أهلك فى أجندة مواعيدك

كتبت : نجلاء ابو زيد

 

فكرت تحضن أمك بلا مناسبة ، تدعوها للخروج والتمشية على النيل ، تسألها نفسك في ايه، ترغي معاها زي ما كانت بترغي معاك وانت صغير، تسمعها دون أن ترد على موبايلك أوتنشغل بطلبات زوجتك وأولادك..

هل فكرت تدعوها على الغذاء أو تأخذها للملاهي إذا أرادت أن تجرب ؟ تتناولان معا الأيس كريم إن ودت هذا ولكنها تستحي .. من هنا ندعو كل الأبناء إلى تحديد موعد لوالديه - فى أجندته - يقدم فيه كل ما يريدانه ليستعيدوا معاً أياماً جمعتهم قبل أن يستقل ببيت وعائلة خاصة به.. لذا فهذا التحقيق لنلفت الانتباه قبل فوات الأوان ، ونستعرض معاً آراء الأمهات فى الفكرة والأبناء فى التنفيذ 

البداية مع الأمهات .. حيث علقت الحاجة نادية عبد العزيز على الفكرة قائلة : " ربنا يعين ولادنا على زمانهم ، نفسي أقعد وأحكي مع ابنى لساعات ، لكن سكنه بعيد ولا يزورني إلا كل شهر مع زوجته وأولاده ، هذا اليوم كالعيد بالنسبة لي ولكنه يمر سريعا دون أن أنفرد به ، لكننى سعيدة لأنه يحبنى وإذا مرضت يأتيني على الفور، فعمله لا يسمح له بزيارتى كثيرا ، وإذا جاء وجلسنا لنتحدث معاً سأكون أكثر سعادة بشرط ألا يعتبر هذا الأمر بديلا عن حضوره مع أسرته

وقت الأهل

- د.كاميليا شكري - مساعدة رئيس حزب الوفد - ترى أن اللمة مع الأبناء والأحفاد فى عيد الأم من الأشياء التى تسعد أي أم ، كما تتمنى أن يضع أي ابن الجلوس مع أمه فى جدول مواعيده لأن هذا سيسمح لهما بالتحدث واسترجاع ذكريات ذات خصوصية وستشعر الأم أنها لا تزال لها أهمية فى حياته وأن متابعتها ليس مجرد واجب يؤديه.

- تتفق معها د. ناريمان عبد القادر - محكمة دولية واستاذة قانون تجاري قائلة : الأولاد ينشغلون جدا بحياتهم بعد الزواج ، وأنا أقدر ذلك لأنني انشغلت بحياتي بعد زواجي ، لكني حرصت على التواصل مع أمي ، أما الآن فالأمر نادر ، لذا أتصل لأطمئن عليهم وعلى أولادهم وهم ينسون الاتصال لأيام بحجة الانشغال ، ولا يتجمعون إلا فى المناسبات ، ورغم تقديري لظروفهم لكنني أتمنى أن أجلس معهم وليعتبرونى لقاء عمل مهم

الوحدة قاتلة

السيدة عواطف عمر تقول : " بناتي يحضرن معاً لزيارتي لكنني أقضي اليوم فى المطبخ وهن يجلسن للحكي ، أفرح بهن وبالحياة التى تدب فى البيت عندما يأتين ، و أحزن عندما لا أجلس مع كل واحدة على راحتي ، ومع ذلك أعذرهم لأن أولادهم بالمدارس ، لكن الوحده تقتلنى وأتمنى أن تتذكرني كل منهن بين الحين والآخر لتجلس معي ونحكي زي زمان.

هذه مشاعر بعض الأمهات التي لا يصرحن بها للأبناء .. يقدرن مشاغلهم ولا ينكرن احتياجهن للجلوس معهم ، فقط للشعور أنهم موجودون في حياتهن ليس إلا.

وعن رأي الأبناء فى هذا الاقتراح ، وهل يشعرون بالحاجة للمزيد من الوقت مع أمهاتهم أم لا كانت السطور التالية..

- د.مروى جودة - كيميائية - تحكي : ساعدتني أمي منذ زواجي فى العناية بأولادي لأتفرغ لعملي ورسالة الدكتوراه ، وكلما أردت الذهاب لمكان أرسل لها الأولاد ، فدائما أذهب لها لقضاء شىء ما ، وفجأة شعرت أنني مقصرة معها فذهبت لها بمفردي حاملة صينية بسبوسة تحبها ، وأخبرتها ألا تخبر أحداً بهذه الزيارة لأنني تركت الأولاد فى البيت وهم يعتقدون أننى فى العمل ، وتركتها وقد لمست سعادتها ، فأصبح موعدي معها لقاء سري حتى لا يتهمنى زوجي بالتقصير فى حق أولادي .

- أيمن عبد العزيز- تاجر- يقول : تربطني بأمي علاقة قوية جدا ، لكن طبيعة عملي وسفري المتواصل يجعلاني أكتفي بالاطمئنان عليها بالهاتف ،وأرسل لها زوجتي والأولاد ، ودائما تدعو لي بالتوفيق ، ولكنني أشعر التقصير ، وفي كل يوم أنشغل بشىء جديد حتى حدث منذ أسبوع وتوفيت والدة أحد أصدقائي ، فشعرت بهزة عنيفة وعاهدت نفسي على الذهاب لها ولو ساعة كل فترة قصيرة ، فأنا لا أتخيل حياتي دون سماع صوتها والإطمئنان أنها تدعو لي

أنا وأمي والذكريات

" أعرف جيدا ما بذلته أمي من مجهود لأصل لما أنا عليه الأن ، لذا أخصص لها وقتاً كل أسبوع " .. هكذا بدأ محمود حجاج - صاحب شركة - حديثه قائلاً : " أدرك تماما أهمية أمي فى حياتي لذا أخصص لهاوقتاً تحدد فيه أين تذهب ، فمؤخراً ذهبت معها ومع أولادي لحديقة الحيوان لترى الزرافة وتحكي لأولادي ما كنت أفعله فى طفولتي ونظل نضحك حتى نعيدها لبيتها ".

أمنية حياتي

نسرين فاروق - موظفة - تقول : تعيش أمي فى محافظة أخرى ، لذا زيارتي لها قليلة ، يؤرقني الأمر بعض الشئ ، لكن ماذ أفعل فأنا مسئولة عن زوج وأولاد وهى تقدر ظروفي ودائما تدعو لى ، وأزورها كلما جاء عيد الأم وخلال زيارتي لها أعاهدها أنني سابدأ نظاماً جديداً ، وسأزورها كل أسبوع لكنني لا أجد وقتاً ، وإذا مرضت أتقدم بطلب أجازة وأبقى بجوارها لأنني ابنتها الوحيدة ، وأشقائي الذكورلا يتمكنون من رعايتها فى المرض كما يجب ، لكني أود زيارتها والحكي معاها قبل فوات الآوان وسأبدأ من هذا الأسبوع " .

قلب الأم

وإذا كان الجميع يشعر بالتقصير فلماذا نتأخر عن إدراج أمهاتنا في أولى أولوياتن؟

عن هذا تحدثت د.مديحة الصفتى - أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية قائلة : ارتباط الأبناء بأمهم وحبهم لها شىء طبيعي ، لكن هذا الارتباط تتغير أشكاله بمرور الوقت ، وكلما زادت استقلالية الأبناء قل ارتباطهم بأمهاتهم ، لتصبح بالنسبة لهم مصدر الحنان والدعوات والقلب الذى يعطى ، ويعتادون أنها تسامح وتقدر ظروفهم ، وعادة تفعل الأم هذا ، فلا تخبرهم باحتياجها خاصة بعد رحيل الأب لتواجدهم المنتظم معها ، لكنها قد تجلس تبكي لساعات على البيت الذى كان مليئاً بالحركة ثم أصبح ساكناً، و تظل فى انتظار هاتف يرن اوجرس باب يدق معلنا تذكر أحد الأبناء الذين أفنت عليهم عمرها لاحتياجها لمن يجلس ويأكل معها ، وهذا لا يعني أن الأبناء يعانون العقوق ، فالغالبية العظمى منهم يشعرون بالتقصيرولكن لا يحولون هذا الشعور لسلوك إيجابي ، وهنا تكمن المشكلة ، فيجب أن ننتبه إلى احتياج أمهاتنا لنا ليس فقط عندما تمرض لكن وهى بكامل صحتها ويجب ألا يعقد الأشقاء مقارنات بين بعضهم البعض، وليحاول كل ابن التواصل مع أمه دون مقارنة بغيره قبل فوات الآوان

- ويتفق د. عادل المدني - استاذ الطب النفسي مع ما سبق قائلاً : الحالة الصحية للأم شديدة الارتباط بحالتها النفسية ، فكلما كان هناك اهتمام وتواصل بينها وبين أبنائها كانت أفضل ، والابن الشرقي عادة بار بأمه لكنه قد ينشغل لبعض الوقت وعندما تمرض يظهر عليه الخوف والقلق الشديد عليها ، وهذا ما قد يدفع بعض كبار السن سواء بوعى أو لا وعي لكثرة الإحساس بالمرض ، لأنهم يحظون بعناية فائقة ويرون أبناءهم المنشغلين عنهم ، لذا فمن الأفضل للأبناء أن يواظبوا على رؤية والديهما لأن ذلك يدعمهما نفسياً ، فإحساس الشخص أنه غير مقصر فى حق والديه يجعله واثقاً من نفسه ، ناجحاً فى عمله.

وصية الإسلام

- أما عن حكم الدين فى الاهتمام بالأهل فتحدثنا عنه د. آمنة نصير - أستاذة الفقه الإسلامي قائلة : كل الأديان السماوية تدعو لبر الوالدين وتخص الأم بالاهتمام ،لما عانته مع أبنائها منذ الحمل ، ومن هذا قوله تعالى " ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن " .. والبعض قد يعتقد أن الإنفاق المادي هو كل الرعاية ، وهذا خطأ لأن الأم تحتاج الاهتمام والرعاية وصحبة الأبناء ، ونذكر هنا الصحابي الذي جاء لرسول الله ليبايعه على الجهاد ، وسأله الرسول هل لا يزال أحد والديه على قيد الحياة، فلما أخبره أن كلاهما حي ، قال له رسول الله : أتبغي الأجر من الله فارجع لهما وأحسن صحبتهما .

إن عيد الأم من المناسبات شديدة الأهمية لانها تذكر من ينسى ، لكن يجب ألا يقتصر الأمر على شراء الهدية للأم ، فيجب أن يهتم الابن أوالابنة بوضعهما فى قائمة أولوياته حتى يعطى ابنه الدرس لكيفية بر الوالدين ، كما يجب أن يتبنى الإعلام فكرة التواصل بين الابناء وأسرهم والعودة لحضن الأم  

 

المصدر: مجله حواء- نجلاء ابو زيد

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,459,404

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز