بقلم: ابراهيم شارود
هى جدة السلاطين المصريين؛ فمن نسلها أربعة عشر سلطانا ولدوا فى مصرى وعاشوا وماتوا فيها، بالإضافة إلى زوجها السلطان قلاوون وابنها فاتح عكا السلطان المصرى الملك صلاح الدين والدنيا خليل بن قلاوون الذى كان عنده عزم لا يلين وهدف لم يتنازل عنه وهو إنهاء الاحتلال الأوروبى والغربي لبلاد الشام، ورغم ما عرض عليه من إغراءات مادية وما تعرض له من خدع ومكر إلا أن ذلك لم ينل من عزمه، فلم يخضع للإغراءات المادية الضخمة عندما أرسل له المحتلون وفدا كبيرا برئاسة الأمير المخادع حلو الكلام شديد الإقناع ذو الابتسامة التى تحلو وجهه تخبئ خلفها مكر المحتل وعينان كلاهما خبث القائد الأجنبى المحتل فيليب ماينبوف، محملا هذا الوفد بالهدايا والأموال الضخمة وقناطير الذهب والفضة لإقناع السلطان خليل بالعدول عن تحرير عكا والمحافظة على المعاهدة، إلا أن السلطان البطل خليل لم تحرك فيه الهدايا والأموال الضخمة وقناطير الذهب والفضة حتى شعرة، ورفض مقابلتهم وقام بحبسهم نظرا لجرائمهم تجاه أهل عكا وتآمرهم المستمر.
ولنا أن نتخيل ماذا لو وافق وخضع السلطان لذهب المحتل؟ لربما كان الشام محتلا من الغرب حتى الآن، وهذا يوضح لنا عظمة السلطانة قطقطية، والسلطان قلاوون، وعظيم تربيتهم ليكون ابنهم السلطان خليل بكل هذه العظمة والعزة والعزم، فيرفض قناطير الذهب والفضة ليحقق هدفه العظيم للأمة كلها وهو تحرير الشام من المحتل، فوفقه الله ملك الملوك صاحب العظمة ومانح العظمة فجعل خليل فاتح عكا وجعل السلطانة قطقطية أم فاتح عكا ويا له من مجد وثواب إلى يوم الدين.
وكان لصلاح الدين كرامة بفضل الله عز وجل كما ذكر؛ فقد جاءت سفينة ضخمة فيها منجنيق يقذف نيران ضخمة تجاه خيام الجيش المصرى العظيم، وفجاءة قامت عاصفة هوجاء جعلت السفينة تتقلب على الأمواج، وكسر المنجنيق ولم يعد يعمل ونصر الله الجيش المصرى بقيادة خليل بن قلاوون، والقصة مذكورة فى فرسان الإسلام وحروب المماليك صفحة رقم 281.
إن تربية السلطانة قطقطية والسلطان قلاوون لابنهم السلطان خليل هو نموذج عظيم يدرس فى تحقيق هدفه الذى كان الكل يتوقع استحالة تحقيقة لدرجة أن المؤرخ الفرنسي جميس واترسون قال بالنص عن فتح عكا وتحرير الشام بالكامل من الاحتلال الأجنبي: "النتيجة التى لم يكن يحلم بها أحد".
ساحة النقاش