كتبت: سمر عيد
وقفت أمام الصراف الذي بدأ يعد لها النقود ، وشعرت أنها أخيرا سوف تجني ثمرة تعبها وسهرها الليالي في المذاكرة وسوف تستطيع رد جزء من جميل أبويها عليها،إنه راتب ليس بالكبير ولكنه قد ينفعها ويحقق لها استقلاليتها ، ومع هذا كان السؤال هل يساوي هذا المبلغ تضحيتها بحبيبها الذي خيرها ما بين العمل أو الزواج منه لتختار العمل على الرغم من حبها الشديد لذلك الشاب
كثير من الفتيات يقفن هذا الموقف في عصرنا الحالي ، على عكس الماضي فكانت الفتاة عندما تخير ما بين التعليم أو العمل والزواج ،فإنها تختار الزواج مباشرة ودون تفكير، أما حاليا فالكثيرات يخترن العمل وبشجاعة ويفضلنه على الزواج والاستقرار الأسري .. ترى ما سر ذلك؟!
التقينا بطاهرة زينهم -تعمل في مستشفى المنيرة بشئون العاملين- والتي حدثتنا قائلة: فكرت بعقلية جدتي وأمي واخترت الزواج وفضلته على العمل في بداية حياتي ، ولكن الحياة قد أثبتت لي أن العمل شيء مهم ، حيث احتجت لمزيد من المال أنا وزوجي لتستمر حياتنا فنزلت إلى العمل لأشاركه متطلبات البيت التي لا تنتهي .
الحياة مش مضمونة
وتقول ياسمين مجدي -خريجة معهد تمريض-: لقد أنهيت دراستي في المعهد لأقرر الزواج مباشرة فور انتهائي لها ، ولكني كنت مخطئة ، فقد توفى زوجي بعد زواجي منه ببضعة أشهر وفكرت وقتها لو أنني بحثت عن عمل فور تخرجي لكان أفضل لي.
الشغل يجيب العريس
وتضيف هند علي -موظفة بأحد المستشفيات: أن العمل أفضل للفتاة في بداية حياتها لأنها تخرج وتتعرف على أناس وتميز الرديء من الجيد ، فقد تعرفت على زوجي في العمل وتستطرد قائلة: إن خروج الفتاة وممارستها للحياة العملية يتيح لها أن تلتقي بشريك العمر،كما يحقق لها الاستقلال المادي حتى لا تكون عبئا على الأسرة في نفقاتها ، فيسرعون لتزويجها بأول شخص يدق الباب، أما الفتاة التي تضع يدها على خدها وتنتظر العريس وهي في بيتها فهو لن يأتي ، لأن المجتمع لم يعد كالسابق يتواصل فيه الجيران ويتعارفون ومن ثم يقيمون صداقات مع بعضهم البعض ، وإنما أصبحت كل أسرة تغلق عليها بابها ، فكيف لأي شاب أن يعرف أن هذا البيت به فتايات يصلحن للزواج؟!
لذا يجب أن تخرج الفتاة للحياة العملية ، فتقيم علاقات وصداقات بزميلاتها وزملائها ومن هنا يأتي العريس.
نسيت أني امرأة
وترى سميرة -طبيبة أطفال- أن الفتاة يجب أن تفكر في الزواج أولا وقبل كل شيء، وتقول: لقد كان حلم أمي وأبي أن أصبح طبيبة فمنذ نعومة أظافري وهما يلقبانني بالدكتورة ،وكانا يشتريان لي السماعة اللعبة كي يرسخان في حب مهنة الطب منذ الطفولة ، وكنت فتاة مجتهدة في دروسي فدائما من الأوائل حتى حصلت على مجموع كبير في الثانوية العامة يؤهلني للالتحاق بكلية الطب ، ووقتها تقدم لي عدد من العرسان رفضتهم جميعا لأحقق حلم أمي وأبي ، وبدأت أدرس في كلية الطب ،وعام تلو العام أنهيت دراستي الجامعية ، ثم تقدم لي بعض الزملاء للزواج مني فرفضتهم أيضا لأنني كنت أريد أن أحصل على لقب أستاذة دكتورة ، فحضرت الماجستير والدكتوراه ثم عينت أستاذة مساعدة ثم أستاذة ، ولم أفق من غيبوبة الترقي والحصول على الدرجات العلمية إلا وأنا ذات ال37عاما وقد فاتني قطار الزواج وكل زميلاتي وصديقاتي وقريباتي قد تزوجن إلا أنا تزوجت الطب.
ليتني جاهلة
وتقول فاطمة : نحن شقيقتان توأم واحدة بقيت مع أبيها في الأرياف، والأخرى رحلت مع أمها إلي القاهرة ، وذلك إثر انفصال والدينا ، وقد تزوجت أمي أستاذا في اللغة الانجليزية، وأنا الثانية، أما أختي التوأم خديجة والتي بقيت مع والدي في الأرياف فلم تكمل دراستها الإعدادية حيث تزوجت وهي في الرابعة عشر وأنجبت أربعة أطفال، أما أنا فعنا بي زوج أمي الذي لم ينجب أطفالا منها واعتبرني ابنته ،فزوج أمي رجل مثقف عرفني على تشارلز ديكنز وسيمون بوليفار وجاك جاك روسو، وغيرهم الكثير، فنشأت أتحدث عن هؤلاء ونمت ثقافتي إلى أبعد الحدود ، ودخلت كلية الألسن قسم لغة ألمانية وأصبحت أجيد الانجليزية والفرنسية والألمانية ، وأعمل في وظيفة مرموقة ، وكلما أرسل لي أقاربي عريسا من البلد لا يمكث معي ساعة يتحدث فيها إلا ويفر هاربا لشعوره بالجهل وعدم استطاعته مجاراتي في الحديث ، وها أنا ذا في الأربعين من عمري ولم أتزوج ، لقد فزت بثقافتي وعقلي ، وفازت أختي زوجها وأولادها وكم تحسدني أختي على ثقافتي وأحسدها أنا على جهلها.
أما جيهان محمود -طالبة بمعهد الهندسة- فتقول: بعد انتشار التكنولوجيا والانترنت أصبح هناك وعي لدى معظم الفتايات ، فصرن يعرفن كل شيء ، وأكثر ما يثير خوفهن هو الطلاق ، وأنا شخصيا سوف أفضل العمل على الزواج لأنني إن اعتمدت على رجل قد أختلف معه في يوم من الأيام وإن حدث الطلاق فلن أجد قوت يومي ، أما عملي فهو ضمان لي في المستقبل ، والمرأة التي لا تعمل تعيش تحت رحمة زوجها فإن كان راضيا عنها اشترى لها ما تريد ، وإن غضب عليها لا تجد مليما في جيبها ، ومع ارتفاع معدل حالات الطلاق حيث تحصل حالة طلاق كل دقيقة تقريبا في مصر أصبحت الفتيات والنساء يخشين على أنفسهن من الضياع والتشرد لذا يسعين بكل طاقتهن للبحث عن وظيفة ويتجلى ذلك واضحا في مراكز تعليم الكومبيوتر واللغات التي أصبحت الفتيات يقبلن عليها أكثر من الرجال، وهذا يفسر ما يحدث في مجتمعاتنا العربية كلها وليس في مصر فقط ،وقد انتشر بالسعودية الآن مثل تردده الفتيات يؤكد أنهن يبحثن عن العمل والمال لا الزواج ، يقول المثل (الريال ولا الرجال).
احذري هذا الفخ
وتحذر د. نورا رشدي الفتيات من الوقوع في هذا الفخ قائلة: أحذر جميع الفتيات من الوقوع في فخ إثبات الذات والكيان والاستقلال المادي وكل هذه العبارات التي أصبحت تتردد على شفاه بناتنا، فنجد أن الفتاة الآن باتت تصب كل اهتمامها في البحث عن عمل ووظيفة وإذا وجدتها فإنها لا تتزوج خاصة إذا كان دخلها المادي كبيرا حيث تتهم كل عريس بالطمع في راتبها، وترفض الكثير من الفتيات التضحية بالعمل من أجل إقامة أسرة وبيت، فإن كان العريس ثريا وخيرها بين العمل والزواج فإنها تختار العمل نظرا لازدياد نسبة الطلاق في المجتمع ، حيث أصبحت الفتاة لا تأمن على نفسها مع رجل بينما تأمنها في العمل ، وأنصح كل الفتيات أن يفكرن في الزواج مع العمل في آن واحد حتى لا يندمن على شيء وألا يحرمن أنفسهن من متعة الاستقرار الأسري من أجل راتب عال أو سيارة فكل هذه مظاهر لا تدوم، إنما الأولاد والبيت دائمان ، ولكن لابد من اختيار الرجل المناسب حتى لا نندم على اختيارنا ، فعلى العكس من هؤلاء الفتيات هناك فتيات يفرحن بالعريس ويستعجلن الزواج ويرضين بأي عريس يأتي إليهن حتى يتخلصن من لقب عانس وهنا تقع الكارثة ، فبدلا من لقب عانس تحصل بعد سنة أو سنتين من الزواج على لقب مطلقة ويصبح معها طفل أو طفلين ، ووقتها تلعن الزواج ، بينما تكون هي من أخطأت الاختيار في البداية، أما عن زواج النت فهو سبب رئيسي في ارتفاع نسبة العنوسة في مصر والعالم العربي، فالرجل مع الأسف في العالم العربي أصبح يفضل الجاهلة عن المثقفة التي تحدثه في كل شيء وتناقشه ، لذا نجد أن الأقل تعليما وفي المستوى المادي هن من يتزوجن بسرعة عن المثقفات وخريجات الجامعة ، وهناك قاعدة أصبح مسلما بها في مصر (كلما زادت قيمة الشهادة العلمية لدى الفتاة زاد عزوفها عن الزواج) لأنها تكون قد تعبت وسهرت وذاكرت من أجل الحصول على هذه الشهادة وهي تحزن إن تنازلت عنها من أجل الاحتفاظ برجل أو إنجاب طفل
ساحة النقاش