كانت المرأة وما زالت درع الوطن وسيفه، داعمة له فى سلمه وحربه، مشاركة فى ثوراته واستحقاقاته السياسية المختلفة، ومع إعلان حربه على الإرهاب الذى أوجع قلوب المصريين وفى مقدمتهم المرأة لم تبخل على وطنها بأعزائها بل دفعت بهم للزود عن أمنه واستقراره، كما كان لها العديد من الأدوار على كافة المحاور الاجتماعية والاقتصادية وغيرها لمواجهته. المرأة والحرب على الإرهاب صفحات من التضحيات وإصرار على اقتلاع جذوره مهما كلف الأمر.
شهدت مصر سلسلة من العمليات الإرهابية تصاعدت حدتها خلال السنوات الماضية، ففى يناير 2015 استهدفت 3 تفجيرات متزامنة مقارا أمنية وعسكرية بمدينة العريش أسفرت عن سقوط 20 شهيدا و36 مصابا، كما شهد نوفمبر واحدة من أبشع الجرائم التى تبناها تنظيم داعش خلال هذا العام والتى أسفرت عن مقتل 224 إثر سقوط طائرة "إيرباص أيه 321" رحلة رقم "9268"، التى كانت فى طريقها إلى مدينة سان بطرسبورغ الروسية.
ومع مطلع 2016 ألقت مجموعة إرهابية عبوة ناسفة فى صندوق قمامة بالقرب من نقطة أمنية بأحد الشوارع الرئيسية بمنطقة الهرم تسببت فى مقتل 6 مجندين وإصابة 4 آخرين، وفى20 مارس هجم مسلحون على كمين الصفا جنوب العريش بمحافظة شمال سيناء ما أسفر عن مقتل 18 شخصا وإصابة 7 آخرين، ولأن الإرهاب لا دين له فجر انتحارى نفسه داحل إحدى قاعات للصلاة بكتدرائية القديس مرقس فى 11 ديسمبر ما أسفر عن مقتل 29 شخصا وإصابة 49 آخرين.
واستهل المصريون عام 2017 بواحدة من أكثر الجرائم خسة حيث استهدف أحد التنظيمات الإرهابية كنيستى مارجرجس بطنطا والكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية أثناء الاحتفال بأحد السعف ليسفر التفجيرين عن مقتل 44 شخصيا بين مدنى وعسكرى ، واستمرت أعمال الإرهاب الخسيسة التى تثبت من وقت لآخر أن الإرهاب لا دين له ولا وطن لتنال يد الغدرفى 26 مايو 29 شخصا بينهم أطفال جراء الهجوم على حافلة تقل أقباطا أثناء توجههم إلى دير الأنبا صموئيل بالمنيا، وفي السابع من يوليو تكرر استهداف عناصر من الجيش ليلقى 26 جنديا مصريا حتفهم ويصاب العشرات فى هجوم على نقطة تفتيش بمدينة رفح اعتبر حينها الأعنف بعد تفجيرات 2015 بشمال سيناء.
ومع بداية العام الجارى شهدت الأوضاع الأمنية استقرارا كبيرا عقب إطلاق العملية الشاملة "سيناء 2018" التى استهدف العديد من معسكرات التنظيمات الإرهابية التى كانت تستهدف من وقت لآخر نقاط التفتيش التابعة لقوات الجيش والشرطة المنتشرة بمختلف محافظات مصر، ورغم توديع المصرين عام 2017 بواحدة من أبشع الجرائم التى استهدفت مسجد الروضة ببئر العبد أسفرت عن استشهاد 305 وإصابة 128 مصريا ليثبت الإرهاب للعالم أجمع أنه لا دين له ولا وطن إلا أن ذلك الحادث زاد المصريين عزيمة وإصرارا على دحض الإرهاب خاصة المرأة المصرية أكثر المتضررين من هذه الأحداث فهى أم الشهيد وزوجته وأخته وابنته.
نشر ثقافة السلام
بعد استعراض أبرز الأحداث الإرهابية خلال السنوات الأخيرة والاستقرار الأمنى الذى استطاعت القوات المصرية تحقيقه خلال العام الجارى التقينا عددا من سيدات مصر ما بين النائبات والكاتبات لمعرفة دور المرأة المصرية فى التصدى للإرهاب واستكمال مسيرتها فى دعم وطنها والوصول به إلى بر الأمان، حيث أكدت د. هدى السعدى، مقرر المجلس القومى للمرأة بمحافظة قنا على أن الأمن والسلام ركيزتين أساسيتين لتحقيق التنمية المستدامة، و للمرأة فى هذا دورا كبيرا خاصة فيما يتعلق بنشر ثقافة السلام والمحبة بين أبناء الوطن، وتقول: لا يخفى على أحد ما قامت به المرأة المصرية فى حماية وإنجاح جميع الاستحقاقات السياسية والدستورية، فضلا عن مشاركتها المتميزة فى الانتخابات الرئاسية بنسختيها 2014 - 2018 بالإضافة إلى البرلمانية، مشيرة إلى أن الحفاظ على الأمن القومى مسئولية تقع على عاتق المرأة من خلال تربية جيل واعى قادر على التصدى للتحديات التى تواجه المجتمع بما يمكنه من نشر السلام ونبذ العنف والتطرف والإرهاب باعتبارها الأم والمربية الأولى والمسئولة عن غرس حب الوطن والانتماء فى نفوس أبنائها.
