التشاؤم من الشيطان!

كتبت نبيله حافظ

فى هذه الأوقات العصيبة التى يمر بها الوطن .. وسط الكوارث والحوادث والدماء التى تسيل هنا وهناك ومع وجود مشكلات وصعوبات كثيرة وتحديات سياسية واقتصادية وأخلاقية .. كل هذا دفع إلى شعور الكثيرين منا باليأس والقنوط .. وجعل البعض يفقد الأمل فى القادم من الأيام، فى الغد القريب، فى مستقبل تشرق عليه شمس الإصلاح والتغيير .. فى ربيع يأتى من بعد خريف وشتاء قارص شديد البرودة عشنا فيه عقوداً طويلة وانتظرنا على أمل .. ولكن لم يأت الأمل بعد ولم تتحقق أحلامنا .. وسيطر اليأس والأحباط على معظمنا .

هذا الشعور الذى تسرب إلى أنفسنا غير مقبول .. ومرفوض تماما لأن الإنسان المؤمن بالله ينبغى ألا يعرف اليأس طريقه إليه وأن الإيمان الحق هو الذى يبعث الأمل فى القلوب .. والمولى عز وجل جعل الأمل طاقة يودعها فى نفوس وقلوب البشر .. لذلك حثنا ديننا الحنيف على الأمل ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا فى ذلك .

علينا أن نحاسب أنفسنا .. وننظر إلى واقعنا بنظرة تأمل .. نظرة تتجلى فيها عظمة وقدرة الله سبحانه وتعالى .. علينا أن نتوقف منها أمام الأحداث التى نعايشها وننظر إليها بعين ثاقبة نستخلص منها الدروس والعبر .. نستوعب معها الحكم والمواعظ التى يجب علينا أن نستوعبها .. ولتكن هذه اللحظات هى حساب للنفس والوقوف على الأخطاء التى ارتكبناها فى حق أنفسنا وفى حق هذا الوطن .. !!

- إن الإنسان المؤمن الحق هو الذى يفعل ذلك حينما تحل عليه المحن والمصائب .. وهو من يستحضر قول الله تعالى : «وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون» وقوله أيضاً : «إن مع العسر يسرا» ..

هذه هى أوامر الله لنا حينما تتلقفنا المشكلات والصعاب وتضيق علينا الحياة وتتكالب علينا الأحزان .

إن الإسلام يرفض التشاؤم لأنه سمة الإنسان الضعيف المهزوم ويدعو إلى التفاؤل لأنه حال المؤمن القوى المنتصر .. وليكن فى أقوال رسولنا الكريم القدوة التى نقتدى بها فى الحياة .. فلقد قال صلى الله عليه وسلم : «التفاؤل من الرحمن .. والتشاؤم من الشيطان» ..

وعلمنا أيضا أن الإسلام رسالة التفاؤل واليسر والتبشير بالخير .. وفى قوله صلى الله عليه وسلم خير دليل على ذلك حينما قال : «فإنما بعثتم مبشرين ولم تبعثوا معسرين» .

ولننظر أيضا إلى قول الله تعالى فى حديثه القدسى : «أنا عند ظن عبدى بى أن ظن بى خيرا فله وأن ظن بى شرا فله» .. وفى هذا الحديث نجد أن المولى عز وجل يتعامل معنا على قدر تفاؤلنا .. التفاؤل خلق وعبادة نتقرب بها الله عز وجل .. وهو سمة من سمات الأنبياء والرسل والصالحين والتابعين .. وعلى قدر الإيمان يكون التفاؤل .

علينا أن نفطن إلى أن أعداء الوطن الذين يضمرون فى نفوسهم الحقد والكراهية لنا يسعون بكل ما أوتوا من قوة إلى أن يدبوا فينا روح التشاؤم واليأس والإحباط .. متجاهلين قدرة الله عز وجل فى حفظ هذه الأرض الطيبة من كل سوء ومكروه .. ويكفينا يقينا أن الله ذكرها مرات فى كتابه الكريم .. وإن دل هذا على شىء فإنما يدل على مكانة مصر وعلو شأنها .. وكل ما نريده الآن أن نخلص الإيمان وأن نطهر أنفسنا .. وأن نعمل بأمانة وصدق وإخلاص من أجل رفعة هذا الوطن .

ولا يبقى فى النهاية سوى الدعاء .. اللهم انصر مصرنا .. وأهلك أعداءنا !  

المصدر: مجله حواء- نبيله حافظ

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,703,346

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز