رغم مرور 45 عاما على ذكرى انتصارات أكتوبر العظيمة ما زالت معظم المواد الإعلامية والدرامية لا تعنى بإبراز الأدوار البطولية التى قامت بها المرأة قبيل وأثناء المعركة، لذا حرصنا على أن تكون هذه الأدوار محور اهتمامنا خلال احتفالنا بهذه الذكرى....
تحملت المرأة الكثير أثناء فترة حرب أكتوبر وما قبلها فهى التى قدمت الابن والزوج للدفاع عن الوطن، وهى التى هُجرت من وطنها بسبب الاحتال، وخال سنوات الحصار التى شهدتها مدن القناة كانت مثابرة، بل غرست الصبر والتحمل فى نفوس أبنائها لتخلق جيا جديدا قادرا على العطاء ومواجهة التحديات.
فدائيات
لم يقتصر دور المرأة على التضحية بأعزائها فى الحرب بل شاركت فى المقاومة الشعبية، حيث كانت تعمل الست فاطوم - التى قدمت عشر دجاجات كانت تملكها طعاما لرجال المقاومة –رغم القصف الشديد على نقل الذخيرة وتضميد جراح المصابين، ورغم أن ما قامت به فلاحة فايد من مهمة استطلاعية لمكان تمركز آليات العدو ومجنزراته ليس بغريب على المصرية لكن العجيب أن تعرض للخطر حياة ابنتها التى حملتها على كتفيها تمويها للعدو ما يؤكد مدى تضحية المرأة فى زودها عن وطنها.
الجبهة الداخلية
شاركت المرأة فى الحرب من خال مقار التنظيم النسائى والجمعيات النسائية الأهلية لخدمة أسر الشهداء والجرحى، وبث الحمات الإعلامية للتطوع فى التمريض والتبرع بالدم وتدعيم الجبهة الداخلية، وعلى المستوى الأدبى كونت «لجنة صديقات القلم » لترجمة كل ما يكتب عن القضية المصرية وإرساله لمختلف الاتحادات والمنظمات النسائية فى العالم لإعام المرأة العالمية بحقيقة ما يدور فى الشرق الأوسط، كما توجهت السيدة جيهان السادات مع آلاف السيدات للخدمة العامة تعبيرا عن عرفان وطن بأكمله لأبطاله حيث بعث مؤتمر الجامعة العربية آنذاك ببرقية تأييد للرئيس السادات أكد فيها أن نساء أفريقيا والعرب يجددن العهد أمام الله والوطن أن يجندن الجهود والطاقات من أجل خدمة المعركة والمبادىء التي تكافح الشعوب العربية والأفريقية لإقرارها، ودفع أى عدوان يقع عليها.
متبرعات بالدم
على الرغم من معاناة المرأة من تدنى الأوضاع سواء صحيا أو اجتماعيا أو ثقافيا أثناء الإعداد للحرب إلا أنها كانت على أتم استعداد لتقديم كل ما تملك لوطنها، فعملت بمستشفيات الهال الأحمر، وساندت المصابن وضمدت جراحهم، حيث ذكر أحد سجلات التنظيمات النسائية 13 ألف سيدة تم تدريبهن أثناء حرب أكتوبر على أعمال الإسعاف
والتمريض، إلى جانب تدريب خمسة آلاف أخريات للانضمام إلى ستة آلاف ممرضة مدربة فى طابور الانتظار لتقديم المساعدات الطبية فى المستشفيات، كما امتلأت معامل التبرع بالدم بالنساء حيث ذكرت السجلات تبرع أكثر من تسعة آلاف سيدة بالدم للمصابين حتى امتلأت المعامل بأكياس الدم ولم يعد بإمكانها استقبال متبرعين جدد، بجانب من يقمن بالحياكة وأعمال الديكور فى خدمة المستشفيات.
.. وبالمال
عندما بدأت لجان جمع تبرعات المجهود الحربى سارعت الأسر إلى التبرع بكل مخزونها من الأرز والقمح والذرة، وشُهدت سيدة عجوز تتبرع «بحلة نحاس »، وطفلة تتبرع بحلق ذهب فى أذنيها، وأطفال يتبرعون بما تضمه «الحصالة » من قروش قليلة، وعلى مستوى المواقع القيادية قامت زوجات المسئولين والوزراء والضباط بجمع التبرعات وشراء ملابس وبطاطين وكافة احتياجات الأسرة وتوزيعها على الأسر التى فقدت العائل بالاستشهاد فى الحرب أو الإصابة، كما تكونت لجنة نسائية بنقابة المهن التجارية من 60 ألف عضوة للمساعدة بشتى الطرق فى الحرب من خال جمع التبرعات وتبنى ورعاية أسر الجنود والشهداء ماديا واجتماعيا.
وقد كان التبرع بالأجر أحد أبرز أساليب المصرية فى دعم جيشها وقيادتها السياسية، حيث ضربت كوكب الشرق أم كلثوم مثالا رائعا فى هذا المجال فقد استحثت الشعراء لكتابة قصائد وطنية حماسية للشد من عزيمة الجنود، إلى جانب تخصيص إرادات حفلاتها التى جابت بها العديد من الدول إلى المجهود الحربى.
راعيات برتبة لواءات
"إن باطن الأرض خير لنا من ظهرها إذا تخلينا عن مصر أو فرطنا فى سيناء.." كلمات رددتها السيناويات حينما وقفن بجانب الرجل للدفاع عن "تدويل" سيناء بالمؤتمر الذى أقيم بالحسنة ليستكملن مسيرتهن التى بدأنها منذ حرب الاستنزفات، وخلال فترة ما بعد نكسة 1967 خلال حرب أكتوبر التى كان لهن دور فعال فى المقاومة حيث قمن بتهريب الفدائين وعلاجهم ومساعدتهم فى الوصول إلى الأراضى المصرية عبر طرق لم يعرفها العدو، إلى جانب تنفيذ العديد من العمليات المهمة كتشكيل مجموعات تقوم برصد تحركات العدو وحصر آلياته للقيام بمهام قتالية، لتكون السيناويات عن وأذن الوطن فى ذلك الوقت.
ساحة النقاش