أصحاب المخابز البلدي بعد أن كانوا ينصبون الحكومة ببيع حصصهم من الدقيق في السوق السوداء، أصبحوا ينصبون ويسرقون الحكومة والمواطن معا، ترسل ابنك أو ابنتك أو زوجتك أو أنت بنفسك لتشتري بجنيه، تسلم البطاقة التموينية يدخلها البائع في المكينة ثم يسلمك إياها مع ورقة تحتاج لمكبر لقراءة بياناتها، وعادة لا يبالي أحد بقراءتها، إلى أن ينفد رصيدك، فتكتشف أن صاحب المخبز كان يسحب مع كل جنيه أو اثنين تشترى بهما جنيها أو جنيهين، الجنيهان تعني 40 رغيفا، ثمن الرغيف 35 قرشا تدعمه الحكومة بـ 30 قرشا لنأخذه أنا أو أنت بـ 5 قروش، إن صاحب المخبز يسرق منك ومن الحكومة 14 جنيها، فالحكومة تحاسبه على الرغيف بـ 35 قرشا كما سبق، لكن الكارثة أن المواطن يفاجأ يوم 15 أو 20 في الشهر أنه استهلك كميته من خبز المنظومة المدعم، وعليه أن يشتري الرغيف بـ 35 قرشا ليستكمل الشهر بدلا من أن يفيض منه، فيحصل بقيمة الفائض على مواد تموينية كالزيت والسكر والأرز والشاي.
لقد أصبح النصب والاحتيال والسرقة مترسخا في أكثريتهم، فأصبح الواحد منهم مثله مثل رجال الأعمال والتجار والمعلمين الكبار يتاجر في العقارات والأراضي والمحال وما خفي كان أعظم، فعلى مدار 35 عاما وربما أكثر كانت الحكومة تسلم الدقيق المدعوم لهؤلاء، وهؤلاء يقومون ببيع ما يفوق الثلين في السوق السوداء، كنت أراهم رؤى العين صباح كل يوم وهم يبيعون ما يتيسر لهم من خصص الدقيق، يعني لو كان يحصل على جوال الدقيق مثلا بـ 10 جنيهات كان يبيعه بـ 100 جنيه، أي أن دخله اليومي كان يتراوح ما بين 2000 جنيه إلى 3000 آلاف، وفي أوقات الأزمات قد يتضاعف الربح.
منظومة الخبز قد تكون جيدة، لكن لابد من رقباء، يا حكومة، يا وزير التموين، يا وزارة الداخلية، والله أقسم بالله المواطنين يُسرقون المتعلم منهم والأمي جهارا نهارا، لكن ينال الفقراء الأميون الذين لا يقرأون الحصة الأكبر، فما يعني المواطن الفقير المقام الأول الحصول على الخبز وليس الورقة التي فيها الحساب.
لتدرك الحكومة أن الأزمة الحقيقية في اللصوص والفاسدين وليس فقط في توفير رغيف الخبز للمواطن، لتخرج الأجهزة الرقابية النائمة على المكاتب والممددة في المكيفات وتتابع مسئولياتها قبل أن تفاجأ بأزمة وتستفحل الأمور ولا نستطيع إيقافها، على هذه الأجهزة أن تطلق حملات واسعة وبخاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية والمناطق العشوائية في محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية وسوهاج وأسيوط وغيرها.
لقد استمعت إلى شكاوى كثيرة في مناطق كالعمرانية،الغربية، الطالبية، الكنايسة، فيصل، العشرين، الطوابق ودار السلام وغيرها، حيث يفاجأ المواطن الذي اشترى بجنيه أنه سحب منه 2 جنيه، ومن اشترى بـ 2 جنيه سحب منه 3 جنيها، ولا ضمير ولا أخلاق ولا تقدير لظروف وطن يمر بمحنة.
بالطبع ليس كل أصحاب المخابز لصوصا ونصالبين ولكن الأغلبية منهم هكذا، وأرجو من الحكومة أن تراجع وتحقق في أملاك وثروات هؤلاء قبل وبعد فتح المخبز، لترى كيف تضخمت ثرواتهم وأملاكهم وتجارتهم.
أيضا على الحكومة أن تطهر أجهزتها الرقابية من المرتشين الذين كانوا يتقاضون رواتب من أصحاب المخابز ليغضوا الطرف عن سرقاتهم، وأن تطالب بتشديد العقوبات على هذا الجانب، فهؤلاء وأولئك يمارسون عملا إجراميا ضد الدولة وأمنها، إجراما لا يقل عن الإرهاب والتخريب.
المصدر: محمد الحمامصي
نشرت فى 1 أكتوبر 2014
بواسطة hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
22,815,571
الصور المختارة
مقالات مختارة
رئيس مجلس الإدارة:
عمر أحمد سامى
رئيسة التحرير:
سمر الدسوقي
الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز
ساحة النقاش