أحلام ىعبور المتاريس .. أم عشم إبليس ؟!

كتبت :أسماء صقر

  أحلامهم البسيطة تلون أيامهم باللون الذى يريدونه، فببراءتهم يحلمون بالمستقبل الذى يتمنونه لأنفسهم . يواجهون الظلم ويحققون العدل ويجمعون الشمل .

فبالأحلام والتخيلات تحلو الحياة فى عيونهم ولكن هناك لحظة عليهم فيها يغرقون بين الحلم الذي يمكن تحقيقه والحلم الذي لن يتحقق . وحول أحلام اليقظة عند الأطفال وتأثيرها السلبى والإيجابى على حياتهم كان هذا التحقيق:

فى البداية يتحدث على كريم 6 سنوات قائلاً : أحلم بأن أطير وأفعل أشياء غير عادية مثل سوبر مان وسبيدرمان وهذه الفكرة تسيطر على أحلامى وعندما أحاول تقليد أفعالهما أجد نفسى عاجزاً عن تحقيق هذا الحلم فى الواقع .

أما ياسمين رضا 9 سنوات فتحلم بأن تصبح رائدة فضاء لاكتشاف كل ما هو جديد فى هذا العالم وغالباً ما تكون شاردة الذهن وغارقة فى التفكير فى هذا الحلم وعنه تقول : أراه بأحلامى وأتتخيل نفسى بملابس رواد الفضاء لكن عندما أصحو منه أشعر بالملل وعدم الرغبة فى معايشة الواقع وأحيانا أتمنى أن أقضى أغلب أوقاتى فى هذا الحلم .

الشهرة

ويقول محمد عبدالمعبود-الصف الثالث الثانوى- لقد انفصل والدى عن والدتى منذ عامين ومنذ ذلك الحين وأنا أتخيل دائماً أشياء حزينة تصيبنى بالقلق والحزن والتوتر النفسى، كما أفكر فى أشياء ليست موجودة فى الواقع طوال الوقت فغالباً ما أحلم بأن أكون شخصية مشهورة جداً تقوم بفعل أشياء مهمة كتولى منصب مهم، وكثيراً ما أتحدث مع نفسى حول ذلك ملتزماً الصمت أمام الآخرين وأتمنى تحقيقه من خلال النجاح والتفوق .

وإذا كانت هذه نماذج لأحلام الأطفال فإن للمتخصصن رأيهم بشأن جدوى الأحلام ودورها فى بناء المستقبل أو هدمه.

عن ذ لك يقول د. عبدالفتاح درويش -أستاذ علم النفس بجامعة المنوفية: تأتى أحلام اليقظة للإنسان وهو فى حالة النوم ومن الممكن أن تأتى أثناء اليقظة فى وضح النهار من خلال التخيل .

وهناك عوامل تؤدى لذلك منها عدم القدرة على مواجهة الواقع بما فيه من مشكلات وظروف اجتماعية مما يؤدى به إلى الهروب إلى عالم الخيال والوهم .

وكذلك الشعور بالفقر والظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها الفرد ، وعدم الإحساس بالأمان والاستقرار العاطفى كالارتباط والزواج .

الأعراض

عن شواهد هذه الحالة يقول د. درويش: تتمثل فى التخيل والسرحان وشرود الذهن والتظاهر بالتفكير، وظهور علامات السرور والابتسامة على الوجه، وبعض حركات الجسم كحركة العينين وهز الرأس والهدوء والصمت واختلاف المواقف وتأليف القصص.

وعن الجانب الإيجابى لها يشير أستاذ علم النفس إلى دورها فى تنمية ملكة الخيال لدى الإنسان وتوفير الراحة والتوازن النفسى كما تساعد على تقوية الشخصية ومحاولة إيجاد حلول للمشكلات التى يعجز عنها الإنسان.

أما سلبياتها فهى تؤدى إلى ضعف الانتباه والتركيز وإصابة الإنسان بالاهتزاز والتردد فى اتخاذ القرارات الهامة، والسلبية التى تدفع للهروب من الواقع إلى الخيال بحيث لا يستطيع مواجهة مشكلاته .

ويوضح د. درويش أن أحلام اليقظة تعتبر متنفساً معنوياً للإنسان بلا قيود اجتماعية أو رقابة عقلية تبيح وتحذر وسيطرة أحلام اليقظة بشكل كبير على الإنسان تؤدى إلى العديد من الأمراض النفسية خاصة فى حالة عدم تحقيق ولو القدر الضئيل منها فيصاب بالإحباط والسخط على الواقع الذى يعيشه .

كما أن أحلام اليقظة ليس لها توقيت معين فى اليوم فقد تكون فى كل مكان وزمان طالما وجد الإنسان ووجدت التحديدات التى لابد له أن يقهرها كى يستطيع مسايرة عمله ومواكبة الواقع والأمور الحياتية .