اللبنة الأولى
تقولد. جيهان جادو،سفيرة النويا الحسنة بباريس: لاشك أن للمرأة دورا كبيرا فى تعزيز دعائم الدولة ومواجهة العمليات الإرهابية وقطع الطريق على التنظيمات الإرهابية فى استقطاب أبنائها، إلى جانب التصدى للمحاولات المستمرة من أعداء الوطن المعلنين والمستترين للنيل من استقراره وأمنه، فهى اللبنة الأولى لبناء المجتمعات لأنها عماد الأسرة التى إن صلحت استقام المجتمع، ومن هنا تأتى أهميتها فى غرس الفضائل والأخلاق فى نفوس أفراد أسرتها ومن ثم ينشأوا أعضاء صالحين يشاركون فى بناء الوطن، مثمنة مبادرة وزير الشباب والرياضة التى أطلقها بالتعاون مع وزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج لربط أبناء الجيل الثانى والثالث من المصريين المهاجرين بوطنهم، مؤكدة أنها تأتى فى إطار مساعى القيادة السياسية فى التواصل معهم.
ترشيد الاستهلاك
أما الكاتبة الصحفية منى رجب فتقول: على المرأة المصرية مسئولية كبيرة تتمثل فى توعية الأبناء وتنشئتهم على حب الوطن وزرع روح الانتماء والمواطنة فى نفوسهم منذ الصغر، وتعريفهم بالتاريخ المصرى وأمجاد أجدادهم ودور الجيش فى تحرير الأرض والدفاع عن العرض وما تحمله جنودنا البواسل فى سبيل ذلك، بالإضافة إلى تشجيعهم على المشاركة فى الأنشطة والخدمة العامة، فهذا يمثل حائط الصد أمام الأفكار المتطرفة، داعية المرأة المصرية إلى ترشيد استهلاكها قائلة: ادعمى جيشك وقيادتك من خلال تقليل نفقات أسرتك، فجنودنا يضحون بأنفسهم على أرض سيناء، وأقل ما يمكن أن نقدمه لمصر أن ندعم قيادتنا فى تخطى الصعوبات الاقتصادية التى يشهدها الوطن.
المرأة السيناوية
أما د. وهادسمير،مصممةالحلىوالمجوهراتفترى أن المرأة المصرية نجحت فى تربية أبنائها على حب الوطن، لافتة إلى أنها لمست ذلك خلال زيارتها لمصابى الجيش والشرطة الذى أبدوا استعدادهم لاستكمال أدورهم فى التصدى لأعداء الوطن بمجرد شفائهم، مشيدة بدور المرأة السيناوية فى حربها على الإرهاب قائلة: على الرغم من تقديم السيناويات الدعم لقوات الجيش فى حربها الضروس ضد التنظيمات الإرهابية بسيناء إلا أنهن حريصات على الاستمرار فى العمل والإنتاج وممارسة الحياة بصورة طبيعية،إلى جانب الحفاظ على اقتصادهن المتمثل فى الصناعة اليدوية التى تغزو الأسواق المحلية والعالمية، حيث شاركن فى معرض الحركة الصناعية الذى أقيم بأرض المعارض، بالإضافة إلى المعرض المقرر إقامته فى الأيام المقبلة بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر، مؤكدة أن استمرار السيناويات فى صناعاتهن أكبر دليل على أن المرأة لا تكتفى بتقديم الدعم للجنود بل تحرص على دعم اقتصاد وطنها.
وتابعت: بجانب ما تقدمه المرأة من دعم للوطن سواء على المستوى الاقتصادى أو غيره فإنها تدرس الأمن القومى بطريقة غير مباشرة لأبنائها من خلال تعريفيهم بأهمية الأرض والوطن وضرورة الحفاظ على كل شيء يتعلق بهذه الأرض سواء كان منشآت عامة أو وسائل مواصلات أو حدائق فكل هذا يعنى أنها تعد ابنائها بصورة صحيحة لتحمل مسئوليتهم تجاه هذا الوطن.
ساحة النقاش