الشارع المصري يئن ويتألم من حالة التسيب والاستهتار وعدم الانضباط، السيارات بجميع أنواعها لا تحترم قانون المرور والمارة بالشوارع لا يعترفون بقواعد السير وتصدر عنهم أفعال كثيرة متعبة ومربكة، والباعة الجائلون وأصحاب المحلات يستولون على الأرصفة ويتسببون في إعاقة حركة المشاة والسيارات، والنتيجة تعطل لحركة الحياة والتي تتعطل معها  مصالحنا وتتسبب في إهدار لاقتصادنا.

لقد أصبح انضباط الشارع المصري حلم يراودنا وأحيانا نشعر بأنه بعيد المنال، فلا القوانين قادرة على تحقيقه ولا سلوكيات البشر تشير إلى تغيير من الممكن حدوثه ليخرجنا من حالة الإحباط واليأس إلى الأمل والتفاؤل.

البعض يراهن على قانون المرور الجديد الذي يعد الآن من قبل وزارة الداخلية لإقراره من جانب مجلس النواب وفيه قواعد جديدة لتراخيص السير والقيادة وعقوبات شديدة على المخالفين، ولكن كل الشواهد تؤكد على أن القانون وحده لا يكفي وأن المواطن المصري هو المسئول الأول على تحقيق هذا الانضباط من خلال تخليه عن سلوكه الفوضوي واتباع أسلوب أكثر رقيا وتحضرا في التعامل مع الطريق.

في الماضي البعيد استطاع الإنسان المصري أن يبني حضارة أبهرت العالم بفضل انضباطه ونظامه والتزامه، فكل هذه السمات كانت سببا في تفوقه ونبوغه بين باقي البشر، ولكن حينما تخلى عنها ضاع منه كل شيء وأصبح على هامش الحياة وبعيدا عن سباق الحضارة والتقدم.

والشيء الملفت حقا هو عدم شعور المواطن المصري بالانتماء والولاء تجاه بلده لذلك لا يهمه المحافظة على نظافتها والالتزام بقوانينها، وهذا الشعور ربما يكون نتيجة التغيير الذي حدث بالمجتمع في العقود الماضية والذي نتج من خلال تطبيق القانون على الضعفاء فقط واستثناء أصحاب السلطة والنفوذ منه، لذا كان من الطبيعي أن ينقلب على المجتمع الذي يفتقد فيه العدالة.

إذن حل المشكلة يكمن في تطبيق القانون بعدالة على الكبير قبل الصغير، ولا يكون هناك مجال للمحسوبية أو الاستثناءات فيه، ثم يكون الشق الأهم والممثل في سلوكيات البشر ولكي يتحقق ذلك لابد من البدء منذ الطفولة وتلقين الصغار معنى الانضباط والنظام واحترام الطريق، وأن ننمي فيهم معنى الولاء والانتماء للوطن، كل هذا لابد وأن يتحقق من خلال دور الأسرة ودور المدرسة ودور العبادة ـ المساجد والكنائس ـ فكل طرف يكمل دوره طرف الآخر، فهؤلاء جميعا قادرون على تربية أجيال جديدة تكون باستطاعتها إعادة مصر إلى مكانتها التي تستحقها بين باقي دول العالم.

المصدر: بقلم : نبيلة حافظ
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 382 مشاهدة
نشرت فى 13 فبراير 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,826,096

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز