المجتمع في خطر
محمد الحمامصي
ارتفاع معدلات الطلاق من 156 ألفا فى عام 2012، إلى 161 ألف حالة في عام 2013، بزيادة قدرها 5 آلاف حالة طبقا لدراسة الباحث محمد رضا، المدرس المساعد بجامعة عين شمس، يحمل الكثير من المؤشرات التي تؤكد عدم الاستقرار في البلاد، فالأمر له علاقة وثيقة بحالة الفوضى التي تشهدها البلاد على مدار الأعوام الثلاثة الماضية وتؤثر سلبيا على الأحوال النفسية والجسدية لأفراد الأسرة خاصة الزوجين، فهناك آلاف الأسر فقد عائلها عمله بسبب غلق مئات الشركات والمصانع وانهيار القطاع السياحي وتوقف الاستثمار في كل القطاعات أو على الأقل تقليص الاستثمار، وهو ما أدى بدوره إلى ارتفاع نسبة البطالة ونسبة الفقر وتراجع الدخول وتصاعد نفقات التكلفة المعيشية.
إن ما لا يدركه البعض أن هذا الخراب الذي تشهده البلاد جراء عمليات التخريب والإرهاب والعنف والبلطجة والفساد، يلقي بظلال قاسية ومؤلمة على حياة الأسرة وواقعها، فينفجر كل من الزوج والزوجة في وجه بعضهما أو في وجه أطفالهما، والنتيجة إن لم تكن طلاقا فعقدا نفسية وأمراضا جسدية وتمزقا أسريا يطال كلاهما كما يطال أطفالهما.
والأدهى والأمر أن أحدا لم يعد يرحم أحدا، الأخ ينهش أخيه، والجار يود لو يحرق جاره، والزميل يتمنى زوال النعمة لزميله، والمدرس يستنزف طلابه، والتاجر والبائع يسرق ويغالي في السعر، والطبيب يتفرج على مريضه الذي ينزف دما أو يكاد يموت من الألم، فيما يواصل اللصوص والفاسدين استنزاف مؤسسات الدولة وهيئاتها ومصالحها، هناك حالة توحش تسري في المجتمع كله، توحش أسقط الرحمة والشفقة، توحش لا دين له، وذلك جراء هذه الفوضى التخريبية والإرهابية.
إنني لن أندهش لو تضاعفت حالات الطلاق عشرات الأضعاف، إذ كيف أندهش وهناك من يقتل طفله لأنه لا يجد ما يطعمه إياه، وهناك من تقتل زوجها لأنه عاطل لا يجد قوت يومه، وهناك من يقتات من بقايا فتات الناس، وهناك من لا يجد شيئا يفعله ليقتل به فراغ بطالته، كل هذا يتزايد يوما بعد الآخر بينما أوضاعنا المهترأة التي لا يحكمها قانون من سوء لأسوأ.
إن المجتمع في خطر، وما لم تتوقف هذه الفوضى وتأخذ العدالة الاجتماعية مجراها إلى كل فرد فيه، سيستفحل الخطر، فالمواطن دخل مرحلة اليأس والاحباط وما الجرائم الاجتماعية التي ترتكب إلا جراء ذلك كله، والأمل معقود في صلاح الحال الذي نرجو ألا يطول أمده.
ساحة النقاش