فى لحظة تأمل موضوعية اكتشفت أن معظم الأخلاقيات التى نؤمن بها وتحتل فى نفوسنا منزلة اليقين أصبحت مشوهة باهتة، كل الذى فهمناه وتعلمناه وتربينا عليه أصبح مهتزا ومرتابا وخائفا، ثورتان فى ثلاثة أعوام ومازال الفاسد يتحرك بحرية والمرتشى يتربح ويكسب.. بل وتفتح له الأبواب المغلقة، والحكومة تشجب! فضاعت الحقوق وتاهت الأهداف وأصبحت الثورة مؤامرة وانقسمنا بين من يراها رمزاً للكبرياء ومن يراها وصمة عار.
احترفنا الانقسام حول كل الأمور والقضايا والمشاكل، حتى ثوابتنا الإنسانية والدينية ضاعت.. ففلسطين تسحق بالنيران وتتناثر أشلاء شبابها ونسائها وشيوخها وأطفالها، بينما نصفنا يبكى ونصفنا يشمت! حتى فى هذه انقسمنا.. لم يشفع للفلسطينيين إسلامهم ولا ضعفهم ولا قلة عددهم وعتادهم ولا حدودنا الإقليمية، فقدنا بوصلتنا تجاه الأعداء واختلفنا بينما فلسطين تتعرض للإبادة، أصبحنا تائهين منقسمين وخلف حدودنا مؤامرات وصراعات، وفى الداخل يستشهد العشرات من أبنائنا فى عمليات إرهابية أو ضد مهربين أو تجار سلاح.. بينما يشعر أغلبنا باللامبالاة تجاه التصرف بدونية وانحطاط دون أدنى شعور بالأسف أو الخجل!
النار مفتوحة علينا من كل الجهات بين متآمر أو طامع أو خسيس فى زمان مشوه ضاعت فيه الثوابت وفقدنا الحس المشترك بقيمة وأهمية وحقيقة الأشياء ولم نعد نعرف فيه الأعداء من الأصدقاء.
ومشكلة أى مجتمع وأى دولة تكمن أولا فى القيم والممارسات التى تحكم علاقة أبنائه معا حكاما ومحكومين، وعندما يعتقد البعض أن على كل الآخرين أن يؤدوا واجبهم إلا هو.. فهذه مشكلة، وعندما نريد محاربة الفساد إلا الفاسد الذى يجلب لنا مصالحنا فهذه مشكلة أكبر، وعندما نختبئ خلف شعارات جميلة لتحقيق مصالحنا لأشخاص أو فئات فقد ظلمنا القضايا المقدسة، وألحقنا ضررا حتى بمن يدافع عنها صدقا وقناعة.. لو قام كل منا بواجبه لما احتجنا لكثير مما نعيشه وندفع ثمنه، لكن عندما تضيع الواجبات ستضيع الحقوق أيضا، وفى تلك الحالة لا يصح أن نتكلم عن عودة الروح والرجوع إلى الهوية الثقافية ومكافحة أخلاق الشوارع والعودة إلى الأخلاق والقيم النبيلة، وهنا أتذكر ما قاله "هيلينيون" أحد فلاسفة الإغريق القدماء: إن الأخلاق التى تزين وتطوق عنق صاحبها لايمكن إلا أن تقوده إلى الفضيلة التى تبقى خالدة أبد الدهر، لكن متى نعود إلى أخلاقنا التى كانت تزين أعناقنا؟
نشرت فى 19 أغسطس 2014
بواسطة hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
22,836,581
الصور المختارة
مقالات مختارة
رئيس مجلس الإدارة:
عمر أحمد سامى
رئيسة التحرير:
سمر الدسوقي
الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز
ساحة النقاش