تحقيق النجاح

وتحدثنا د. عزة صيام أستاذة علم الإجتماع ووكيل كلية الآداب للدراسات العليا والبحوث الإنسانية بجامعة بنها عن مزايا أحلام اليقظة وعيوبها عند الأطفال قائلة : تعتبر أحلام اليقظة عند الأطفال أولى درجات النجاح فالحلم يساعد على تكوين هدف يسعى الإنسان لتحقيقه لكن انغماس الأطفال فى أحلام اليقظة مع عدم السعى لتحقيق هذه الأحلام من أكثر المشاكل النفسية التى قد تواجه الطفل حيث يشعر بالعجز عن التمييز ما بين الواقع والخيال والرغبة فى معايشة الخيال دون السعى لتحويل الحلم إلى واقع .

وتشير صيام إلى أن دراسة علمية حديثة أكدت أن أحلام اليقظة تساعد الأطفال على التركيز وتساعد على الأداء الأفضل فى الاختبارات حيث يشعر الطفل بتحمس أكبر للأداء مما دعا القائمون على الدراسة للتأكيد على ضرورة إعطاء الطفل الوقت الكافى للتفكير الإيجابى وتجنب السرحان وشرود الذهن لدى الطفل حتى يكون تأثير هذه الأحلام إيجابياً.

وتنصح الدراسة بضرورة الاهتمام بالأطفال سواء فى المدرسة أو فى المنزل وإعطائهم فرصة للتفكير والتعلم من خلال التجربة والمحاولة والخطأ ومساعدتهم على التأمل والتفكير بعمق فى كيفية تحقيق الأحلام وذلك من خلال إحساس الطفل بالأمان والمسئولية حيث يساعد ذلك علي التوازن بين الخيال والواقع ومراعاة سن الطفل عند إحساسه بذاته وإنجازاته وقيامه بأعمال لاتفوق سنه وقدرته الذهنية، حتى يستطيع أن يحلم وينفذ أحلامه على أرض الواقع .

وتؤكد د. مارى عبدالله أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس- على دور الوالدين داخل الأسرة ، والمدرس فى المدرسة قائلة : إنهم مسئولون ومشاركون فى تحمل اكتشاف اهتمامات الأولاد وتوجيههم فمن لديه بوادر فنان أو مخترع أو الشخصية القيادية يحتاج لمن يساعده فى تنمية هذه القدرات حتى يكون شخصاً مسئولاً فى الحياة، لذلك لابد من تعليمه واكتشاف إمكانياته وتوجيهه بشكل سليم وعلى أكمل وجه .

التوازن

وبالنسبة لأحلام اليقظة فلها فاعلية وإيجابية عندما تتوافر الإمكانيات والمواهب وجعلها هدفاً فى حياته، هذا الهدف يكون ملائماً ومتوازناً مع قدراته التى تم اكتشافها فى الطفل وتوظيفها بشكل صحيح وفى المكان المناسب له كرغبته فى الابتكار فعلى الجميع مساعدته على ذلك من خلال القراءة فى المجالات العلمية واطلاعه على الاختراعات السابقة فى نفس المجال الذى يريد أن يبدع فيه وشراء الأدوات التى تساعده على ذلك .

وتوضح د. عبدالله أن إهمال ما يكتشفه الطفل أو المراهق أو الشاب ووصفه بأنه أوهام غير موجودة على أرض الواقع ولا تحقق أهدافه تجعل الطفل مصاباً بالإحباط والحزن والصدمة للشعور بالفجوة الكبيرة بين أحلامه والواقع . فالحلم قد يكون حقيقة مادام مناسباً لقدراته.

المراهقة

وعن أحلام اليقظة فى مرحلة المراهقة تشير إلى أهمية دور الأسرة فى تحديد وتوجيه وتعديل أحلام الأبناء إلي ما هو واقعى ومأمول وتنمية الإيجابيات والمواهب واللياقة الأخلاقية والفكرية لديهم .

وبالنسبة لوظيفة المدرسة فعليها أن تضع الاختيارات والهدف أمام الطالب والاستماع لرغباته وإخراج هذه القدرات من خانة الأحلام إلى أرض الواقع واليقظة لتحقيقها من خلال مساعدته على الابتكار واحترام أفكاره والسعى لتحقيق أهدافه وأحلامه .

وفى النهاية تؤكد أستاذة علم النفس أننا لا نرث المرض النفسى لكننا نرث الاستعداد له ثم يوجه الإنسان هذا الاستعداد المرضى بالإرادة والوعى الاختيار لتحويله لطاقة بناءة أو هدامة، فالإنسان مسئول عن أمراضه النفسية ومدى قدرته لمواجهة وحل المشكلات التى يمر بها

المصدر: مجلة حواء -اسماء صقر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 966 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,465,388

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز