تهريب مخرب ومواصفات غائبة

كتبت : سمر عيد

 مشاكل كثيرة تلك التي تواجهها الصناعة المصرية ، فهناك أزمات سياسية وتقلبات داخل البلاد تدفع كثير من المصنعين إلى الخروج من البلاد وسحب رؤوس أموالهم منها، بالإضافة إلى هذا فقد عاشت الصناعة المصرية تحت مظلة حظر الاستيراد من الخارج لفترة طويلة ، الأمر الذي لم يجعلها تدخل سوق المنافسة ، وهذا بدوره أدى إلى تدهورها ، وانصراف المستهلك عنها إلى المنتجات الصينية والتركية التي أصبحت تغزو البلاد حتى في فوانيس رمضان 

التقينا بنهى محمود - طالبة بكلية التجارة - والتي حدثتنا قائلة: لقد اشتريت حقيبة يد ودفعت ثمنها 250جنيهاً وهو سعر غال بالنسبة للسوق المصرية وكنت أعتقد خطأ أن الحقيبة كلما كانت غالية كانت جيدة وتقفيلها جيد ونظيف مثلما يقولون .

ولكني فوجئت بعد استخدامها باسبوع واحد أن السوستة الداخلية لا تعمل وحاولت إصلاحها ولكنها قطعت فاضطررت إلى الذهاب للخياط كي يحيك لي سوستة أخرى ، ولكن بعد أسبوع آخر قطعت يد الشنطة وطبعا لو قمت بإصلاحها عند الخياط سوف أشوه شكل الحقيبة من الخارج ، فاضطررت إلى الاستغناء عن هذه الحقيبة وشراء حقيبة أخرى صينية ب50جنيها فقط والتي ظلت معي حتى مللت من الحقيبة واشتريت غيرها بعدها بعامين.

تقفيل رديء

وتقول مروة عبد الهادي - مدرسة- " كانت لي مشكلة كبيرة مع الألبسة والمنسوجات المصرية بشكل عام ، فكلما اشتريت جاكيت مصرياً حتى ولو كان غاليا أجد أن البطانة تقطع مع أول غسلة ، وكلما اشتريت جيب أجد "السوستة" لا تعمل ورديئة جدا ، وقد اشتريت بلوزة فوجدت أن السرفلة ليست جيدة وتم قطع الخيط ، ولا أدري لماذا عندما يكون المنتج جيداً يهملون في التفاصيل التي يمكن أن تجعل المستهلك ينفر من الصناعة المصرية وهذا ما حصل لي بالفعل فأصبحت أشتري ملابس تركي حتى ولو كانت أغلى ثمنا من الملابس المصرية لأضمن أن أحصل على جودة عالية في التقفيل والاهتمام بالتفاصيل ".

خامات سيئة

وتضيف رنا محمد - طالبة بجامعة حلوان - " مشكلتي أن مشواري كل يوم طويل وأضطر للسير على الأقدام مسافات طويلة حتى أصل إلى أقرب محطة مترو كي أذهب إلى الجامعة وهذا يجعلني أحتاج إلى حذاء خفيف ومريح كي أستطيع المشي ، ولقد قمت بشراء بوت مصري حتى أرتديه أثناء السير، وطبعا بعدما اشتريت البوت ب380 جنيها أدمى قدمي وعدت إلى المنزل وجواربي قد أغرقت بالدماء ، ولا أعرف هل العيب في الجلد المصنع منه الحذاء أم العيب في قالب الحذاء نفسه ، وعندما عدت إلى البائع كي أخبره بما حدث لعلي أستطيع رد البوت والحصول على حذاء آخر خاطبني متهكما قائلا : " ما هو لو حضرتك دفعت زيادة شوية واشتريتي حذاء جلد طبيعي لما حدث لك ما حدث وطالما أن الحذاء قد لبس فلا أستطيع أن أستبدله لك ".

عمالة غير مدربة

ويعلق الأستاذ حمدي أبو العينين من اتحاد الصناعات ووكيل الغرفة التجارية بالقليوبية ، والمتحدث باسم شعبة الملابس على هذا الموضوع قائلا: مشكلاتنا الحقيقية في عدم وجود عمالة مدربة تدريبا كافيا ، بالإضافة إلى أنه توجد بعض المصانع التي تعمل بأجهزة قديمة تحتاج إلى تحديث ، ولو قمنا بتدريب العمالة تدريبا جيدا واستبدلنا أجهزتنا القديمة بأجهزة حديثة لحصلنا على منتج عالي الجودة .

ومشكلتنا الحقيقية أن المدارس الفنية لا تدرب الأولاد على المكن الحديث ولاتخرج لنا عمالة تصلح لسوق العمل فيضطر صاحب أي مصنع إلى إعطاء " كورس " لأي عامل يعمل عنده وهذا يكلفه الكثير من الجهد والمال.

التكلفة والجودة

أما بالنسبة لتقفيل المنتج وما يحتاجه مثل السست والأزرار ، فإذا تحدثنا عن هذه المنتجات فهي جيدة جدا في السوق المصرية ولكن تكلفتها عالية فيضطر المصنع أن يستغني عنها ويستبدلها بسست وأزرار صيني أقل في الجودة من نظيرها المصري وهذا لأن تكلفتها عالية تكون أقل أو يضطر للشراء من السوق المحلية من تجار الجملة الذين يكون همهم الأول والأخير المكسب حتى ولو باعوا بضاعة فرز تاسع أو عاشر من الصين، وطبعا يوجد في كل مصنع رقابة وجودة تفحص المنتجات من سست وخيوط ودباغة القماش .

