بابا سر نجاحي

كتبت : سماح موسى

أبي خبراً كان من جنةٍ ..... ومعنى من الأرحب الأرحب..

وعينا أبي.. ملجأٌ للنجوم ...... فهل يذكر الشرق عيني أبي؟

أبي يا أبي .. إن تاريخ طيبٍ ...... وراءك يمشي، فلا تعتب..

على اسمك نمضي، فمن طيبٍ ...... شهي المجاني، إلى أطيب

حملتك في صحو عيني.. حتى ...... تهيأ للناس أني أبي..

أشيلك حتى بنبرة صوتي ...... فكيف ذهبت.. ولا زلت بي؟

كانت هذه هي بعض أبيات من شعر نزار قباني كتبها عن الأب فماذا يقول الآخرون عن أبائهم ؟

في البداية نذكر ما قاله الحكماء من حكم عن الآباء حيث قال جان جاك روسو : " إن من لا يستطيع أن يقوم بواجب الأبوة لا يحق له أن يتزوج وينجب أبناء " ، و" أب واحد خير من عشرة ملايين "

وقال ريشيلو: " لا يغفو قلب الأب إلا أن تغفو جميع القلوب "

أما سوفوكليس فقال: " ليس هناك فرح أعظم من فرح الابن

بمجد أبيه ولا أعظم من فرح الأب بنجاح ابنه"

وحول دور الأب في بناء الشخصية تحدثنا مع بعض الشخصيات العامة ، حيث تقول د.فوزية عبد الستار-رئيسة لجنة الدستورية التشريعية بمجلس الشعب سابقا ، ووكيلة كلية الحقوق سابقا وأستاذة القانون الجنائي بجامعة القاهرة - إن والدي كان نموذجا لرجل الأخلاق والقيم ، فكان شديد العناية بي عن باقي أخواتي ، حريصاً على الاهتمام باللغة العربية

وتضيف د.فوزية .. كان حريصاً على أن يتعامل مع الجميع معاملة واحدة دون نظر إلى انتمائه الديني ، تعلمت منه كيفية ترتيب الأفكار والعرض السليم ، وكيفية القدرة على الاقناع بالفكرة والحرص على آداء العمل دون تأجيل أو تهاون ..

- أما د. حمدي عبد العظيم - رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية سابقا ، وأستاذ الاقتصاد- يقول : علمني والدي المواظبة على الصلاة في أوقاتها والالتزام بالمواعيد واحترامها ويقظة الضمير

احترام البسطاء

- " كان كل حياتي ، فهو لم يكن سبب وجودي في حياتي فقط ، بل سبب كل ما هو جميل بداخلي" هذا ما بدأت به د.جورجيت قليني -عضوة مجلس الشعب سابقا- وتكمل حديثها فتضيف..علمني والدي كيفية التعامل الحسن مع البسطاء باحترام وحب بدون أي إساءة لأحد ، فكان دائم القول : " الكلمة الطيبة صدقة " ، كما أنه وضع دستوراً لحياتنا و ترك لنا رصيداً كبيراً من الستر والأمان ، فهذا الرصيد أغلى من أموال الدنيا ، ورغم أنه تركني وتوفى عندما بلغت الرابعة عشرة من عمري إلا أن ماعلمه لي لايزال راسخاً في ذهني ، كم اشتقت لك يا أعظم أب في الوجود .

- أما الإعلامية المعروفة درية شرف الدين تقول : استفدت من والدي كثيرا جدا ، حيث علمني كيفية تحمل المسئولية والرعاية لمن يحتاج رعايتي والتوجيه الصائب ، عرفت منه معني الرجولة ، فبدونه ووالدتي لا أشعر بمعني الحياة.

- ويقول د.محمد شعلان - أستاذ الأورام بالمعهد القومي للأورام جامعة القاهرة - : " ساهم والدي في تشكيلي إنسانيا وعمليا ، حيث بث بداخلي احترام قيمة العمل وإتقانه ، والرضا والتسليم بقضاء الله وإرادته ، والتدين ومراعاة الله في كل خطوة أخطوها ، وعدم الاهتمام بالمظاهر، فكان دائماً يقول : " لا تسع للمناصب فإذا أحسنت عملك وتوكلت علي الله سعت خلفك المناصب " .

جمد قلبك

- "خير صديق وأخ عزيز" هذا ما بدأ به د.وائل الكميلي - خبير التنمية البشرية - قائلا : " وضع يدي علي كنز كبير من القيم والأخلاق الحميدة ، حيث تعلمت منه كيفية الاعتماد على النفس ، وكيفية إدلاء الرأي دون خوف وانحياز لأحد ، جمد قلبي وجرأني علي الحياة ، كما علمني كيفية التواصل في البداية مع الأسرة ، ثم مع الأهل والجيران وبعد ذلك في عملي مع باقي أفراد المجتمع .

ويضيف د. وائل .. لم أشعر بالجهد الذي بذله ولا يزال يبذله إلا إذا مرض أحد من أبنائي فأقوم باسترجاع زكريات الطفولة مع والدي .

- أما الكاتبة نادية رشاد تقول علمني والدي أن قراءة القران الكريم في البيت شئ شديد الاهمية كما علمني اللغة العربية فعلي يده اتقنتها فكان مثال للأب الحنون طيب القلب ولكنه في نفس الوقت حازم جدا والشدة.

القدوة

- وتقول الفنانة رانيا فريد شوقي : أحمد الله علي أنه جعلني ابنة هذا الرجل العظيم ، ذو القلب الحنون الذي عشقه أهل بيته وجمهوره وتلاميذه ، وأحب بلده فلم يبخل سواء بماله أو بأعماله على الفن ، فكان مؤمناً بأن الفن رسالة ، وكان يلتزم لآداء هذه الرسالة ، يعشق عمله وكان الأب الروحي لتلاميذه.

وتضيف النجمة رانيا شوقي .. تعلمت منه الرضا والاقتناع بما رزقني به الله وعدم النظر إلى ما في يد الغير.

وتوجه رانيا لوالدها رسالة تقول له فيها : " وحشتني جدا منذ أن افتقدتك وحياتي بدون طعم ..أشكرك على كل ما فعلته من أجلي "

- أما نجمة الكوميديا نشوى مصطفى فتقول عن والدها : " كان سندي وداعمي الأساسي ، فكانت نظرة عينه وحنان قلبه تنسيني أي هم أحمله على كتفي .. الفضل كله له في حياتي وعملي ، علمني كيف أكون رجلاً في تحمل المواقف ، وأن آخذ حقي ، رباني تربية صعيدية فكان يعاملني على أنني ولد ، كي يشد من أزري ، كما علمني كيف أعتمد على نفسي وأفخر بما أفعله .

- أما الفنانة منال سلامة تقول : والدي المخرج المسرحي حسن سلامة رباني على احترام الذات والآخرين

وتضيف منال ..لم يفرق بين الولد والبنت في معاملته لنا مع العلم بأنه كان أباً لبنتين وولدين ، كان دائما يحدثني بصفة الإنسان

معيار النجاح

بعد أن ذكر الأبناء فضل آبائهم عليهم تحدثنا د.عزة صيام - وكيلة كلية الآداب جامعة بنها وأستاذة علم الاجتماع بها - قائلة : الأب عماد الأسرة وتأثيره على الأبناء واضحا ، فهو القدوة والمثل الأعلى لهم، فالأبناء عادة ما يكتسبون خصائصهم السلوكية من آبائهم ، والعكس فإن صلح الأب صلح الأبناء ، وإن فسد ، فسد الأبناء ، فالأب معيار النجاح بالنسبة لأبنائه فلا يشترط أن يكون الأب تعليمه عالياً ويرقي مكانة عالية في المجتمع ، فمن الممكن أن يكون بداخله المعاني الجميلة التي منها الصدق والشفافية والشجاعة والإخلاص ، ويكون قدوة حسنة لأبنائه ، ويعمل على ترقيهم مناصب كبيرة ، فوراء كل رجل وسيدة عظيمة أب عظيم وتضيف د.عزة .. لابد أن ننصح الأبناء باحترام آبائهم وتقديرهم لما بذلوه من جهد نفسي وعصبي حتي يرتقوا ، مع الاقتراب منهم وسماع كلامهم وتوجيهاتهم ، والتأكيد بأن تلك التوجيهات صحيحة.

كما تنصح د.عزة الآباء بالاقتراب من أبنائهم وإحساسهم بالدفئ العاطفي ، ومراعاة الوسطية في التربية ، أي لا يقوم الآباء بالتدليل المفرط لأبنائهم ولايستخدمون الشدة في المعاملة ، ولابد من مراقبتهم دون أن يشعروا حتي يتم التدخل في الوقت المناسب ومنحهم الثقة والحرية المحدودة ، وحتي لايشعرون بالتقييد والضيق من تلك المعاملة .

- وعن الحديث عن والدي بصفة شخصية : فوالدي كان من رجال التربية والتعليم ، كان دائما يشجعني و يترقب نجاحاتي ، كما كان مهتماً بأي تنمية تحدث بداخلي أو قفزات عقلية وقدرات إبداعية ، وكان دائما يأمل لي مستقبلاً باهراً ومكانة رفيعة عن بقية أخواتي ، فكان يشعر بأن لدي عقلاً وقدرة قد يهيأونني كي أصبح شئاً.

وتضيف د.عزة .. أن أهم ما ورثته عنه حب الناس ، فكان اجتماعياً جدا يحب الاختلاط مع الناس ، ويعرف مشاكلهم ويحاول حلها ، فكان مثلي الأعلي في كل شئ ، احتواء الابنة ، ودفعها للأمام ، كان سعيداً بنجاحي وتفوقي أكثر من سعادتي بنفسي