يحب الله تعالى لرابطة الزواج أن تنعم بالاستقرار والاستمرار، وأن تظل مصدر سعادة وتعاون على البر والتقوى للزوجين، ومصدر نفع للمجتمع والوطن، ولذا جعل الله الزواج سكناً فقال فى كتابه العزيز: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون"، وحرصت الشريعة الإسلامية السمحة على تقوية أواصر المحبة بين الزوجين والبعد عن كل الأمور المؤدية للخلاف والفراق بينهما فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :" استوصوا بالنساء خيراً..." وقال " لايفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضى منها آخر" رواه البخارى، وقال أيضاً" خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلى".. وهذا هو السر في أن الشريعة تعتبر الزواج عقد دوام واستقرار واستمرار، وأن إنهاء هذا العقد هو خلاف للأصل الذى شُرع من أجله ولا يتم اللجوء إليه إلا إذا كان بقاء العلاقة الزوجية أمراً مستحيلاً وقد يفضي إلى ما حرم الله، وعندئذ تكون الرحمة بمنح كل من الزوجين بالتفريق فرصة جديدة لاستئناف حياة زوجية سعيدة يناسبها قول الله تبارك وتعالى: "وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعاً حكيماً".
<!--
أعظم ما يفرح به إبليس
ورغم أن وقوع المشاكل الزوجية هومن السنن الإلهية فى كل البيوت.. حتى أن بيت النبوة لم يسلم من ذلك لحكم ربانية، ولكن الله عز وجل وضع منهجاً رائعاً فى التعامل مع المشاكل والخلافات بين الزوجين، يتمثل فى قوله تعالى : "واللاتى تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ فى المضاجع واضربوهنّ فان أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً"، وبالتالى فإن الإفساد بين الزوجين جرم عظيم من كبائر الذنوب، بل إن بعض كبار العلماء اعتبروه من جنس عمل الساحر استنادا على قوله تعالى :" فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه"، كما أن التفريق بين الزوجين من أعظم ما يفرح به إبليس عند إرساله لأبناء جنسه كى يفتنوا أبناء آدم ويخرجونهم عن طاعة الله .. لما أخبر به النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه الإِمام مسلم قال: "إِن الشيطان يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فى الناس فأقربهم عنده منزلة أعظمهم عنده فتنة، يجئ أحدهم فيقول ما زلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا وكذا، فيقول إبليس لا والله ما صنعت شيئا، ويجئ أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله، فيقربه ويدنيه ويقول نِعمَ أَنْتَ" !
كيف يتصدر للفتوى؟
إذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن لإمام مسجد سابق أن يطلع على الناس من خلال برنامج يقدمه على إحدى الفضائيات المصرية ويقول : "واحد يتزوج واحدة ويكتشف أنها خلية إرهابية نائمة في منزله، أي قنبلة موقوتة معه في غرفة النوم.. لو تعارضت مصلحتي الشخصية مع مصلحة وطني تكون مصلحة الوطن أولاً، ولو تعارضت مصلحة زوجتي مع المصلحة الوطنية يبقى بلدي الأول، هذا يسمونه فقه الأولويات.. يعني أضحي بمراتي ولا أضحي بمصر؟ ننفصل ونعطيها كامل حقوقها بما يرضي الله، الكثيرون اليوم يشعرون بما أقوله.. إذا ما تبرأت تلك الزوجة الإخوانية من انتمائها لجماعة إرهابية فأهلاً بها وسهلاً في بيت زوجها، أما إذا استمرت على ما بداخلها من أفكار إرهابية متطرفة ضد الوطن وضد الدين فقد وجب طلاقها، وتروح تقعد مع أبوها.. وكذلك بالنسبة للمرأة إذا تزوجت رجلاً إخوانيًا، فالأفضل أن يذهب للعيش مع والده، يمكن إيجاد 50 زوجًا آخر ولكن ليس لدينا إلا بلد واحد"!!
ألا يعلم أن التفريق بين الزوجين من الذنوب الكبيرة التي يحرم على المسلم أن يوقع نفسه فيها، لقول النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: ليس منا من خبب ( أى أفسد ) امرأة على زوجها أو عبداً على سيده. رواه الإمام أحمد، ولماذا يتصدر للفتوى فى أمر شائك وهو يعلم أن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - قبل أن يفتى فى مسألة ما يجمع لها أهل بدر.. وفى نفس المجال قال الإمام مالك : من أجاب فى مسألة فينبغى قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة والنار وكيف يكون خلاصه منها ثم يجيب....اللهم جنبنا الفتن ماظهر منها وما بطن .
ساحة النقاش