تحديات الألفية وآليات التنفيذ

 

منذ زمن بعيد، وبالتحديد عام 1872م أصدر العلامة (رفاعة رافع الطهطاوي) الملقب بمحرر المرأة كتابا أنيقا بعنوان 

 

( المرشد الأمين للبنات والبنين ) طرح فيه قضية تعليم الفتاة، وتمضى القرون وتتبنى الأمم المتحدة فى اجتماع الألفية

 

عام 2000م مجموعة من الأهداف الإنمائية فى مقدمتها تعليم الفتيات، مطالبه الدول الأعضاء بتنفيذها قبل نهاية 2015م

 

إذن مصر كانت سباقة فى إطلاق هذا الهدف وعملت على تحققه بكل السبل رغم العادات والتقاليد التى كانت تقف عائقا أمام

 

تعليم الإناث، وبنظرة إلى تطور تعليم الإناث فى مصر نجد أن أول مدرسة حكومية أُنشأت هى مدرسة ( السيوفية ) عام 

 

1873م استجابة من زوجة الخديو إسماعيل "شهرت فزا هانم" لدعوة رفاعة الطهطاوي، وصل عدد طالباتها بعد 6أشهر 

 

من إنشائها إلى 286 طالبة، وعلى درب الأم، سارت الابنة "فاطمة إسماعيل" و التى تبرعت بأرض تمتلكها، ووهبت 

 

مجوهراتها الثمينة لإقامة أول جامعة أهلية عام 1928م تعرف الآن بجامعة القاهرة - وهى من أعرق الجامعات بالوطن العربي -

 

والتى شهدت توافد الطالبات على كلياتها ومدرجاتها فى مشهد من بواكير عصر النهضة النسائية، لتعم فكرة تعليم البنات المدن

 

والقرى المصرية، وسجلتها أفلام سينمائية راقبة مثل الأفوكاتو مديحة، والأستاذة فاطمة، جميعها تبرهن على حق الفتاة فى 

 

التعليم على قدم المساواة مثلها مثل الرجل، لتستمر المسيرة وتقر دساتير مصر جميعا هذا الحق، وتنطلق الفتاة المصرية باحثة،

 

عالمة، أديبة، قاضية،سفيرة ووزيرة ومجالات كثيرة يصعب سردها، ورغم التحديات والظروف الانتقالية للوطن فى بعض 

 

الأوقات وآخرها ما حدث فى العامين 2011،2012م إلا أن ثورة 30يونية أعادت للمرأة حقها الضائع فى دستور 2012م وأقرت

 

صراحة فى دستور 2013م على حقها فى التعليم، إضافة الى ذلك التزام الدولة المصرية بالاتفاقات الدولية، من منطلق إيمانها

 

بأن تعزيز تعليم الفتيات يؤدى إلى ارتفاع أُجور النساء الذي يقود إلى نمو اقتصادى يحد من فقر العائلات، إلا أنه مازال فى

 

ريف وصعيد مصر بقايا لعادات وتقاليد بالية ونظرة دونية للمرأة تشوش على العقول نتيجة للأمية التى تصل إلى حوالي  50% 

 

هذه العقول لا ترى نفعا فى تعليم الفتيات وترى أن دورها لا يتعدي كونها زوجة وأم، تابعة للرجل، لا حقوق لها، يساندها بعض 

 

 التفسيرات الدينية التى تتعامل بسطحية مع قضية تعليم وعمل المرأة، وهذه واحدة من التحديات التى تحاول الحكومة المصرية

 

علاجها بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة والمجتمع المدنى لاختراق هذا  الحصار المفروض حول المرأة بسياج من حديد عن 

 

طريق الرائدات الريفيات، ومدارس الفصل الواحد والمدارس الصديقة للبئية، وكلها مشروعات تحاول كسر الحظر المفروض على

 

النساء، ولعل أيضاً إطلاق المشروعات التنموية التى تتكسب منها الفتيات تعد خطوة أساسية وأولية للدفع بهن إلى دوائر التعليم

 

بكل مستوياتها عندها سيكون التعليم مربحا وجاذبا للفتيات. 

 

ولا يفوتنى هنا إلا أن اُشير،أنه رغم الظروف الاقتصادية القاسية التى تمر بها مصر، إلا أن معدل التعليم الأساسي للإناث 

 

ارتفع إلى 43% وهو مؤشر يدلل على الاهتمام بالمرأة التى تشكل حالة سياسية وثورية بامتياز. 

 

وأعود إلى حيث بدأت مقالي، لماذا الحديث عن التجربة المصرية فى التعليم الآن، والإجابة ببساطة أن لجنة وضع المرأة بالأمم

 

المتحدة اختارت عنوانا عريضا لاجتماعها هذا العام هو (التحديات والإنجازات التى تحققت فى تنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية

 

للنساء والفتيات) والتعليم الأساسي للفتيات يحتل المرتبة الثانية فى أهداف الألفية، ومخصص له كثير من الحلقات النقاشية

 

للتعرف على تجربة كل دولة، وهذه المقالة جزء من كلمتى التى ألقيتها بالمؤتمر، ويبقي أن أقول أننى طالبت من القائمين

 

على الاجتماع العمل على مساندة بلادي والبلاد التى بحاجة إلى دعم لإتاحة فرص التعليم للمرأة لإحداث تمكين سياسي، اقتصادي واجتماعى من أجل تنفيذ سياسات العدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر نظرا لتأثيرها على صحة النساء وفرص تعليمهن وعملهن.

 

 

المصدر: ماجدة محمود_مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,367,541

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز