لا يختلف اثنان على قبح جريمة التحرش الجنسي، لكنها تزداد قبحا عندما تكون بحق الأطفال, خاصة لو جاءت تلك الخيانة من الأقارب المنوط بهم رعاية هؤلاء الصغار والقيام على أمنهم وسلامتهم.

ويعد تحرش الأقارب قضية يخجل البعض من طرحها, فنقع في خطئية التهوين والتقليل التى تمثل العقبة الأولى أمام محاولات مواجهة المشكلة وطرحها.. وفي السطور نطرح القضية ونحاول تقديم الإرشاد اللازم للآباء والأمهات لتجنب الآثار المدمرة لتلك الجريمة.




تقول نادية .م  والغضب يملأ وجدانها: لن أتركه مهما طال الزمن, فقد تعدى علي ابنتي ذات الستة أعوام.. طفلتي التي ضفرت لها شعرها في الصباح لأجد عمها يغتال طفولتها مساءً, ولن أسكت عن حق ابنتي حتي لو كان فيها خراب بيتي.     

حكاية أخرى من الإسكندرية, ربما تكون أكثر مرارة فالمتعدي هذه المرة هو الأب المدمن، فقد ذهبت الأم إلى أحد أقسام البوليس تشكو زوجها الذي أدمن الحشيش وأنه يتعدى علي بناتهما المراهقات أثناء تواجدها خارج المنزل, ويخبرهن أن من ستبلغ أمها سيقتلها, إلا أن الأم لاحظت بعض الأمور التي جعلتها تكتشف الحقيقة.

أما فادية سيدة، متزوجة ذهبت إلي أحد المراكز الخاصة بالتأهيل النفسي لضحايا العنف, وحكت حكايتها المفجعة التي بدأت منذ الطفولة والتي تبرز كيف يؤثر التحرش الجنسي بالأطفال علي حياتهم المستقبلية, تقول: تزوجت لكي أتخلص من عذاب أخي, فقد مات أبي وعمري 10 سنوات وأمي سيدة مسنة, وللأسف كان يجبرني علي أشياء لا أستطيع ذكرها وكنت أقاوم لكن مقاومتي كانت تنهار.
 
أخبرت أمي ولكنها لم تصدقني, ولم يكن عندي شخص آخر أستطيع الاستنجاد به, وفرحت لأوافق علي أول عريس تقدم لي ليخلصني من مأساتي, لكن وفي يوم الدخلة وحينما حاول زوجي الاقتراب مني فزعت وظللت أصرخ, لقد دمرني أخي إلي نهاية عمري وأصابني بعقدة نفسية.
 

• والسؤال الذي نطرحه الآن كيف ترفع الأم وعي طفلها من التحرش خاصة من الأقرباء دون أن تفقد الثقة فيمن حوله؟ وماهي آثار هذه الحوادث علي نفسية الأطفال؟

تقول د.مني الجوهري, أستاذ الطب الشرعي بجامعة طنطا: علي الأبوين مراقبة أطفالهما أثناء اللعب مع الحيطة والمراقبة، وحماية أطفالهما حتي وإن كانوا يلعبون مع بعض من أفراد العائلة.

والأهم الاقتراب من أولادهما ومعاملتهم بالحب والحنان واللعب معهم حتي يسهل عليهما توجيههم, وعلي الأم تحديدا الاقتراب منهم حتي يحكوا لها أسرارهم.

وعليها تنبيههم بطريقة جادة بدون حدة، أن هناك أماكن في جسدهم لايمكن لأحد أن يقترب منها سواء من الأقارب أو الغرباء, ويجب أيضا ملاحظة من يعملون بالمنزل وعلاقتهم بالأطفال سواء الخادمة أو السائق لو وجد, والأهم التفرقة بين الأطفال في الفراش كما أمرنا الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة, وينبغي علي الوالدين الحذر أثناء لقائهما الزوجي حتي لا يتاح للأطفال التلصص ومعرفة أشياء لا يجب أن يدركوها.


كيف أتصرف؟

وكيف تتصرف الأم وما الذي يمكن أن تفعله إذا وقع تحرش جنسي بأحد أطفالها؟

عليها أولا ظبط الأعصاب والاستماع إلى الضحية، وبكل هدوء حتي يفصح عما حدث له, وفحصه طبيا للتأكد من سلامته من أي إصابات ومعالجته في حالة الإصابة، ومساعدته نفسيا بعرضه علي طبيب نفساني مع عدم التهكم علي الطفل المعتدي عليه أو تعنيفه والقسوة عليه, وأيضا توفير نشاطات مختلفة لهذا الطفل المعتدي عليه وإشغاله في ممارسة وهوايات يحبها مثل القراءة والرسم والسباحة لحمايته من الإصابة بالخوف والكابة, وتجنب إسقاط أي صفات عليه مثل الجبن أو الضعف.    


أماكن التحرش

في أغلب حالات التحرش يكون المكان خاليا ومعدا لاقتراف الجريمة, وإذا كانت الأسرة تقطن في بيت العائلة يجب ألا تغفل الأم عن أولادها وتعرف أين يذهبون وماذا يفعلون, وحتي عند الجيران عليها أن تتابع أولادها وتراقبهم وتعرف جيدا ماذا يلعبون وأين سيذهبون.

وتعتبر دورات المياه العامة والحمامات والدهاليز من أكثر الأماكن خطورة على سلامة الطفل أثناء قيامه بالنشاطات خارج منزله, لذلك يجب على الأهل مرافقة الأطفال إلى تلك الأماكن للتأكد من خلوها من المخاطر.

وتشير د."الجوهري" إلى خطورة التحرش على حياة ضحاياه مستقبلا فتقول: إن مرحلة الطفولة مرحلة هامة للنمو النفسي لدى الإنسان وأي خلل فيها يعرض هذا الطفل لشتي أنواع المرض النفسي, فيتحول الطفل إلى طفل منعزل انطوائي, وتقل ثقته بنفسه, وقد يصاب بأمراض جسمية وعقلية أو قد يصاب بالشذوذ الجنسي, وقد يكون عدوانيا وانتقاميا ويعاني من تأنيب الضمير.
  
دعم قانوني

• أما عن الإجراء القانوني الذي يجب أن تقوم به الأسرة التي تعرض أحد أطفالها للتحرش فيقول مجدي عبد الرحمن المحامي: إذا كان التحرش في مكان عام, فعليهم الإمساك بالجاني وقت وقوع الحدث مع وجود شهود للواقعة, والذهاب إلى قسم الشرطة التابع لمكان حدوث الواقعة وعمل محضر للجاني.
أما إذا تم اكتشاف الواقعة بعد وقوعها بفترة فيتم التوجه مباشرة إلى قسم الشرطة وتحرير محضر بواقعة التحرش وشرح كافة تفاصيلها وسماع شهادة الطفل.
  وتعد جريمة هتك العرض من الجنايات التي حدد لها المشرع ظروفا مشددة, وهما ظرفان, إذا لم يبلغ المجني عليه 16 عاما, وأن يكون الجاني من أصول المجني عليه وهما الجد أو الأب أو من المتولين تربيته مثل الوصي أو القيم أو بحكم الواقع مثل زوج الأم أو العم أو الأخ وزوج الأخت أو الخال أو زوج العمة أو الخالة, أو أن يكون الجاني خادما بأجر سواء عند المجني عليه أو عند أصوله.

المصدر: إيمان الدربي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1670 مشاهدة
نشرت فى 7 سبتمبر 2014 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,777,163

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز