دائما نرفع شعارا عن قوة وإرادة المرأة المصرية وكيف تستطيع تحقيق الموازنة الصعبة بين عملها ونجاحها فيه, بل ويصل إلى حد الإنجاز والتفوق في الكثير من الميادين, وبين أسرتها التي تحقق لها دائما الأمان والاستقرار والراحة، فهذه المعادلة تستطيع أي امرأة مصرية تحقيقها لما تملكه من عزيمة وإرادة، وهذا الكلام ليس مرسلا وإنما هو واقع ملموس، فعندما شاء القدر أن يصيبني بابتلاء كبير في أعز ما أملك في حياتي وهو "ابني" الذي يبلغ من العمر 23 عاما حيث تعرض لحادثة العام الماضي وللأسف كانت حادثة كبيرة وأجمع الأطباء وقتها أن "ابني" لا يستطيع أن يسترد صحته كاملة إلا بعد 4 سنوات، ولا أستطيع وصف الحالة التي عاشها ابني بعد رأي الأطباء التي امتلأت بالحزن والإحساس بعدم القدرة على ممارسة حياته التي يحبها ويحقق ما رسمه لمستقبله، ولكنني صمدت وشجعت ابني وأقسمت له أنه سيسترد صحته خلال 6 أشهر ووعدته بألا أتركه لحظة دون أن أفعل كل ما في وسعي ليتعافى كاملا خلال فترة قصيرة، وأحمد الله كثيرا على القوة والإرادة التي وهبني إياها في هذه اللحظات الصعبة لأكون عونا لفلذة كبدي ليستعيد حياته من جديد.
فالحياة مليئة بالمصاعب والمتاعب، كما أنها أيضا مليئة باللحظات السعيدة التي نعيشها أثناء تحقيق أحلامنا، فبالرغم كوني خريجة كلية الآداب ولكن هذا لم يمنعني من تحقيق حلمي في العمل بمجال الفنون التطبيقية بعد حصولي على درجة الماجستير والدكتوراه في مجال المتاحف والمعارض، وهذا كان حلما جميلا سعدت بتحقيق كل خطوة فيه وصولا إلى منصبي الحالي وهو مدير قطاع المتاحف والمعارض بكلية الفنون التطبيقية وهو جزء من قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة، هذا المكان الذي يشع منه الفن والأصالة والتراث والعراقة، حيث تعتبر كلية الفنون التطبيقية من أقدم الكليات التي مر على إنشائها 178 عاما منذ أن كانت مدرسة الخديوي ثم تطورت لتصبح معهدا ثم كلية الفنون التطبيقية والتي تعد كيانا بارزا يحتاج دائما للاهتمام والتطوير خاصة قطاع المتاحف والمعارض، وهذا ما نهدف إليه، ولعل الكثيرين لا يعلمون أن كلية الفنون التطبيقية تمتلك متحفا للقطع النادرة التي ليس لها مثيل في أي مكان آخر، حيث يضم المتحف عددًا كبيرًا من المقتنيات تصل إلى 680 قطعة أثرية تعود 90% منها إلى أعمال تنتمي إلى العصور الإسلامية الوسطى وبعضها ينتمي إلى المصري القديم الفرعونية والبعض الآخر ينتمي إلى عصر أسرة محمد على، حيث يقوم الطلبة بالاستعانة بهذه القطع في دراستهم من خلال رسمها، بل تساعدهم على الإبداع وإقامة معارض لعرض إبداعاتهم، ونحرص دائما أن يظهر الطلاب على الساحة بأعمالهم، والكثير من رجال الأعمال يحضرون معارض الطلبة وملتقى التوظيف ويتم تبني الكثير من المشروعات والأعمال التي يعرضها الطلبة لننقلهم من مرحلة الدراسة إلى ريادة الأعمال.
ولعلنا نؤكد من خلال ذلك أن لكل منا دور في مكانه، في عمله وأسرته ومجتمعه الكبير وهو وطننا مصر، فنحن نعمل كمؤسسات دولة في إطار تكاملي كل منا يكمل الآخر، فإذا استطعنا تفعيل هذا الدور التكاملي على أكمل وجه سنتخطى الكثير من العقبات ويرتقي كل منا في مجاله إلى قمة النجاح والإبداع، ولعلنا نتشرف باسم المرأة المصرية التي حققت الصدارة في الكثير من المجالات السياسية والاقتصادية والجامعية والقطاع الطبي والعلمي والنجاح المشرف لبناتنا في مجال الرياضة على الصعيد الدولي، فالمصريات قادرات على العمل والإنجاز والإبداع وعلى تربية أجيال من أبنائهن قادرين على حماية وطنهم والارتقاء باسم مصر في كافة الساحات والميادين.
ساحة النقاش