وأي مصنع يخاف على اسمه في السوق يختبر جودة المنتج قبل طرحه في الأسواق ،وطبعا ينفق المصنع الكثير جدا على الرقابة والجودة بداخله ، الأمر الذي يجعل المنتج غاليا ، وطبعا المستهلك يكون على علم بما يشتريه ، فلو اشتريت حذاء ب60جنيهاً أكيد سوف يكون مختلفا عن حذاء ب600 جنيه.

حقوق المستهلك

وتحدثنا سعاد الديب - رئيسة جمعية حماية المستهلك - قائلة : لقد حدثت ردة كبيرة في الصناعة المصرية بعد الثورة نظرا لأسباب كثيرة منها : ضعف الإقبال على الشراء ، وسوء الأحوال الاقتصادية فأصبح الناس يقبلون على المنتج الرخيص ولايهمهم مسألة الجودة ، وهنا دخلت الصناعات الصينية لتظهر مدى تفوقها على المنتج المصري من ناحية الجودة والسعر .

وطبعا عندما يجد الصانع المصري أن بضاعته قد ردت إليه لعدم الإقبال عليها فهذا يدفعه إلى تقليل الإنفاق والاستغناء عن بعض العمالة في أحيان كثيرة ، ولقد أغلق الرئيس حسني مبارك الاستيراد من الخارج لفترة طويلة وزاد في قيمة الجمارك حتى لايستورد التجار بضاعة من الخارج ظنا منه أن هذا سوف يروج للصناعة المصرية.

المستورد رخيص

ولكن حدث العكس تماما فعندما لم يجد المصنع المصري سلعا أخرى في السوق المصرية سوى سلعته أصبح لايهتم بجودة المنتج ولا بالسلعة التي يقدمها له ، ولكن وبعد إدخال كثير من التجار البضاعة الصينية والتركية وجد المصنع المصري نفسه أمام أزمة حيث فوجئ بمنتجات أرخص من المنتجات التي ينتجها وأعلى في الجودة ، الأمر الذي اجتذب المستهلك وجعله يعرض عن البضاعة المصرية.

وعلى أي مستهلك أن يعرف حقوقه كاملة ، فمن حقه طبعا الحصول على فاتورة عند شراء أية سلعة ومن حقه استبدال أو استرجاع هذه السلعة والحصول على ما دفعه خلال 14 يوما، فإن رفض المحل استرجاع السلعة فمن حقه أن يلجأ إلى جهاز حماية المستهلك ، ونحن طبعا نساعده، ولقد أعطت منظمة التجارة العالمية فترة عشر سنوات لمصر حتى تجود وتحسن الإنتاج بها ولكن طبعا هذا لم يحدث نظرا لظروف كثيرة على الصانع المصري مثل الضرائب وفواتير الكهرباء والمياه ورواتب العمال، وهناك قوانين كثيرة تحمي الصناعة المصرية مثل قوانين الإغراق والاحتكار ومن حق الدولة أن تحمي بعض الصناعات.

الرقابة والجودة

وتؤكد المهندسة عنايات ابراهيم من هيئة الرقابة والجودة أن المنتج المصري قد أصبح رديئا نظرا لغياب تطبيق منظومة الجودة في الصناعة ، وتقول تعريف الجودة هي " إجمالي مواصفات وخصائص للمنتج تتوافق مع متطلبات العميل " ، ومن المفترض أن يتحقق المصنع نفسه من كل مراحل الجودة بدءا من استخدام المواد الخام ووصولا إلى المواد المستخدمة في تقفيل المنتج ، وإذا كنت أستورد شيء من الخارج فعلى المصنع أن يتأكد من شهادات الجودة في التوريد أو طبعا من حقه أخذ عينات وتجربتها قبل الشراء من المورد ليتحقق من جودتها ، ناهيك عن الفحص الدوري على المكن والأجهزة ، وبالنسبة لنا في هيئة الرقابة والجودة نقوم بسحب عينات من كل المنتجات المصرية المعروضة في السوق كي نتأكد من جودتها ولو صادف ووجدنا عينات غير مطابقة للمواصفات القياسية في هيئة الرقابة والجودة فإن الهيئة تقوم برفع قضية على المصنع.

حلول ممكنة

ويمكننا الارتقاء بالصناعة المصرية من خلال عمل قسم للرقابة والجودة داخل كل مصنع يختبر العينات قبل طرحها في السوق ، وعلى المواطن أن يدرك أن الالتزام بالتعليمات الموضحة على كل سلعة تحافظ على جودتها فمن غير المعقول أن تكون هناك ورقة استخدام على الثلاجة مثلا تخبرني عن استهلاك الطاقة وطريقة التشغيل وأنا أشغلها بشكل يتلفها ، أو تكون هناك تعليمات على الملابس بضرورة التنظيف الجاف وأنا أضعها في الغسالة ، أما عن السلع الصينية فأغلبها يدخل عن طريق التهريب وعلى هيئة الرقابة على الصادرات والوارادت أن تتأكد من سلامة أي منتج يتم دخوله إلى الأراضي المصرية .

وأنا أؤكد أن الصناعة المصرية تكون في أحيان كثيرة أعلى في الجودة من الصناعة الصينية ولقد جرب المصريون التعامل مع المحمول الصيني الذي يعمل لمدة شهر واحد ثم يتوقف عن العمل ، وأيضاً على المستهلك أن يتأكد من التعبئة والتغليف قبل الشراء ، فهناك منتجات تتلف إذا تمت تعبئتها وتغليفها بشكل جيد

المصدر: مجله حواء- سمر عيد

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,742,492

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز