كثيرا ما يحب الإنسان أن يبدأ صفحة جديدة في حياته، ودائما ما يقر أن هذه البداية بموعد مع الأقدار كتحسن في حالته أو تحول في مكانته، وقد يقرنها بموسم معين أو بمناسبة خاصة، وبداية عام جديد هو من أفضل الأوقات لكي يبدأ الإنسان فيه بداية جديدة ويعيد ترتيب حياته ويتفحص جوانبها ليقف على أوجه القصور التي وقع فيها ويتداركها في عامه الجديد.

فما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والآخر وأن يقف عليها ناقدا ليتعرف على عيوبها وآفاتها لكي يرسم سياساته الجديدة بعناية وإتقان، فحياة الإنسان مثل بيته تماما فالبيت يحتاج بين الحين والآخر إلى إعادة ترتيبه وتنظيمه لكي يظهر في أجمل صوره من أجل أن يشعر بالراحة النفسية والسكينة والطمأنينة، ولكن دائما ما ينسى الإنسان حاجته لهذا التنظيم والتجديد في حياته وتكون النتيجة حالة من التوتر والضيق والاكتئاب والتي للأسف تؤدي إلى أمراض عدة بالجسد وأخرى تصيب حياته الاجتماعية بالفشل والانهيار.

ولو كل منا طرح على نفسه سؤالا واحدا وبحث عن إجابة صادقة له لشعر براحة وسكينة، ألا وهو هل تستحق نفسي مغبة ومشقة وجهد إعادة الترتيب والتنظيم بين الحين والآخر؟!

أعتقد أن الإجابة المنطقية والتي لا بديل لها هي نعم.. فالنفس البشرية تستحق منا كل هذا العناء من أجل الحفاظ عليها وصيانتها من عوامل الحياة التي تؤثر عليها سلبا، ليس هذا فحسب بل أن هذا الجهد المبذول يصبح مثل الوقود الذي تحتاجه النفس من أجل دوران عجلة الحياة بكل طاقتها.

وبداية عام جديد هو من أفضل الأوقات للقيام بهذا العمل من أجل أن يكون عام جديد بكل ما تحتويه الكلمة، عام خالي من آلام النفس وأوجاع الجسد، فليس غريبا أن تثبت الإحصائيات أن القلق هو القاتل الأول في دول كثيرة وعلى رأسها أمريكا، وأن أمراض القلب التي تنتج من القلق وتوتر الأعصاب تشكل النسبة الأكبر بين هؤلاء، والدليل على ذلك أن قليلا ما يمرض الزنوج في أمريكا أو الصينيون بأمراض القلب، فهؤلاء أقوام يعيشون حياة سهلة لينة بلا تعقيدات خالية من التوتر والقلق، والغريب أيضا أن العلماء اكتشفوا أن عدد الأطباء الذين يموتون بالسكتة القلبية يزيد عشرين ضعفا على عدد الفلاحين الذين يموتون بنفس المرض، والسبب واضح وضوح الشمس فالأطباء يحيون حياة متوترة ويدفعون الثمن غاليا، وليس غريبا أيضا أن يكتشف العلماء أن الحزن والاكتئاب من الأسباب الرئيسية المسببة لمرض السرطان.

والإنسان الفطن هو من يتقبل تقلبات الحياة دون ضيق أو ضجر وبنفس راضية بقضاء الله وقدره، يتقبل الحياة بحلوها ومرها وأن يحتسب عند الخالق أجره في أي شيء يتعرض له من هم أو حزن أو مرض، وأن يجعل الصبر رفيقا له من أجل أن يفوز بحياة آمنة مستقرة.

المصدر: بقلم : نبيلة حافظ
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 472 مشاهدة
نشرت فى 17 يناير 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,819,165

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز