ورحل صوت البهجة..ورمز التحدى 

وداعاً..عمار الشريعى

كتب :  طاهر البهى

 

''البرىء، أرابيسك، الشهد والدموع، العائلة، زيزنيا، المصراوية، حديث الصباح والمساء، دموع فى عيون وقحة، رأفت الهجان''.. عشرات من الألحان الخالدة فى سماء الطرب والدراما والسينما المصرية أطلقها هذا الموهوب العبقرى عمار الشريعى الذى غيبه الموت؛ لتتوقف رحلة امتدت لأكثر من أربعين عاما في بحر النغم والشجن النبيل..الأصيل.. >>

وتجاوزت عدد مشاركاته الموسيقية في الأفلام السينمائية 50 فيلماً، ومشاركاته في الأعمال التلفزيونية 150 مسلسلاً، وما يزيد على 20 عملاً إذاعياً، و10 مسرحيات غنائية استعراضية, وقد قام كذلك بتلحين الحفل الموسيقي الضخم الذي أقامته سلطنة عمان عام 1993م بمناسبة عيدها الوطني، وكذلك عيدها الوطني عام 2010.

بروفيل

كان من حسن حظى أنى عرفته عن قرب كمصدر ومعلم وصديق متواضع خفيف الظل، يلبى الدعوة كلما احتجنا إليه فى رأى أو معلومة، كان مكتبة موسيقية تمشى على قدمين، ملما بتاريخ الفن المصرى من بدايته حتى رحيله.. من الصعب أن تطلب منه توثيق معلومة ولا تجد إجابة وافية فى التو واللحظة.

عرفته منذ مطلع التسعينات، على إثر خلاف نشأ بينه وبين مطرب شهير وبارز رفض المشاركة معه فى أوبريت وطنى، وقيل على لسان عمار ما يسئ للمطرب؛ رحت أسأله وفوجئت به يذكر ما يعلى من شأن خصمه فى أدب جم، ثم فاجأنى بدعاباته وفكاهاته حتى شعرت بأننى أجلس مع صديق حميم.

ومضت السنوات وتوطدت الصداقة، زاد منها أن طبيبه هو نفسه طبيبى ـ الدكتور كمال حليم الذى أصر عمار على التصوير الفوتوغرافى معه أثناء الكشف وأصر على أن توضع الصورة فى حجرة الكشف إعترافا بجميل الطبيب الذى كان يترك عيادته ومرضاه ويسافر معه الى أرجاء الدنيا كلما قرأ أن هناك جديدا لعلاجه ـ كنت دائما أعرف تطورات صحة عمار يوما بعد يوم؛ فقد كان الأصل فى حالته هو المرض وليس الصحة، فكان يقاوم اليأس بالضحكة والعمل.

استيقظت ذات ليلة على مكالمة من الصديقة الكبيرة الفنانة نادية لطفى، تسألنى بصوت مختنق: عمار ماله؟ قلت: ليست عندى معلومات جديدة، فعادت وطالبتنى بالتحرى، بعد دقائق: قلت عمار دخل الرعاية. قالت: مش هانسيبوا لوحده، لازم المستشفى تتملى ورد...........عمار ده مش مجرد فنان عادى فى مصر، ده منصة وقوة ضاربة لصوت مصر.

الآن.. مات عمار ولم أتمكن من الاتصال بالنجمة الرقيقة لأبلغها الخبر..لأنكفئ باكيا مع ملايين من محبيه.. بعد أسبوعين تقريباً من الاقامة بالعناية المركزة في أحد مستشفيات القاهرة، وأخضع للمتابعة الدقيقة والعلاج، وتبين للأطباء المشرفين أنه بحاجة إلى عملية زراعة قلب سريعة

الرحلة

عمار على المستوى الانسانى رمز لتحدى الاعاقة والمرض.. تقول بطاقته الشخصية أنه من موليد 16 أبريل عام 1948م، في مدينة سمالوط إحدى مراكز محافظة المنيا بصعيد مصر، بدأ حياته العملية عام 1970م بعد تخرجه في الجامعة مباشرة كعازف لآلة الأكورديون في عدد من الفرق الموسيقية التي كانت منتشرة في مصر آنذاك، ثم تحول إلى الأورج، حيث بزغ نجمه فيه كأحد أبرع عازفي جيله حيث قام بالعزف خلف كبار نجوم ونجمات الطرب فى مصر.. وأسس مع مطلع الثمانينات فرقة الأصدقاء التى أعادت مجد الفرق الغنائية فى مصر، وكانت أغنيتهم " الحدود " بمثابة فتح جديد فى عالم الأغنيات الجماعية، وقدمت إلى الساحة النجوم منى عبد الغنى وحنان وعلاء عبد الخالق. واستمر في تقديم مواهب الغناء مثل آمال ماهر، هدى عمار، منى عبد الغني وريهام عبد الحكيم..

وقدم ''الشريعي'' برنامجه الإذاعي الأشهر على موجات البرنامج العام ''غواص في بحر النغم'' منذ عام 1988، وكان بمثابة المدرسة التى أعادت تشكيل الذوق الغنائى والموسيقى وإعادة إكتشاف لتراثنا الموسيقى، وحصل على عدد كبير من الأوسمة والجوائز من مصر والوطن العربى، وباقة ورد من الرئيس محمد مرسى أثناء رقوده الأخير على فراش المرض.

النهاية

شارك في تشييع جنازة الموسيقار الفذ عدد كبير من الفنانين منهم, إيمان البحر درويش، وصلاح السعدنى، والمخرج جلال الشرقاوى، ودلال عبدالعزيز، ومصطفى كامل، ومحمد هنيدى، ومحمد عبدالحافظ، كما حضر وزير الثقافة محمد صابر عرب, وتقدم مندوب عن الرئيس محمد مرسي بالعزاء لزوجة الفقيد الاذاعية القديرة ميرفت القفاص المذيعة بالبرنامج الأوروبي

 

المصدر: مجلة حواء -طاهر البهي

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,814,502

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز