهم فترات طويلة تحرمهم من الحنان والعطف المطلوب للتنشأة السوية ، ولقد حرص المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ على ذلك حينما كان يتدفق حناناً على الحسين ابن فاطمة الزهراء ابنته فيقبله ، فتعجب - الأقرع ابن حابس - وقال أتقبلون أبناءكم ؟! أنى لى من الأبناء عشر ما قبلت واحداً منهم فقال المصطفى « من لا يرحم لا يُرحم » ، فإذا كان عقوق الأبناء للآباء من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله ، فعلى الوالدين إنقاذ أبناءهم من هذا ، وصلى الله على المصطفى حين قال « رحم الله والداً أعان ولده على بره » خاصة أن هناك من الأبناء من تم تربيته بطريقة خاطئة فى التفرقة فى المعاملة منذ الصغر فاعتاد أحدهم التودد والتقرب لأحد أبويه ، فيكون هذا الحب حقيقىا أحياناً ، وفى أحيان كثيرة أخرى يدخل فى نطاق النفاق الذى أعتاده الابن حينما يتودد أكثر فيزداد العطاء من والديه ، فيشعر الابن الآخر الذى لا يتقن هذا النفاق بالظلم ويعتاد هذا الشعور أيضاً وأحياناً يكون أكثر حباً لهذا الوالد ، ولكنه غير متقن لإظهار هذا الحب بطبيعته التى فطره الله تعالى عليه أو أنه لم يعتاده ، فنجد من بعض الآباء الذى يميل قلبه فيعطى فى ناحية ويبخل فى أخرى ، وخاصة إذا وقع فى هذا فوهب من أملاكه و عطاياه لهذا الابن أكثر من أبنائه الآخرين ، كذلك نجد صورا أخرى من العقوق فى بعض العائلات التى تعطى وتهب للذكور وتحرم الإناث ، وهذا من بقايا الجاهلية ، فلا ينفعهم هذا المال الحرام فى الدنيا ولا فى الآخره ، فكل جسم نبت من حرام فالنار أولى به ، لأن الآجال بيده تعالى ولا يضمن أحد أن يعيش إنسانا دون آخر فلماذا هذا التجاوز ؟ وسبحانه القائل « وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت » ، كما أن ما يترك للأبناء كميراث ، فريضة محكمة أكد المولى عز و جل عليها فقال عقب آيات الميراث « ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين » و حتى لا نضل و لا نشقى علينا تدبر قوله تعالى « آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً

 

 

المصدر: مجلة حواء -هدي الكاشف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 767 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,870,020

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز