صباح الخير يا مولاتي

كتبت: منال عثمان

لأم وما أدراك ما الأم ..جذوة الحب المضاءة دائما داخلك حتى ولو بينكما مئات الأميال مهما بعدت أو حتى وراها التراب وجودها ملصق بشرايينك ..مختلط بإنزيمات دمائك ..العلا الذى تستلهم منه أفكارك .. صاحبة الغرس الأول فى كل رياحين حياتك ..فهى من علمت وأدبت وأسست القيم وحنت وشدت ولانت وثارت وصفيت .. هى الواضع الأول لتفاصيل شخصيتك وما ستنمو عليه حياتك كلها .. الأم وما أدراك ما الأم.. العين التى لاتغفل حتى تعود..القلب الذى قالوا عنه وأنشدوا قلب الأم الذى يشعر بك وأنت فى الشدة فيقفز من صدره ليجاورك..الأم التى تشكل نصف وزنك ثم تتولى الدنيا والأيام الباقى ..الحب الوحيد كما قال "إحسان عبد القدوس" الذى لا يمكن الشك فيه.. قدم الفن الأم بكل روعتها وقدسية وجودها فى حياتنا من أكثر من زاوية .. نتابع معا كيف كانت 

«أعز الحبايب»

فيلم يؤكد تاريخه 1945 أن السينما حرصت بشكل مبكر أن تقدم شكل وجوهر الأم فى حياة أولادها،وهذا الفيلم قصة وإخراج فنان قديم اسمه (عمر جميعى) وقامت ببطولته الراحلة (أمينة رزق)، ودار حول أسرة أب وأم وثلاثة أبناء يصعب على الأب الإيفاء بتكاليف حياة أولاده وأسرته لأنه موظف بسيط فيلجأ إلى السرقة وتُكتشف جريمته ويحاول الابن إنقاذه فيعلن أنه من قام بالجريمة ويسجن الابن ويظل الأب معذب الضمير إلى أن يلقى ربه وتواصل الأم الكفاح مع الأبناء الذين يشبوا ويتزوجوا ويخرج الابن من السجن ، وبعد سنوات عديدة يقرر مخرج اسمه (يوسف معلوف) أن يقدم نفس القصة التى كتبها (عمر جميعى) سنة 1961 بفيلم مازال ناجحا رغم قدمه وهو فيلم (أعز الحبايب) وتقدم القديرة (أمينة رزق) نفس الدور مرة أخرى "الأم" الذى التصق بها دائما لكن ببعض التغيرات الطفيفة التى تطلبتها الرؤية الإخراجية كأن تتعرض الأم بعد سجن الابن وموت الأب لقسوة معاملة زوجة ابنها الأصغر، وتدخل السجن فى جريمة ملفقة ويخرج الابن الأكبر ليبحث عنها ويجدها.

امبراطورية ميم

هذه الفكرة الجذابة التى كتبها الراحل (إحسان عبد القدوس) وقدمتها (فاتن حمامة) .. ودارت الأحداث حول (منى) أم لستة من الأبناء يرحل عنها الزوج وهى فى عز شبابها ، وهى تشغل منصب مديرة بالتعليم ولأنها مازالت شابة نبض قلبها رغم ظروفها لرجل فى مثل سنها كثير السفر ويطالبها دائما أن تتخذ قرارها ليتزوجا لكن مسئوليتها الكبيرة كانت دائما تجعلها تؤجل القرار وفى يوم يجتمع الأبناء الستة بقيادة" مصطفى" الابن الأكبر المثقف الذى لديه ميول سياسية ويقررون أن تجرى انتخابات فى البيت لاختيار من يتولى شئونه لأنه بمنطق الحرية ليس من حق أمهم التدخل فى حياتهم بهذا الشكل المتوغل،ورغم غرابة الفكرة وعدم استقبال (منى) لها بشكل جيد إلا أنها توافق..وبالفعل تجرى الانتخابات وكأنها انتخابات حقيقية لافتات للمرشحين واجتماعات لشرح البرامج،وفى ليلة الفرز يختار كل الأبناء أمهم التى لايستطيعون الاستغناء عنها وتختارهم هى أيضا بكل مشكلاتهم وتطلب من الحبيب أن يسافر لأنها لا تستطيع الاستغناء عن امبراطوريتها.

أم العروسة

تجربة الراحلان (عاطف سالم،وعبد الحميد جوده السحار) البديعة عن الأبوان (زينب وحسين) وحفنة من الأبناء لهم احتياجات ومتطلبات وتخطب الابنه الكبرى ويضطر الأب لمد يده على أموال الخزينة المسئول عنها لاستكمال جهازها،ويقام فرح العروسة ويرى الأب الشرطه فى طريقها للصعود لمنزله فيتصور أن أمره انكشف فيصارح زوجته بحقيقة الموقف لكن زميله يبلغه أنه سوى له أمر الأموال التى أخذها وأن الشرطة جاءت بخصوص زيادة إنارة الفرح بدون ترخيص.. وقد قدم "عاطف سالم" الجزء الثانى لأم العروسة فى فيلم (الحفيد) فى السبعينيات ، والفيلمان كانا بشكل اجتماعى كوميدى ، والجزء الثانى منه تناول حياة الأسرة بعد أن كبر الأبناء وتزوجت البنتان الكبيرتان ودخل الباقى الجامعة والمدارس ..وقد قدم الفيلم بشكل آخر لمشكلات أخرى فى مرحلة مختلفة.

صباح الخير يامولاتى

و كانت للأم أيضا العديد من الأغانى الجميلة لعل أشهرها أغنية "فايزة أحمد" ست الحبايب ، وأيضا أغنية "شادية" ماما ياحلوة، وأغنية "سعاد حسنى" الشهيرة التى كتبها "صلاح جاهين" صباح الخير يامولاتى..

ومهما غنينا وكتبنا قصائد وأشعلنا كل شموع الحب والوفاء لن نفى بالغرض ولن نوفى لهذه الرائعة حقها..ويا كل أم فى أى مكان فى العالم كل سنة وأنتِ طيبة 

 

 

 

الفن لحطة

شعرت بطعم المفاجاءة برحيل الدكتور "عبد المنعم كامل" الرئيس السابق لدار الأوبرا المصرية وصاحب الإنجازات الجيدة فى هذا المرفق الفنى المهم،وسبب المفاجأة - والموت علينا حق طبعا- عندما رحل إثر أزمة قلبية أننى كنت استمع لإحدى الإذاعات وكان هناك لقاء معه ومع زوجته الباليرينا العالمية (أرمينيا) ودار اللقاء حول علاقتهما وتحول إلى حديث الدكتور "عبد المنعم" عن حياته وشهاداته العديدة فى الباليه وإيمانه بأنه فن متصل بالروح والشعور لأقصى درجة بالموسيقى .. فقد كان فى رأيه المعنى الجوهرى والتجسيد بخفة ورشاقة للفن بكافة أنواعه (الرسم والموسيقى والأدب والشعر والأداء الحركى والتمثيلى) .. إنه التحليق الرائع فى سموات الإبداع وعرج الحديث إلى تجربته فى السينما حينما اختاره الراحل حسين كمال ليلعب أحد الأدوار فى فيلم (أرجوك أعطنى هذا الدواء ) وأكد أنه لم يستطع إكمال طريقه فى السينما لانشغاله بالدراسة والباليه ، وعن أعادة تقديمه لأوبريت الليلة الكبيرة من خلال فن الباليه والنجاح الكبير الذى حققته هذه الفكرة التى قام بإخراجها أيضا قال: الكبير الراحل المبدع كيف كانت التدريبات شاقة وكيف تحملت معه الفرقة الكثير حتى يحقق أحلامه على المسرح ... لقد كان "عبد المنعم كامل" شخصا موهوبا وقادرا على تحقيق أحلامه ويملك الكثير من السجايا الشخصية الرائعة وهذا وضح فى جنازته فقد ودعه بالبكاء الحار الكثير من تلامذته وأعضاء فرقة الباليه وأيضا زملاءه ومنهم "إيناس عبد الدايم" الرئيس الحالي لدار الأوبرا وأكدت أنها أيضا تعلمت منه .....فى حديثه الإذاعى قبل شهرين أفصح عن كثير من أحلامه المؤجلة فى فن الباليه ، وأكد أنه سيعمل على تحقيقها .. لكن أنت تريد وأنا أريد والله يفعل مايريد... رحل "عبد المنعم كامل" ومعه أحلامه كل العزاء لأسرته زوجته وشقيقته د. "مؤمنة كامل" وعوض الله مصر عنه خيرا  

 

المصدر: مجله حواء - منال عثمان

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,464,682

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز