حكيت لك الأسبوع الماضى طرفا من حكاية قارئتى السيدة رحمة عبد الجواد 66 سنة, وهى ربة بيت وأم لثلاث بنات تخرجن فى كليات القمة كما يطلق عليها وهى زوجة موظف كبير بالدولة, وحكت لى أن أختها التى تكبرها بعدة سنوات وتزوجت قبلها بسنوات عديدة أنجبت ولدين لم يفلحا فى إتمام دراستهما الجامعية بل إن الصغير لم يدخل الجامعة أساسا أما الكبير قد عمل مع تجار الملابس الجاهزة المهربة وشرب سر المهنة وعرف الدروب التى مشى عليها سابقوه فى التجارة حتى اشترى بماله الخاص محلا كبيرا للملابس فى شارع متفرع من ميدان الساعة بطنطا وصار وهو فى عمر الشباب ثريا, ولم تنكر خالته أنه لطيف ودبلوماسى فى الكلام ويستطيع أن يجذب إليه محدثوه ومن هنا كان نجاحه فى التجارة وحب الناس له, وتخرجت الابنة الكبرى للسيدة رحمة والتحقت بالعمل بوزارة العدل وتقدم لها الكثير من العرسان فرفضتهم جميعا ثم فاجأت أهلها مفاجأة أذهلتهم جميعا ولم يكونوا يتوقعونها إطلاقا!
***
واستطردت السيدة رحمة.. قالت ابنتى الكبيرة خريجة الاقتصاد والعلوم السياسية والتى كانت تقول إنها سوف تصبح سفيرة بعد أن تتقدم لامتحان وزارة الخارجية: سوف أتزوج من ابن خالتى الكبير عادل ولن أتزوج غيره, وذهلنا جميعا.. هل تتزوجين يا سعادة السفيرة بابن خالتك الحاصل على شهادة الثانوية العامة فقط؟ قالت: أنا أحبه وهو يحبنى وبماذا تفيد الشهادات فى هذا الزمن, هو تاجر ثرى وعصامى بنى نفسه بنفسه وخرج للعمل وهو فى سن السادسة عشر من عمره وأنا أحترمه ولن أتزوج غيره! وتزوجا يا سيدتى ولم نستطيع أنا أو أبيها أن نثنيها عن عزمها, وطارت أختى من الفرحة, ورأيت بعينى رأس السعادة والفرحة لتغمر ابنتى وعريسها, وبقت فى نفسى غصة وألم كبير وسؤال محير أسأل عنه دولتنا المصرية.. أليست تجارة الملابس المهربة محرمة؟!
ولم أفتح فمى سوى مع زوج ابنتى عادل الذى هو ابن شقيقتى فقال لى:
- يا خالتى العزيزة الكلام ده كان زمان وإذا كان صحيحا ما تقولينه فلماذا تأخذ منى الدولة الضرائب, وقدم لى إقرارا ضريبيا يفيد بأنه دفع ضرائبه حتى آخر العام الحالى !
***
واستطردت السيدة رحمة.. ولم أفتح فمى فقد أفحمنى, لكن شيئا ما بداخلى لم يكن يستسيغ تلك التجارة حتى كانت زيارته لبيتنا منذ شهر تقريبا وقال لى وهو فى غاية السعادة !
- مفاجأة حلوة يا خالتى لقد حجزت لك أنت ووالدتى فى شركة سياحية كبيرة لحج بيت الله الحرام أنت ووالدتى .
ولكى لا تحملى هما فقد دفعت ثمن الرحلتين بالكامل أنت وأمى عندى سواء!
وبكيت وأنا حائرة وسعيدة فى نفس الوقت هل أقبل مبادرة ابن أختى وزوج ابنتى؟ وهل ماله حلال؟ وهل يتحايل على الدولة وتجارته حرام؟ وهل أقبل أم لا أقبل وقد أتى بتذاكر السفر والتأشيرات فعلا؟!
***
أقول للسيدة رحمة أن الدولة لا تحصل الضرائب إلا على البضاعة المعروفة المصدر, فربما يكون زوج ابنتك قد غير نشاطه إلى نشاط مشروع وهذا هو الأرجح, وقد استشرت الدكتور عزت راجح الخبير المالى فأيد كلامى مائة فى المائة, واستشرت الدكتور عز الدين سلطان من أساتذة الأزهر الشريف فقال تسافر على بركة الله فليس هناك أى دليل على أن ابن أختها وزوج ابنتها يعمل فى تجارة محرمة, إذ أنه يفى بالتزاماته إزاء الدولة ويدفع الضرائب بانتظام, بل كما تقول خالته هو يدفع ذكاته بالمليم, ويقيم موائد الرحمن فى شهر رمضان, وما شاء الله عليه أقول للحاجة رحمة سافرى على بركة الله, وأسأل الله أن يتقبل منك وتعودين بالسلامة من الأراضى الحجازية.
ساحة النقاش