كتبت : هايدى زكى

بحثا عن اللمة والعزوة وعملا بمثل "اغلبية بالعيال يغلبك بالمال" تعمد الكثيرات إلى إنجاب الأطفال بكثرة دون النظر إلى الحالة الاقتصادية لأسرتها أو المسئوليات التى تتضاعف على عاتقها مع كل مولود يضاف إلى الأسرة ظننا منها بأن ذلك سبيل للحفاظ عليها وزوجها.

فى هذا التحقيق نكشف لك من خلال التجارب والخبرات العلمية مخاطر كثرة الإنجاب على علاقتك الأسرية والاجتماعية وكيف تتحول إلى معول يهدم تلك العلاقات وليس سياجا للحفاظ عليها..

فى البداية تقول نهاد إسماعيل، ربه منزل: أخبرنى زوجى منذ بداية زواجنا رفضه لتنظيم النسل وكنت مؤيدة لهلأننى أحب الأطفال, لكن بعد حملى الأول تعرضت لمشكلات صحية والتى لم يبال بها زوجى، فكررت التجربة وحملت للمرة الثانية والثالثة والرابعةحتى أرهقت بشكل كاملمن تربيةالأبناءوأصبحت لاأخرج من المنزل ولا أزور أقاربى أو صديقاتى بسبب انشغالى الدائم بهم، والآن أستعجب على ما فعلته بنفسى من أجل زوجى وحبه للأطفال على حساب صحتى لأننى عندما رفضت الإنجاب مرةأخرى لحالتى الصحية الصعبة هددنى بالزواج من أخرى.

"تزوج من أخرى بحثا عن الاهتمام والراحةبسبب الأولاد وانشغالى بهم وعدم اهتمامى بنفسى ومظهرى",هكذا بدأت حديثها "ن. م" صاحبة الـ40 عاما, لكن عندما تجلس معها تشعر بأنها تقارب الـ60 عاما, فهىتشعر بالندم والخوف الشديد على أبنائها الست الذين أنجبتهم اعتقادا منها أن الأبناء يربطون الزوج ويجعلونه لا يفكر فى الطلاق تماشيا مع موروثاتها ومعتقداتها القديمة"اربطيه بالعيال"لكنهم لم يكونوا ضمانا لاستمرار حياتها الزوجية بل كانوا سببا لنهايتها.

ويقول كرم مهدى، موظف:ليتنى أنجبت ولدين أو ثلاثة فقط كى أستمتع بحياتى,فالمسئولية والضغوط المادية كثيرةوعبء كبير على موظف مثلى أب لثلاث بنات وثلاثةأولاد كلهم فى مراحل تعليمية وجامعية مختلفة،أصبحت مرهقا ماديا واجتماعيا ودائم السلف من أصدقائى وأقاربى،وزادت خلافاتى مع زوجتى وأحيانا قد تصل للطلاق, فالحياة بيننا مستمرة من أجل الأولاد, ورغم زحمة بيتنا الذى لا يخلو من الأصوات الصاخبةإلا أن الحياةبيننا صامتةوباردة.

وتقول ابتهال الحسينى، موظفة: استمعت لنصيحةأمى التى كانت دائما ما تقول "الزوجة تملك قلب زوجهابالأطفال"فقد كنت بين 6 أخوات لكن غلطتى سماع كلام والدتى, فكنت فى زفاف ابنتى الكبرى وأنا حامل لم أستمتع بحياتى وزوجى، دمرت أحلى سنوات عمرى وأحلى أوقات دخول أبنائى المدرسة والجامعة كنت مرهقة من الحمل والولادةومتطلباتهما، كثرةإنجابىتسببت فى قطعىلأقاربى، حتى أمى توفت ولم أستطع رؤيتها لانشغالى بهم،انهارت علاقاتى الاجتماعية والزوجية لفترة كبيرة وأحاول تعويض ذلك الآن.

الحمل المتكرر

تعلق د. سوسن فايد,أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث على مخاطر كثرة الإنجاب على العلاقات الاجتماعية والأسرية قائلة: تقارب الولادات يجعل الأم عاجزة عن رعاية زوجها وبيتها وأولادها والعناية بنفسها وصحتها،بالإضافةإلى أن الحمل المتكرر لا يؤدى سلبا على صحة الأم فقط بل أيضا على صحة المولودوذلك يزيد من المسئوليات عليها,إلى جانب انشغالها فى تربيةأولادها التى تختلف أعمارهم ومراحلهم التعليمية،وكل ذلك من أهم أسباب انهيار الحياةالزوجية بسبب الانشغال بمتطلبات الأسرةوعدم الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية مع الآخرين كالأهل أو الأصدقاء دون قصد منهاأو عمدلكن بسبب الضغوط النفسية والاجتماعية من متطلبات دراسيةأو صحية لأبنائها تفقد الحياة رونقها فلا وقت ولا أموال للتنزه أو قضاء وقت ممتع،فتصبح حياتها الأسرية ماهى إلا جلسات ومناقشات وأغلبها مشاحنات لكيفية تدبير متطلبات الأسرة، وغالبا ما تنتهى بخلافاتوقد تؤدى للطلاق أو الانفصال الصامت والآخر قديقرر الاستكمال فى العلاقة من أجل الأبناء فقط وهى من أصعب العلاقات لأنها خالية من المشاعر وتفقد الكثير من الحب وماهى إلا علاقة مميتة للطرفين لابد من بحث عن حلول لاستكمال العلاقة بحب وذلك لا يتم إلا من خلال التفاهم وعدم والانسياق وراء من المعتقدات والموروثات القديمة الخاطئة مثل "اربطيه بالعيال,الأولاد عزوة, كل طفل له رزق"وهكذا.

جيل الغد

تقول د. هالة الحسينى،أستاذ مساعد علم الاجتماع بجامعة الأزهر: التنشئة الاجتماعية لها دور كبير لأن طفلة اليوم أم الغد،وما تربى عليه أبناء اليوم وشاهدوه فى بيوتهم هو حجر أساس بيوت المستقبل، لذا يجب الاهتمام فى المؤسسات التعليمية والحملات التوعوية والإعلام بأهمية زرع الأفكار السليمة والصحيحة التى تعمر البيوت وتساعد على الحب بين الزوجين ومعرفة كل زوجة وزوج أن الأطفال هم وسيلة لزيادة الحب والمودة وليست عصا تستخدم للضغط علىالشريكلتلبية متطلبات ورغبات، وأنهم سلاح إما أن يستخدم لبناء أسرة وتعميرها أو دمارها وانهيارها بسبب عدم تقدير الإمكانيات والمتطلبات المادية والاجتماعية والأسرية والسعى وراء أحلام وأوهام لا علاقة بها بالحقيقة،فكل أسرة لها إمكانياتها وقدرتها على التربية, فهناك من يستطيع تحمل مسئولية طفل فقط والآخر يستطيع تحمل أكثر ويجب مراعاة عدم تدخل الأهل بين الزوجين وإعطاء أولادهم المساحة الكافية من الحرية فى تخطيط حياتهم بما يناسب قدراتهم والاكتفاء بإعطاء النصيحة فقط.

الاتفاق.. أساس سليم

تؤكد إيمان عبد الفتاح، خبيرة التنمية البشرية والعلاقات الأسرية على ضرورةالتفاهم بين الزوجين قبل الزواج ومناقشة بعض الأمور كالإنجاب ووضع بعض الحدود ومعرفةقدرات ورغبات وإمكانيات كل منهما والتواصل لحلول مرضية لجميع الأطراف، وأنصح المرأة بألا تجعلأولادها سلاحا يدمر حياتها العاطفية, فعلى الرغم من أن الزوج محب لأطفاله ويقدر الأمومةلكن ليس على حساب علاقته الزوجية، فعندما يرى اهتمام زوجته بهم وانشغالها عنه ينفر ويغضب وقد يبحث عن الحب والاهتمام فى مكان آخر، لذااظهرىله عزيزتى حواءولا تخفى مشاعرك.

المصدر: كتبت : هايدى زكى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 332 مشاهدة
نشرت فى 4 ديسمبر 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,457,393

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز