كتبت: هدى الكاشف 

الناظر فى واقعنا بعين البصيرة يجد الأسرة المسلمة مستهدفة من أعداء الإسلام، حتى غدت حائرة بين هداية الإسلام وغواية الشيطان . من أجل هذا نجتهد فى طرح بعض الأحكام الفقهية التي يكثر التساؤل حولها بضوابطها التأصيلية من الكتاب والسنة ll

l كيف حقق الإسلام مبدأ التعايش السلمى ؟ وكيف بدأت عبادة الأصنام وانتهت بقضية التوحيد؟

- لقد سطرت أمة الإسلام بإيمانها وصدق أتباعها وجهاد أبطالها أعظم حضارة وأرقى مدنية، فما زالت راية الحق التى حملتها ترفرف فى أركان المعمورة رغم كل العداءات والمؤامرات التى تحاك ضدها، لطمس ومسخ الهوية الإسلامية بكافة وسائل العولمة العصرية ، على الرغم من أن قبول الآخر والتعايش معه مبدأ من المبادئ التى انفرد بها الإسلام قبل أن تسمع الدنيا بهذا المبدأ منذ قرون بعيدة فقال المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ لإرساء هذا المبدأ (ألا من ظلم معاهداَ أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاَ بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة).. فهذا هو قانون المسلمين الذى ينظم علاقتهم بغيرهم فيضمن للجميع الأمن والأمان الذى لم تعرفه الإنسانية إلى الآن إلا فى شريعتهم.

لقد كان العرب مثالاَ حيا لما يجرى فى العالم حولهم من اتجاهات منحرفة وضلالات مبينة واستعباد البشر للبشر فوصفهم المولى عز وجل بقوله (وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين) .." الجمعة :20"، ففى بلاد فارس مثلا كانوا ينهون عن المخالفة والقتل فلما كثر وقوع ذلك بسبب النساء والأموال جعل الناس شركة فيهما، وفى الهند كان النظام الطبقى الشاذ والذى قسم الناس إلى طبقات عدة يسودها الظلم بين كهنة وأسياد وعبيد، كما سجل التاريخ العديد من الحروب بين الفرس والروم فعم الفساد والذل والاضطهاد الدينى على أيدى الأكاسرة والقياصرة فأذاقوا الشعوب ويلات العذاب .

ولقد انتشرت الوثنية فى جزيرة العرب وغيرها من بلاد الشام والعراق ومصر واليونان والكثير من بلاد العالم القديم، ولقد كان سيدنا نوح ـ عليه السلام ـ أول من واجه عبادة الأصنام فى البشرية فقال تعالى فى سورة نوح (قال نوح رب إنهم عصونى واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا ومكروا مكرا كبارا وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا).. "نوح : 21ـ23 "، وتعددت الروايات عن حقيقة نشأة الوثنية فى جزيرة العرب، فيقال إن ـ عمرو بن لحى الخزاعى ـ عندما قدم الشام وجدهم يعبدون الأصنام فلما سألهم عنها قالوا إنهم يتقربون بها إلى الله فترزقهم وتنصرهم، فطلب منهم صنم أسماه هُبل ورجع به إلى جزيرة العرب ونصبه في مكة وأمر الناس بعبادته، وهناك قول آخر أنه كان من يأتي للأرض الحرم يأخذ منها حجراً تعظيماً له، وحيثما نزل وضعه وطاف حوله مع قومه كطوافهم بالكعبة حتى أنهم كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة، وصار لكل قبيلة صنم أو أصنام.

حتى يثرب كانت تشتعل فيها الحروب بين الأوس والخزرج قبل دخولها الإسلام فتشن الغارات وتشتعل الحروب وطلب الثأر لأتفه الأسباب، فاخترع العرب ـ النسئ ـ وهو تأخير حرمة شهر المحرم إلى صفر لاستمرار الحروب بينهم بلا توقف حتى فى الأشهر الحرم فعرف تاريخهم ـ حرب الفجار ـ بين كنانة وغيرهم فكانت القضية عند الجميع ليست بحثا عن حق أو قيم أو التزاما بصدق ولكن تقاليد بالية وأعراف فاسدة على الرغم من رحمته تعالى بعباده وبعثه لهم بالعديد من الرسل والأنبياء، فكان كل منهم يبعث بقضية التوحيد العقائدية الكبرى بالإضافة إلى قضية خاصة تخص إصلاح فساد شاع واستشرى فى قومه، فكانت رسالة "شعيبا" مثلا لمعالجة الفساد الاقتصادي فقال تعالى (و إلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان).." هود 84"، ورسالة "لوط" معالجة للفساد الأخلاقى وذلك أيضا فى قوله تعالى (ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين)، كما جاء "موسى" لإصلاح الفساد العقائدى والطغيان السياسى وغطرسة صاحب الأموال والكنوز قارون فقال تعالى (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وهامان وقارون) .." غافر 23 "  

المصدر: مجلة حواء -هدى الكاشف
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 438 مشاهدة
نشرت فى 7 سبتمبر 2013 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,745,079

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز