بليغ حمدي"1931-1993" الذى نطالب اليوم بتكريمه من وزارة الثقافةلا يقتصر دوره على الغناء الوطني بل امتد ليؤثر فى وجدان المصريين والأشقاء العرب، فهو مثال على العبقرية والموهبة حينما يجتمعان فى شخص واحد، مجدد قلما يجود الزمان بمثله، فقد حباه الله بنعمة الابتكار والتأثير وهى عطية إلهية يهبها الخالق لمن يشاء من عباده، وعلينا أن نكرمهم إن لم نستطع فى حياتهم ففى أسمائهم ونخلد ذكراهم وما تركوه من أعمال بعد رحيلهم، وليس أقل من أن نطلق اسمه على أحد المراكز الثقافية التى لا تزال تصدح بأعماله وتردد أغانيه الخالدة إلى ما شاء الله، أو أن نضع له تمثالا فى دار الأوبرا المصرية أو فى معهد الموسيقى العربية حيث درس.
بليغ حمدي ـ يا سادة ـ من أغزر ملحنى عصره، ترك ما يزيد على 3000 لحن لا يشبه واحد منها الآخر بين مسرح وأغنية، ولعل ذلككانسببا فى شهادة الموسيقار الراحل الكبير كمال الطويل الذى قال عنه: "بليغ موهبة متدفقة فى التلحين، ونجح فى تلحين جميع القوالب الموسيقية" وهى شهادة حق.
بليغ هو الملحن العبقرى السابق لعصره، المعجون بماء الذهب، الرقيق المرهف الذى رفض دعوة كثير من الدول وهو فى غربته وقال سوف ألبى جميع الدعوات بعد أن ألمس تراب مصر، جواهرجى الألحان الماسية الذى لحن لأم كلثوم وعدوية وحليم ورشدىووردة وسميرة سعيد وميادة الحناوى، وهو فى نفس الوقت بديع فى لمساته التصوفيةصاحبالألحان التى تحلق بنا فى السماء لسيد الإنشاد الدينىوالابتهالات الشيخ سيد النقشبندي، ألحان فولكلورية مصرية خالصة كأنها جاءت من السماء "مولاى..إنى ببابك قد بسطت يدى..من لى ألوذ به إلاك يا سندى" من لم يسمعها ولم تدمع عيناه؟
أغنيات أكتوبر
نعود لنذكر ونحن نستحضر ذكرى أكتوبر العطرة بإنتاج بليغ خلال الفترة من 1973 وحتى 1975، كان هو ملك أغنيات أكتوبر بلا منازع، لحن الكثير من الروائع فى تلك الفترة التى شهدت التحضير للحرب ثم الانتصارالمجيد وما بعده منها: عاش اللي قال.. الكلمة بحكمة فىالوقت المناسب.. عاش اللى قال.. لازم نرجع أرضنا من كل غاصب.. عاش وعاشوا العرب.. اللى فى ليلة أصبحوا ملايين تحارب.
ساحة النقاش