حتى تنجح علاقتنا، لابد أن نتذكر اختلافاتنا، نتعلم لغة أحدنا الآخر، نفتح القاموس لنفهم المعاني الصحيحة.
تحلم كل امرأة بنهاية لسوء الفهم المستمر معشريك حياتها، أن تصل إليه كلماتها كما تعنيها دون تحريف،وأن تفهمه بدورها فلا يبقى تصرف رجولى غير مبرر أو بدون تفسير، أن يتحدثا نفس اللغة أو على الأقل أن يفهم كل منهما لغة الآخر فلا يحتاج إلى مترجم أو قاموس لفك شفرة كلماته أوتصرفاته.
لكن هل يتكلم الرجال والنساء لغتين مختلفتين؟ وهل تحتاج حواء لأن تتعلم لغة آدم حتى تفهمه وتتواصل معه بسهولة؟
قبل أكثر من ربع قرن حاول الإجابة عن هذا السؤال كتاب بعنوان "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة"، تأليف د. جون جراى، محاضر مختص في العلاقة بين الجنسين، ورغم أن عدة كتب صدرت للتعليق على موضوع الكتاب، حتى أن المؤلف نفسه أصدر بعده أكثر من كتاب يستثمر النجاح ويناقش المتغيرات إلا أن الفكرة الأساسية للكتاب ظلت ملهمة والقواعد التي تضمنها لا تزال تعمل.
هذا ما يحدث
لنتصور مثلا أن شخصين التقيا في بهو فندق، أحدهما يجيد العربية ولا يعرف شيئا عن الصينية والآخر على العكس تماما، وبدأ بينهما حوار، الأول يسأل بالعربية والثاني يجيب بالصينية، فما هي فرص فهم أحدهما الآخر فهما صحيحا اعتمادا على التخمين ولغتى الإشارة والجسد؟
هذا بالضبط ما يحدث بين النساء والرجال, لنتخيل أن كل منهما جاء من كوكب مختلف؛ الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، ورغم أنهما يتحدثان لغتين مختلفتين إلا أن نظرة خاطفة بينهما وقعا في الحب، أمضوا شهورا يتعارفون، كانوا سعداء وقرروا الرحيل معا إلى كوكب الأرض، وهناك نسي كل منهما ما بينهما من اختلافات الأمر الذى تسبب فى سوء الفهم بينهما.
أين الترجمة
من العبارات المتكررة بين النساء والرجال مثلا؛ أن تقولي له "نحن لا نخرج أبدا", أنت تقصدين "أرغب في قضاء الوقت معك، صحبتك جميلة، لقد مرت أيام منذ خرجنا معا، هل من الممكن أن تصحبني للعشاء", هو سيفهم "أنت لا تقوم بما عليك، لقد خيبت أملي".
أنت تقولين "هذا المنزل دائما في فوضى", تقصدين "أشعر بالرغبة في الاسترخاء اليوم، أنا متعبة ولا تتوقع مني تنظيف كل شيء، أو هل من الممكن أن تعرض علي المساعدة؟",بينما يفهم "المنزل غير مرتب بسببك، أفعل كل ما أستطيع لترتيبه، لكن قبل أن أنتهي تفسده ثانية، لا أريد الحياة معك حتى تتغير وتحافظ على نظافة المكان"، وهكذا يقع سوء الفهم ونظل في نزاع دائملأننا لا ننتبه لاختلافاتنا، ودائما نتوقع من الآخر أن يكون مثلنا، ونتصور عن جهل أن تصرفاتهواستجاباته ستكون متشابهة إذا كان حقا يحبنا.
قيم مختلفة
الحقيقة أن قيم الرجال والنساء مختلفة في أصلها؛ الرجال يقدمون حلولا للمشكلات ويهملون المشاعر، بينما تعطي النساء نصائح وتوجيهات لم تطلب منهن،يواجه الرجال الضغوط بالانسحاب بعيدا للتفكير فيما يكدرهم، بينما تميل النساء للفضفضة عما يكدرهن، يتحمس الأول عندما يشعر بحاجة الآخرين إليه، والمرأة تتحمس عند الحصول على قدر كاف من التدليل، الرجال بحاجة للضغط على أنفسهم ليستطيعوا التعبير عن الحب، بينما يتعين على النساء الضغط على أنفسهن لتقبل الحب.
لنتذكر اختلافاتنا
تتباين احتياجات الرجل والمرأة من الحب، فالأول يحتاج إلى الثقة والقبول والإعجاب، أما المرأةفيأتى الاهتمام والتفهم والاحترام على مقدمة احتياجاتها، وهنا تظهر المشكلة لأن كلا منهما يعطي الآخر ذلك النوع من الحب الذي يحتاج إليه هو لا الذي ينتظره منه الطرف الآخر، فالحب يمر بفصول أربعة،فى الربيع يكون سهلا رائعا، لكنه يحتاج إلى عمل شاق في الصيف، وقد تشعر معه بالرخاء والإشباع فى الخريف، ثم الفراغ في الشتاء، لذلك وحتى تنجح علاقتنا، لابد أن نتذكر اختلافاتنا، نتعلم لغة أحدنا الآخر، نفتح القاموس لنفهم المعاني الصحيحة التي يرسلها لنا.
ساحة النقاش