الفن والموسيقى.. هبة جعلهما الخالق وسيلة لاستمتاع البشر بالحياة وإشاعة البهجة والترفيه عن نفوسنا فى مواجهة ضغوطها مع تأثيرهما فى الوجدان من أجل الارتقاء بالحس والذوق العام.. وفن التعامل والتواصل مع الآخرين.. ويعد العلاج بالفن والموسيقى من أحدث طرق العلاج الناجحة للأمراض النفسية والعضوية وإعادة تأهيل المدمنين واضطرابات ما بعد الصدمة مما نمر به من أحداث دامية وحروب، وقد أثبتا فاعليتهما لكل الأشخاص مهما اختلفت مراحلهم العمرية أو جنسياتهم أو معتقداتهم من النساء والرجال.. والعلاج بالفن أو ما يسمى بالعلاج التعبيرى من الرسم والتشكيل بالنحت والفنون الدرامية إلى جانب الموسيقى.. وهى وسائل تعتمد على إخراج مكنونات النفس البشرية من اللاوعى إلى الوعى الخارجى وبالتالى يستطيع الإنسان خاصة المريض أن يخرج ما بداخله من مخاوف قد لا يستطيع أن يعيها ليجسدها على الورق بالرسم أو التشكيل بالنحت.. بل أيضا التعرف على جوانب الشخصية بشكل أفضل وتطويرها والتخلص من كل الطاقات السلبية بداخل كل منا وإحلال طاقات إيجابية بدلا عنها من خلال الشعور بالثقة بالنفس واكتساب مهارات جديدة لتحسين علاقاته بنفسه ومن حوله فى المجتمع.. والأهم أن هذه الوسائل لا تحتاج أن يكون الإنسان ملما بقدرات وخبرات إبداعية سابقة.. فبمجرد أن يستخدم الورق ويخط بالقلم أو الريشة والألوان على السطح يشعر الإنسان بالتغير المزاجى وإخراج ما بداخله من حزن أو قلق أو خوف أو غضب وتوتر.. وهى طريقة مفيدة وفعالة بنتائجها.. وقد أكدت أحدث الدراسات الفرنسية أن الرسم والموسيقى يزيدان من الإحساس بالبهجة والسرور.. مما يجعل الفرد يشعر بتحسن مزاجى نفسى وبطاقات إيجابية.. ويرجع ذلك إلى التنفيس الانفعالى لما بداخله وإعادة التوجيه لهذه الانفعالات من خلال العلاج النفسى بإشراف متخصصين.. يساعد المريض على فتح مجالات أكثر للتفكير بطرق مختلفة ورؤية جديدة لعلاج ما يوجهه من مشكلات وصعوبات بشكل آخر ومختلف تفيد فى مواجهتها وحلها.. ويندرج أيضا تحت هذه العلاجات الحديثة مع التشكيل بالنحت والمجسمات.. فنون الدراما وكلها فنون تساعد على إخراج المكنونات الداخلية التى تسبب معاناة الإنسان ومرضه ومخاوفه غير الظاهرة وبذلك يمكن معرفتها وتحديدها وتشخيصها للتغلب عليها وعلاجها.

والعلاج الحديث تقوم فكرته بشكل أساسى على اتباع أنماط من الفنون مثل الموسيقى والدراما إلى جانب الرسم والتشكيل.. وهى طريقة فعالة حيث إن العملية الإبداعية وممارسة أى نشاط إبداعى تؤدى إلى الإشباع النفسى واكتشاف مهارات جديدة من داخلنا فتزيد الثقة بالنفس مما يجعل المريض يتعافى تدريجيا من الضيق والاكتئاب، فالعلاج بالفن يصل إلى جذور المشكلة النفسية والتخلص منها وخاصة فى الحالات التى لا يستطيع الأشخاص التعبير عما يعانون منه بالكلام أو التواصل مع الآخرين وخاصة فى الأطفال المصابين بالتوحد أو بعض ذوى الاضطرابات النفسية والذهنية أو حتى كبار السن ممن يعانون من ألزهايمر.

فالعلاج التقليدى قد يؤدى مع طول فترة العلاج وعدم الوصول إلى المشكلة الحقيقية للمرض مع الاعتماد على الدواء لتحسين حالة المريض النفسية وتسكين آلامه الجسمانية التى تنتج عنها، إلا أنه أيضا قد يؤدى إلى تراجع.. بعكس ما يؤدى إليه العلاج بالفن فهو بمثابة صورة أشعة واضحة من خلال التعبير البصرى والحركى والموسيقي لما بداخل المريض ليساعد الطبيب المعالح مع إشراف متخصص فى كل نوع من هذه الفنون لتحليل تفاصيل ما يقوم برسمه أو ما نؤديه من أداء درامى تظهر انفعالاته الزائدة أو غضبه العارم وتكشف ما وراءها من أسباب للمشكلة وتحديد حجمها.. ومحاولة التنفيث عنها من خلال المختصين للسيطرة على هذه الانفعالات السلبية وتوجيهها لعلاج المريض.. وفى الحالات الأصعب يكون العلاج الدوائى أولا ثم المساعدة فى العلاج بالفن سواء بجلسات ذاتية أو جماعية لتساعد فى عملية إدماجه وتواصله مع الآخرين.. ليأتى الفن بنتائج شافية.. ولهذا أصبح العلاج بهذه الوسائل الحديثة معتمدا ومنتشرا منذ سنوات فى مستشفيات أوروبا وأمريكا وبعض البلاد العربية.. فبداخل كل منا جانب فنى كامن فى الشخصية والعلاج يأتى من خلال انطلاقها ومعرفة جوهرها وقدراتها التى لم تكن معروفة مما يزيد الثقة بالنفس.

المصدر: بقلم : إيمان حمزة
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 573 مشاهدة
نشرت فى 19 يوليو 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,840,578

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز